&

&

مساعد العصيمي


&

لم يخالف الزميل العزيز وائل القاسم في مقاله بجريدة الجزيرة الحقيقة، وهو يستشهد بالتآلف والتسامح والتآخي بين المذاهب في دولة عمان الشقيقة، ولم يكن ذلك مستغربا من شعب رفض الفتن واجتمع على قلب رجل واحد.
لكن ما لفت نظري أيضا خلال المقال الرائع أن ثمة عُمان أخرى في بلادنا صمدت أمام كل قوافل التخريب والتحزيب وظل شعارها التحاب والتآخي وتعميق معنى المجتمع الواحد. هي الأحساء العامرة بالنخيل والحب، هذه المحافظة التي تمتد كثيرا عبر قرى يصعب حصرها من كثرتها، لا تعرف الأحقاد والضغينة المذهبية، أهلها يجتمعون على كلمة محبة وتآخٍ ويتفقون على أنهم واحد، أرضهم واحدة وماؤهم واحد.
أهل الأحساء عرفوا من أراد باجتماعهم فتنة، وليس ببعيد عنّا حادثة قرية الدالوة، إلا أن من أرادوها كرها وتناحرا عادوا خائبين مدحورين من شدة أن مثل ذلك زاد أهل هذه الأرض الطيبة تماسكا وتعاضدا. لم يفت في عضدهم من أرادها طائفية وتفرقة، ولم يغرهم من يريد جعلها فوقية انتقامية. الأحساء ما زالت صامدة وستظل كذلك بإذنه تعالى.


ومع الرقي الفكري والتعايشي الذي عليه أهل الأحساء، جدير أن نفخر بأن هناك من ينتمي إلينا وننتمي إليه، وأنه عصي على الاختراق والتخريب، ديدنه دحر كل من أراد تفرقة وخرابا، فوأد دعوته وهي في مهدها.
نشير إلى ذلك وبعض مواقع التواصل الاجتماعي أرادت أن تخرج أهل عمان من تماسكهم إلى الفتنة، لكن تم وأدها في محلها عبر حملات عاقلة مدركة دحرت من أراد شرا، بل عززت فعلها بأن كشفت من سهلوا ذلك وأرادوا تمريره.
ولن يعيينا في هذا المقام أن نشير إلى أن هناك مشايخ فتنة في كل بلد ومن كل الطوائف، وإذا لم يتم تدارك خطرهم، بل والقضاء عليهم، فعلى البلاد التي يمموا تجاهها السلام، ولا أحسب أن عُمان الدولة، والأحساء المحافظة السعودية الكبيرة إلا تعانيان من مثل هؤلاء، وإن كانتا أشد مقاومة ورفضا من غيرهما، صلابتهما تنبع من طيبة أهلها وتسامحهم ورفضهم كل ما فيه كيد وضغينة.
أعود إلى فقرة مهمة في مقال الزميل القاسم وفيها يشير إلى أن هناك وسوم تويترية هدفها إثارة الفتنة بين الطوائف في عمان. وصدق الزميل أن مثل ذلك العمل لإثارة الفتنة الطائفية، لكن ما كنّا نتمناه ألا يندفع البعض من المعروفين لتبني ذلك كما فعل الشيخ العماني مسعود المقبالي، ليكون كما هم صانعو الوسم وناشروه أحد مثيري القلق وهو يتبنى الطائفية في أحاديثه الكثيرة المملة التي اتخذت من مخالفيه هدفا لها. لكن ما زال أهل عُمان على الوعد وهم يتجاوزونه ويرفضونه.
في هذا المقام نتمنى أن تظل عُمان رائدة في التآخي والتعاضد، كما نتمنى أن يعزز الجميع توجه الأحساء النبيل والمثالي، مع عدم إغفال التصدي لأصوات الفتنة القادمة من الساحل الشرقي ومن الصحراء. لتظل الأحساء المثال الراقي الذي نعتز به ونذكره في كل مقام، بل والفعل الحي على أن نتاج التسامح والتآخي ازدهار ورقي فكري. حتى لو أراد العابثون غير ذلك.

&