علا عباس

عقب زيارة النواب البرلمانيين الأربعة لبشار؛ صوت غالبية الفرنسيين بالرفض حول إمكانية الحوار مع الأسد، لأنه المسؤول عن "الحرب الأهلية" التي تشهدها سورية منذ أربعة أعوام

&


لم يثلج استطلاع الرأي الذي أجراه المعهد الفرنسي للرأي عقب زيارة النواب البرلمانيين الأربعة لبشار الأسد صدر المؤيدين الراغبين في تطبيع العلاقات مجددا مع الرجل.


فغالبية الفرنسيين صوتوا بالرفض حول إمكانية الحوار معه، لأنه المسؤول عن "الحرب الأهلية" التي تشهدها سورية منذ أربعة أعوام، إلا أنه في الوقت نفسه جعلهم يتفاءلون بنجاح بروباجندا "داعش" وأسلمة الثورة في تخفيف اسوداد وجه الأسد بعد أن كان مستحيلا، حتى بالنسبة لهم، قبل سنة من اليوم.


النسبة المهينة، على الأقل بالنسبة لأصحاب الضمير، لم تكن لتكون نفسها إبان مجزرة الكيماوي وقبل ظهور "داعش" وممارساتها الملغومة وفشل المعارضة المتصدرة للعمل السياسي في التوحد، وإنقاذ الثورة من مآزق مصطنعة أكثر مما هي عفوية جعلت الرأي العام العالمي يراها حربا أهلية، ولا يمكنني أن أعد موافقة تسعة وثلاثين من الفرنسيين على الزيارة سوى إخفاق فاقع اللون في إيصال صوت الشعب السوري ومعاناته المستمرة، ونجاح هائل للديكتاتور "بشار الأسد" في تنصيع صورته في بعض دول الغرب.


الاستطلاع نشرته صحيفة الأحد "لو ديمانش" الفرنسية، وخلص إلى أن 61٪ من الفرنسيين يرفضون زيارة النواب الأسبوع الفائت و56٪ منهم يعتقدون أن باريس لا ينبغي أن تستأنف الحوار مع الأسد.


وهذا يعني ببساطة وأسف أن هناك أربعة وأربعين فرنسيا من أصل مئة نسوا مجزرة الغوطة الكيماوية، ونسوا أعضاء حمزة الخطيب المبتورة، والقنابل والبراميل وصور آلاف المعذبين في سجون النظام، واختزنت ذاكرتهم فقط صور آكل القلب واللحى الطويلة والأعلام السوداء وإعدامات "داعش" الدموية وسبي الإيزيديات واضطهاد "الأقليات" من قبل "المعارضات الإسلامية المسلحة"، وكل ما تبثه الماكينة الإعلامية الغربية المنحازة للإسلاموفوبيا ولفكرة أن الكحل أحسن من العمى، وفي الخيار بين مستبدين مجنونين أحدهما "علماني" والآخر "داعشي" تصح الاستجارة من الرمضاء بالنار، لا سيما أن المعارضة المعتدلة مجرد وهم كما زعم أوباما "الأب الروحي لداعش" نفسه ذات مرة.


لا شك في أن نسبة المؤيدين للحوار مع نظام الأسد مرشحة للارتفاع في حال استمر الائتلاف السوري في فشله في تصدير المشهد السوري الحقيقي إلى الخارج والداخل، فهو الذي لم ينجح حتى اليوم في تشكيل مكاتب إعلامية تنافس آلة النظام المستشرسة في الدفاع عنه في فرنسا وغيرها من دول العالم، فيما يلهو أعضاؤه بنزاعاتهم والتنظير في الوقت الضائع، ولن أستغرب إذا لم يبق سوى فرنسي واحد مع ثورتنا بعد حين، فإعلام المعارضة هنا شبه بوار، لا تكفيه بعض الهمهمات والمبادرات الفردية لذر الرماد في العيون ولا تنقذه النوايا الحسنة في طريقها المعَبد إلى جهنم الخيبة.


من حسن حظ السوريين المكلومين، أن الرئيس الفرنسي هولاند ما زال معهم، حتى اللحظة، فالرجل استنكر الزيارة وعدّها لقاء مع الديكتاتور، وكذلك مانويل فالس الذي وصفها بالخطأ الأخلاقي من البرلمانيين، وأنها زيارة لمقابلة الجزار.


يبقى أن أعتذر من السوريين المقهورين حتى الدمع من نتيجة الاستطلاع المخزية، وفشلنا المدوي في الارتقاء لدم الشهداء، وأن أعتذر في الوقت نفسه، بالنيابة عن فالس، من السادة أصحاب مهنة الجزارة، آخذة بعين الاعتبار بيان اتحاد الجزارين الفرنسيين المندد باستخدام هذا الوصف لبشار الأسد، لأن مهنة الجزارة مهنة نبيلة.
&