حسين شبكشي

المأزق الكبير والحقيقي الذي يواجه علماء الدين في العالم الإسلامي، هو محاولة تفسير أعمال المنظمات الإرهابية التكفيرية مثل القاعدة وحزب الله وداعش على أنها أعمال («خارجة» عن الإسلام، و»لا تمثل» الدين الإسلامي و»الإسلام منها براء) لأن هذه المنظمات لم تقم بأي عمل من أعمالها «المنفرة» و»الإجرامية» من دون أن تقدم ـ حسب فهمها ـ الحجة والبرهان والدليل والفتوى القطعية من التراث الفقهي. كون هذا الإرث لا يمثل «رأي الجمهور» وأنه لا يمثل «الإسلام الوسطي» وليس «بالمعنى الحقيقي للنص» وغيرها من المبررات والمسوغات التي تخرج للدفاع عما تم الاستناد إليه من آراء وفتاوى وتراث لا يلغي بأي حال من الأحوال وجود ذلك الأمر بشكل قطعي الدلالة والوضوح.


هنا يمكن حقيقة المأزق وعظم المشكلة. لأن داعش وغيرها من المنظمات التكفيرية الإرهابية، تقول للعالم بشكل صريح ومباشر وضمني أنه فعليا هو الذي يقوم بتطبيق الشريعة الإسلامية ويوهمون العالم بهذا، ويواصلون التقتيل والتنكيل باسم الإسلام.


وإذا كنا نردد منذ القديم الحديث الشريف على صاحبه أفضل صلاة وأتم سلام، والذي وضح فيه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أن الله يبعث كل مائة عام على أمة الإسلام من يجدد لها دينها، وبالتالي التجديد مهم وضروري لتثبت صلاحية ومفهوم وفكرة أن الدين صالح لكل زمان ومكان، هذه الفكرة لا يمكن أن تثبت وترسخ بالاعتماد فقط وحصريا على الماضي العتيق.


التاريخ الإسلامي على مر الأزمان والأوقات كان فيه مجموعة غير بسيطة من المحاولات اللافتة والمهمة، تتعلق بكيفية التعامل مع الأحكام والحدود، وهناك آراء فقهية مهمة مدارها يقول إن الحدود والأحكام تدور مدار المصلحة والمفسدة.


هذه أزمة من الأزمات الصريحة التي يواجهها التراث الديني والفكري والسياسي التي نعيش معها اليوم وهي تذكرنا بحجم الجرم العظيم الذي أصاب كل محاولات الإصلاح والاجتهاد والتجديد والتطور، وإعمال صوت العقل وتقديم المصلحة، لأن هذا الصوت المطالب بكل ذلك كان دوما ما يواجه باللامبالاة، وهناك بعض المؤسسات الفقهية التي كانت دوما تضع هالة على باب الاجتهاد.


لا سبيل ولا مناص إلا بتطهير التراث من الشوائب التي أصابت وسكنت في كتبه وإعادة إنتاجه من جديد بإزالة هذه الشوائب.


هناك أزمة بحاجة لحل فوري.