الأردن: الإخوان& و«الإطار البديل» لإضعاف تيار «المقاطعة» خطوة تتزامن مع التحضيرات لقانون الإنتخاب الجديد


بسام البدارين

&&الإحتمالات التي تثيرها أزمة الخلاف والإنقسام الحالية داخل صفوف الإخوان المسلمين في الأردن لا تقف عند حدود المخاطر المتعلقة بحصول إنشقاقات محتملة داخل المجموعة الأكثر تنظيما وجماهيرية في البلاد بل تتعدى نحو خطوة غامضة النتائج هذه المرة يمكنها أن تعيد إنتاج ملامح المشهد السياسي الداخلي.


التزامن سياسيا واضح تماما بين السعي لإضعاف المكتب التنفيذي الحالي القوي في الصف الإخواني بقيادة الشيخ همام سعيد المراقب العام، وبين المحاولات النشطة لسلفه الشيخ عبد المجيد الذنيبات لتسجيل حزب مرخص يحمل إسم الإخوان المسلمين بالتوازي مع قرب إستحقاق البحث في قانون جديد للإنتخاب.
أصل الخلاف بين السلطة في الأردن وجماعة الإخوان ينطلق من برنامج مقاطعة الإنتخابات العامة منذ عام 2010 تنفيذا لإستراتيجية الطعن في شرعية البرلمان وبتزوير الإنتخابات حيث رفض الجناح الحالي المتحكم بالسلطة على التنظيم الإخواني عدة مرات التساهل إزاء صيغ إنتخابية مطروحة والمشاركة في الإنتخابات.
هذا الرفض كلف الدولة في الإنتخابات الأخيرة العمل على تصعيد قوة حزب الوسط الإسلامي في تجربة يرى المحلل السياسي الإسلامي ياسر زعاترة أنها مخفقة لإن فكرتها كانت الترامي في حضن الدولة الضيق الذي لم يتزاحم كثيرون عليه إبتداء من مجموعة زمزم وحتى حزب الوسط الإسلامي.
في كل الأحوال «لا بديل» عن الإخوان المسلمين لإضفاء شرعية حقيقية على إنتخابات عامة سواء اكانت برلمانية أو بلدية، الأمر الذي إعتبرته النخب الرسمية من مؤشرات السعي للعبث بقواعد اللعبة المألوفة رغم ان القيادي في الحركة الإسلامية الشيخ علي أبو السكر قال أمام «القدس العربي» عدة مرات أن مسألة مشاركة الإخوان المسلمين من عدمها تبدو جزئية قياسا بالهم الوطني الحقيقي والأهم المتمثل في وجود قانون إنتخاب عصري وحديث يخدم فعلا لا لفظا الإصلاح السياسي والوطني.
أبو السكر أقترح في عدة مساجلات علنية وسياسية له بأن ترتكز المداخلات على قانون الإنتخاب والإصلاح وليس على مشاركة الحركة الإسلامية فيها.
لكن في أعماق أوساط القرار والسلطة لايتم التعامل مع المسألة على هذا الأساس فمقاطعة الإنتخابات وخصوصا بعد إنطلاق موجات الربيع العربي في السنوات الأربع الماضية كانت «عدائية» وتقفز برسائل سلبية من جماعة الإخوان المسلمين ضد السلطة او ضد نمط الشراكة الكلاسيكي في تقاليد العلاقة بين الحركة الأخوانية ودوائر الدولة من خمسينيات القرن الماضي.
وهو النمط نفسه الذي بدأ نائب المراقب العام الحالي السجين الشيخ زكي بني إرشيد تغييره عندما رفع مبكرا شعار «شراكة مع النظام وليس تبعية له».
يمكن القول وفقا للعرض سالف الذكر بأن مظاهر الإرتياب عند مؤسسات القرار في الإخوان المسلمين تسللت بعدما قفزت إلى السلطة في التنظيم الأخواني القيادات التي تؤمن بعدم المشاركة في الإنتخابات وعلى أساس انها مرتبطة بجهات خارجية ومن بينها حركة حماس علما بان الزعيم السياسي لحماس خالد مشعل وبطلب مباشر من شخصيات أردنية رفيعة المستوى طلب من الإخوان المسلمين عشية الإنتخابات الأخيرة التفكير بوقف مقاطعة الإنتخابات والمشاركة فيها.
طلب مشعل إستمعت إليه «القدس العربي» كرواية لحدث من مصدرين، الأول هومشعل نفسه الذي قال بأن حماس لا تتدخل إطلاقا في الشؤون الأردنية ولا في شؤون تنظيم الإخوان المسلمين، والثاني هو الشيخ إرشيد الذي كشف قبل سجنه الأخيرة مباشرة للقدس العربي بأن قيادات في حماس توسطت بضغط من الدولة الأردنية لصالح إنهاء فكرة مقاطعة الإنتخابات وليس العكس وتم تجاهل نصيحتها ورغبتها.
بكل الأحوال بقيت مسألة ملف الإنتخابات في الأردن عنصر الخلاف الأساسي بين السلطة والمجموعة الأخوانية على اساس ان مشاركة الإسلاميين في الإنتخابات العامة قد تكون دليلا عمليا على أنهم لا يطمحون بإعادة إنتاج اللعبة الداخلية على الأقل في مستوى علاقتهم بمؤسسات القرار.
على هذا الأساس يبدو الرابط منطقيا بين الأزمة التي اندلعت فجأة في حضن الإخوان المسلمين وعبرت عن نفسها بفصل عشرة من القيادات الكبيرة بينهم الذنيبات وبين «نمو» إستحقاق قانون الإنتخاب في كواليس وخلف ستارة دوائر القرار الأردنية.
حكومة الرئيس عبدالله النسور تعهدت بتحويل مقترحها بشان قانون الإنتخاب الجديد الصيف المقبل وصيغة «الصوت الواحد» التي إستهدفت الإخوان المسلمين عمليا طوال 20 عاما سقطت وفقدت فرصتها في البقاء والصمود والنية تتجه للعودة إلى صياغة نظام الصوت الثنائي في أسوأ الأحوال والصوت المتعدد في أحسنها.

الإنتقال في محطة إتجاه الإصلاح الأردني يتطلب التفاهم مع أضخم تنظيم جماهيري في البلاد عمليا حيث من الصعب الإسترسال في هندسة قانون الإنتخاب الجديد بعيدا عن «الصوت الواحد» بدون تفاهمات حاسمة تتعلق بمشاركة الإخوان المسلمين من حيث حجمها ونوعها وهو ما كان يحصل في العادة منذ عام 1989 حيث التحول الديمقراطي.


قيادة مطبخ الإخوان الحالية لا تبدو مهتمة بمثل هذه التفاهمات وتسعى لإعادة تنميط العلاقة مع الدولة على أساس الشراكة المتكافئة وهو امر لا يعتبر من الخطوط الحمراء بالنسبة لكثيرين في المؤسسات الأردنية العميقة.
من هنا حصريا يمكن قراءة أهمية خطوة الذنيبات ورفاقه المتمثلة في السعي لتقديم طلب الحصول على ترخيص حزب سياسي جديد إلى وزارة الداخلية يحمل إسم الإخوان المسلمين عموما لكنه لا يمثل مؤسساتهم الحالية بل ينقلب عليها ويحافظ على الإسم والهوية الحزبية بإستحكام التيار»البديل» الداعي دوما للمشاركة في الإنتخابات بدلا من مقاطعتها وبعد إقصاء «القيادة الحالية» التي تستحكم بدورها ببؤرة مقاطعة الإنتخابات.
&