يعقوب أحمد الشراح

&

&

&

تضطرب أحوال اليمن في هذه الفترة بشكل قد يؤدي إلى تدخلات دولية للحفاظ على الأمن والسلام الدولي بعد أن أصبح اليمن ومنذ أمد مرتعاً لحروب أهلية وقبلية وإرهابية لا تتوقف أدت إلى الدمار والفوضى، خاصة وأن الأزمة تشتد وتأخذ أحياناً الطابع السياسي والطائفي. كل الحروب الأهلية السابقة لم تكن تستند على الطائفية السياسية مثل ما هو حاصل حالياً بين الحوثيين والطوائف الأخرى. فعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود لم نسمع بالحوثية إلا في السنوات الأخيرة، وخلال نهاية حكم علي صالح عندما اشتدت المعارك والخلافات مع الحوثيين والحكومة رغم أن غالبية الحوثيين يعيشون في محافظة صعدة والتي تبعد عن مسقط بحوالي (240) كم.

يستدل من الدراسات عن الحوثية أنها طائفة ظهرت بشكل لافت في بداية عام (1986) عندما أنشأ الزيديون «اتحاد الشباب» كتنظيم غير سياسي يركز على تدريس المذهب الزيدي بقيادة العالم الزيدي بدر الدين الحوثي، لكن مع التطورات السياسية، وخاصة الوحدة اليمنية في عام (1990) تحول «اتحاد الشباب» إلى «حزب الحق» السياسي الذي يمثل الطائفة الزيدية بقيادة الابن حسين بدر الدين الحوثي.

وعندما وقع الخلاف المذهبي بين حسين الحوثي وعلماء الزيدية في اليمن حول التأقلم في معتقدات الزيدية بما يتناسب مع تحولات العصر، وان شرط النسب الهاشمي للأمانة لم يعد مقبولاً اعترض حسين الحوثي، خاصة وأنه اعتبر من فرقة «الجارودية» التي كانت أفكارها تتقارب مع الاثنى عشرية الشيعية. ولقد أدى هذا الخلاف بين الزيدية إلى حروب أهلية لم تكن للحكومة دور فيها سوى إهمال هذه الطائفة، خصوصاً وإنها طائفة ظلت تعيش الفقر والبؤس لسنوات طويلة جعلتها أكثر معارضة لسياسات الحكومة وباحثة عن مخرج تمكنها من السيطرة والمشاركة السياسية في الحكومة.

لذلك فإن حروب الحوثيين مع السلطة اليمنية والقبائل الأخرى أدت إلى مقتل أكثر من (20) ألف جندي، وأكثر من (30) ألف مدني، ناهيك عن المعاقين من المدنيين، وتهجير نحو نصف مليون إنسان.

كثيرون يعتقدون أن الصراع الدائر حالياً مع الحوثيين في اليمن مذهبي يعتمد على المعتقد الزيدي وتعاطف إيران مع ذلك رغم أن التحليلات تشيرإلى أن الصراع الدائر هو طائفي سياسي بالدرجة الأولى. فالحوثيون ليسوا منظمة إرهابية موالية للقاعدة أو تابعة لفصائل أخرى إسلامية. كما أن أفعالهم في الداخل لا صلة لها بالإرهاب العابر للقارات والقوميات، وليس لهم علاقات بمنظمات إرهابية يمكن إثباتها في هذا الوقت.

فكما يبدو أن جل اهتمام الحوثيين ينصب في تحسين أحوالهم المعيشية، وأن يكون لهم دور في الحكم أسوة بالأحزاب الأخرى من أجل التغيير في الأحوال البائسة التي عاشوها سنوات طوال لم تتحقق لهم أي شيء من وعود علي صالح لهم سوى استغلالهم ووصفهم بأنهم إرهابيون من أجل كسب الدعم المادي والمعنوي لحكمه.

إن مشروعية مشاركة الحوثيين في الحكم لا غبار عليه، وهو حق مشروع، لكن تصرفات الحوثيين وهمجيتهم بعدم التفاهم والقبول بالحوار الديموقراطي مع الأطراف السياسية الأخرى هي الأساس في جعل الأوضاع معقدة ومنفلتة، ويبدو أن الحوثية انقلبت على الحكم بدليل سيطرتها على الحكومة وحل البرلمان مما يعني انفتاح أبواب واسعة لنزاع داخلي يؤدي إلى عواقب، منها التدخلات الخارجية المحتملة والتي تجلت بوضوح في إعلان مجلس التعاون الخليجي بأن الانقلاب تصعيد خطير، وأن ما يحصل تهديد لأمن المنطقة يستدعى التصويب والعمل بميثاق الجامعة العربية من أجل الاحتواء العربي للأزمة اليمنية على وجه السرعة.


&