حسين شبكشي


قياس أداء الحكومات والدول عادة ما يكون بعد انقضاء مائة يوم من تسلم قيادة جديدة لإدارة شؤون أي بلد، وفي السعودية هناك حراك ديناميكي لا يمكن إغفاله، يجعل الناس تقيم الأداء بشكل مغاير تماما.


أظهرت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أسلوبا حازما حاسما منذ الساعات القليلة الأولى بعد تسلمه الحكم عبر إصداره سلسلة مميزة من القرارات الملكية التي تم فيها تحديد خارطة مستقبل الحكم، وتجديد الدماء في عدد غير بسيط من المناصب الحكومية، وكذلك إعادة هيكلة للجهاز الإداري في الدولة بأسلوب وبطريقة تظهر رؤية وتوجه وبصمة العهد الجديد.


ثم تابع العالم ولا يزال، سلسلة الزيارات الكبرى والمميزة المتواصلة القادمة إلى الرياض، ويتضح أن هناك نقطة جذب مهمة تنطلق من الرياض لجذب الدول العربية والإقليمية والدولية، لإعادة البرمجة والتحاور في أهم القضايا التي تعني السعودية في ملفاتها المهمة المتعددة، سواء أكانت أمنية أم اقتصادية أم سياسية أم عسكرية. واللقاءات السعودية تعكس رغبة سعودية في التنسيق العميق مع الدول التي تقع في محيطها المباشر أو في مدارها، ويهمها أيضا «التنسيق» و«المصارحة» و«الاتفاق» أو حتى «التوافق» مع أكثر من دولة في أكثر من موضوع وملف، وهذه الحيوية السعودية انعكست على الشعب السعودي نفسه وهو يتابع باهتمام مجريات الزيارات المتتالية ومحاولات التحليل والفهم لما يحصل، وكعادتها كانت السياسة السعودية الرسمية تكتفي بلغة «الصورة» وتترك التفاسير للجميع بحسب ما يرتئونه ويفسرونه، لأن الصورة أقوى من كل الكلمات كما كان واضحا.


ووسط هذه الأحداث المتلاحقة كان العالم على موعد مع خبرين مفرحين من قلب المآسي الحاصلة في اليمن الجريح، الخبر الأول كان «إخراج» الرئيس الشرعي للبلاد هادي منصور، الذي كان تحت الأسر والإقامة الجبرية على أيدي عصابة الحوثيين التي قامت بانقلاب كامل على السلطة الشرعية، مستعينة بالدعم الإيراني المقدم بالمال والعتاد والخبراء، وكان الخبر بمثابة الصدمة للحوثيين وداعميهم في إيران، لأنه أعاد اللعبة وأدوارها إلى أيدي الشرعية التي اتخذت من عدن عاصمة «مؤقتة»، واعتبرت أن العاصمة صنعاء مدينة «محتلة»، وتفاعلت مناطق مختلفة حول اليمن بإيجابية شديدة مع هذا الخبر، ليخرجوا إلى الشوارع متعاهدين على «تحرير» البلاد بالكامل، وإعادة شرعية الرئيس لها.


والخبر الثاني جاء بعد أيام قليلة من هذا الخبر، وتمثل في تحرير الدبلوماسي السعودي المختطف عبد الله الخالدي، الذي كان في قبضة تنظيم القاعدة الإرهابي ليظهر في السعودية وسط استقبال رسمي مهيب، انعكس بتفاعل شعبي هائل في وسائل التواصل الاجتماعي.


وتسجل السعودية بهذين الخبرين حيوية مهمة تحسب لها، في بلد يعتبر جارا استراتيجيا مهما أهمل لفترة. والآن يبدو أن الثقة السعودية الجديدة، تمكنت من «تسجيل» نقاط سياسية وأمنية ومعنوية بالغة الدلالة والأهمية. كل هذا الحراك يؤكد الحيوية «الجديدة»، ذات النكهة «الديناميكية» والإيقاع السريع، التي تميزت بها الأيام الأولى لفترة حكم الملك سلمان بن عبد العزيز، مما يجعل الشعب السعودي ومحبي السعودية يأملون ويطمعون في المزيد منها.

&

&

&



&