& يوسف الكويليت


دعونا من أوهام القراءات الخاطئة لبروز الإرهاب من المنطقة العربية، والاعتقاد بأن مجاميع صغيرة، مئاتٍ من أنصار، ومفتين، وداعمين ماليين استطاعت بناء مجاهدين في أفغانستان بمسمى طالبان والقاعدة لهدف طرد المحتل السوفياتي، وحتى لا نرتهن للدعايات وسطوة الإعلام الأمريكي الذي طالما كان خالق الكذبة ومروّجها ليصدقها الآخرون، فإن بروز منظمات على درجة عالية من الأدلجة والسيطرة على ثاني أكبر مدينة في العراق (الموصل)، والاستيلاء على كتائب عسكرية هرب منها قادتها وجنودها، وبواسطة جماعات لا تملك أي قوة عسكرية تهزم نظام المالكي، ثم تتمدد على أجزاء من سورية وتصل إلى ليبيا، ثم نرى أمريكا في مجلس الأمن تعاتب الحوثيين على إسقاط حكومة منتخبة فيما نجدها مع إيران هما الأساس في تغيير بنية الدولة اليمنية بزعم أن الحوثيين هم من يستطيع مقاومة وضرب القاعدة، ثم يأتي ما هو أهم حين أعدمت داعش واحداً وعشرين قبطياً، وتقدم العرب بمشروع حول ليبيا وتزويدها بالسلاح فتوظف أمريكا قوتها بإسقاطه لمجرد أن الحكومة المصرية اتخذت قرارها بضرب قواعد داعش دون أن تنسق أو تستشير الدولة العظمى ورئيسها أوباما، فماذا يعني ذلك..

هذه الوقائع هي مجرد صور صغيرة أمام مشروع أعد منذ سبعينيات القرن الماضي بتدوير الصراع في المنطقة العربية، والبحث عن مواقع الضعف الرخوة في البطن العربي بعيداً عن الحركات اليسارية والقومية المفلسة لتجد في الدين، وخاصة بعد ثورة الخميني المؤثر الأساسي في لعبة خلط الأوراق، ومن يتذكر مقدمات صراع الحضارات والأديان، ووضع الإسلام في مقدمة الحروب القادمة، يجد أن الأمور أعدت بسوابق التاريخ الماضي في غفلة من قادة وساسة العرب، على اعتبار أن المنتج الديني ليس أمريكياً أو إسرائيلياً أو لأي بلد خارج تلك الدائرة للتأثير على الجماعات والمنظمات القابلة لأن تدخل الوظيفة الجديدة في تمرير عمليات تخدم سياسة الدولة العظمى وحلفائها..

هناك تصريحات وتسريبات وعمليات (مفبركة) تغري بتصديقها الكثيرين، وملهاة الإرهاب جزء من حرب طويلة غايتها أن تكون المنطقة العربية جمهوريات موز ولذلك فالعداء مع بريطانيا وفرنسا سابقاً أثناء الاستعمار، حل بديلاً عنه الاستعمار الخفي والمبطن والذي لا يحتاج إلى غزوات وتجييش قوات مسلحة أو حصار اقتصادي وسياسي، وإنما بناء منظومة عمل إرهابي تعمل بالنيابة على تحقيق مشروع الفوضى الخلافة، حتى إننا بعد خطاب الرئيس أوباما في جامعة القاهرة، كدنا أن نعطيه العمامة والقفطان لإدخاله الإسلام بعد ذلك الحماس، وهي الخدعة التي انطلت علينا جميعاً لنكتشف أنه الأسوأ في كل رؤساء أمريكا حين حاول أن يكفر عن عقدة الإسلام الموصوم بها، لينفذ أخطر مؤامرة، ويقود عمليات تعدت احتلال العراق إلى سعي مبرمج في إغراق المنطقة بالإرهاب، ليتم نزع دورها وهويتها وتوزيعها بين القوى الإقليمية الثلاث إسرائيل، وإيران وتركيا، وهذه مجرد الرؤى المبكرة للمشروع، ولذلك فمن يعطي أنصاف الثقة لساسة أمريكا القائمين على إدارة الدولة، هو كمن يثق بأن يصادق على إخاء دائم بين إسرائيل والفلسطينيين!!
&