دحام العنزي

دول مجلس التعاون تستشعر المسؤولية الجسيمة تجاه المحافظة على الدولة اليمنية، وإعادة سفراء الخليج -إلى عدن موقتا- ستدفع بقية دول العالم لإعادة بعثاتها الدبلوماسية إلى عدن بعد أن غادرت صنعاء

&الزيارة التي قام بها الأربعاء الماضي أمين عام مجلس التعاون الخليجي السيد عبداللطيف الزياني إلى الرئيس اليمني منصور هادي في عدن تعد دعما خليجيا واضحا للشرعية ضد الانقلاب الحوثي. عبدربه منصور استطاع الإفلات من الاعتقال والإقامة الجبرية في منزله بصنعاء وخرج إلى عدن، ولا يعرف أحد حتى اللحظة كيف تم هذا، فلم يصرح أي طرف بأي شيء. يقال في الكواليس إن وزير الدفاع اليمني الصبيحي-الذي تعاون مع الحوثيين أخيرا بقبوله العمل مع حكومة الانقلاب- كان وراء خروج هادي لأسباب وطنية بحتة، وتظل الحقيقة غائبة في ظل هذه التكهنات.


تزامن وصول منصور إلى عدن مع تحركات دبلوماسية عدة وتجمعات لكيانات وأحزاب سياسية من الطيف اليمني، واشتعل حراك جميل ضد الانقلاب ودعما للشرعية. دول الخليج لم تقبل بما يحاول الحوثي فرضه كأمر واقع، وعدت استيلاءه على السلطة انقلابا على السلطة الشرعية وحاربته من الساعة الأولى. ولا تزال ورقة الشرعية بيد الرئيس اليمني لأن البرلمان اليمني (السلطة التشريعية) لم يقبل الاستقالة بعد، ولذلك لا يزال منصور هادي الرئيس الفعلي لليمن والشرعي والقانوني، حيث كان قيد الإقامة الجبرية في منزله وتم اختطاف مدير مكتبه، ثم إطلاقه في وقت لاحق في مكان بعيد عن العاصمة صنعاء. حين قدم الرئيس استقالته احتجاجا على استفزازات الشريك الحوثي ودخول ميليشياته العاصمة اليمنية كان البرلمان في إجازة، وحين قام رئيس البرلمان بالدعوة إلى جلسة طارئة قبل أسابيع تم رفض استقالة هادي.


دول مجلس التعاون تستشعر المسؤولية الجسيمة تجاه المحافظة على الدولة اليمنية ومساعدة الشعب اليمني الشقيق في ظل هذه الظروف الملتهبة، خاصة أن الحوثي يراهن على إيران ولا يهتم كثيرا بالكوارث الناتجة عن أية حرب أهلية محتملة ما دام أن السيد في طهران يريد ذلك. زيارة الزياني تعد دعما عاجلا للشرعية ولفت انتباه للقوى العالمية ودحرا للانقلاب الحوثي، وإعادة السفراء إلى اليمن -وإلى عدن موقتا- ستدفع بقية دول العالم لإعادة بعثاتها الدبلوماسية إلى عدن بعد أن غادرت صنعاء. الرئيس منصور هادي كان سعيدا جدا بهذه الزيارة، وكذلك القوى السياسية المتزنة في المشهد اليمني لما لها من دلالات محلية وإقليمية ودولية، خاصة أن عودة هادي لممارسة مهامه هي الحل الأوحد لتفادي الحرب الأهلية والمجهول، إذ استطاع بذكاء وسرعة لملمة الموقف بمساعدة الخليجيين والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن. الزياني أدان انقلاب صنعاء ونقل تأييد قادة دول المجلس للشرعية اليمنية متمثلة بالرئيس المنتخب هادي، وأكد أن سفراء دول الخليج سيمارسون عملهم من عدن قريبا دعما للدولة اليمنية وشرعية النظام حتى يتم تحرير صنعاء من ميليشيات الحوثي التي تنشر العنصرية والطائفية.


أثق أن سفير الولايات المتحدة وبقية دول غرب أوروبا -وأولها فرنسا وبريطانيا- سيعودون، وأن تلك الدول الفاعلة في الأمم المتحدة ستعيد سفراءها إلى اليمن ليعملوا من عدن أيضا كما فعلت دول الخليج ثقة في توجهات دول المجلس، وسيسهمون في تحرير صنعاء المحتلة.

قبل قليل وأنا أكتب هذا المقال استوقفتني تهديدات أوردها المتحدث باسم جماعة الحوثي على بعض القنوات العالمية بأنهم سيمهلون الرئيس اليمني بعض الوقت ليوقف نشاطه أو سيقومون بمهاجمة عدن واحتلالها. أعتقد برأيي أن تهديد الحوثي فيما يتعلق بمهاجمة عدن للاستهلاك المحلي ومحاولة كسب جزء من القوة في المفاوضات القادمة التي سيجبر عليها عن طريق مجلس الأمن والأمم المتحدة. وأعتقد أن مجلس الأمن سيتجاوز العقدة الروسية بشأن اليمن هذه المرة، فالدول الغربية تبدو مصممة وتصريحات أوباما في السياق نفسه تجاه رفض الانقلاب، وروسيا تعرف جيدا متى تقف حين تكون أميركا جادة بفرض أمر معين.

عودة سفراء الخليج إلى عدن رسالة تطمئن الشعب اليمني، مفادها أننا في دول الخليج لن نتخلى عن اليمن ونتركه ليواجه مصيره وحيدا، أو أن يظل تحت رحمة العدو الإيراني، بل إن عودة السفراء دعم لصناعة مستقبل يمن سعيد.


إيران لا تزال منشغلة بالمناورات العسكرية في الخليج، بل إنه بعد زيارة الزياني إلى عدن ظهر تصريح على شاشة bbc لرئيس الأركان الإيراني يتهدد ويتوعد كعادته دول الخليج بمهاجمتها لو استمرت في التدخل بالشأن اليمني في وقاحة لا مثيل لها. في كل مرة يكرر عسكر إيران هذه الخزعبلات مع كل مناورة عسكرية وهم يجيدون البهرجة والتصريحات المثيرة، لكن ذلك كله للاستهلاك المحلي في إيران لصرف النظر عن مشاكلها الداخلية.


إيران تعاني من بطالة وفقر وانتشار للجريمة والمخدرات واقتصاد وطني بدأ ينهار مع تراجع أسعار النفط دراماتيكيا، بينما قافلة سفراء دول الخليج تمضي لمصافحة اليد اليمنية وتدعم الشرعية وتثبت للعالم أجمع -وأولهم العدو الإيراني- أن الرياض ومن خلفها عواصم الخليج لن تسمح بهيمنة عميل طهران، وترفض انقلابه، وستتمكن من الوقوف بجانب اليمن ليعود سعيدا. لذلك نراهن على حكمة أحبابنا في اليمن.

&