زينب غاصب

في سؤال وجهه الإعلامي المعروف موسى محرق إلى وزير البترول والثروة المعدنية في منتدى جازان الاقتصادي الذي دشنته «أرامكو»، عندما أعلن الوزير إنشاء مصفاة للنفط في جازان، وهل في جازان نفط؟

&

أجاب الوزير بالنفي، وأن النفط سيجلب لها من حقول المملكة، وقد أشعل هذا السؤال مواقع التواصل الاجتماعي، عن وجود النفط من عدمه في جازان، إلا أنني أذكر من خلال روايات سمعتها من كبار السن، أن في جزيرة فرسان قديماً كانت تحط الطائرات المروحية، وكان ينزل منها نساء ورجال، من الأوروبيين نصبوا خيامهم في مدخل الجزيرة، استمروا نصف سنة وهم ينقبون عن النفط وقد اكتشفوه وتركوه على شكل مصفحات عليها إشارات يعرفها الكثير من أبناء فرسان المسنين، وما أكد لي هذا الكلام تغريدة كتبها حساب المخلاف السليماني على تويتر، والمخلاف السليماني هو اسم منطقة جازان القديم والحساب على تويتر يُعنى بتاريخ المنطقة، والتغريدة كانت تعقيباً على السؤال أعلاه، تقول: «يوجد نفط بكميات جيدة، وفي مطلع القرن الماضي كانت هناك شركات تنقيب في جزيرة فرسان، وتنافس عالمي لعقد اتفاقات تنقيب».

&

وسواءً أكان هناك نفط في جازان أم لم يوجد، أظن أن الصديقة الزميلة حليمة مظفر قد حسمت هذا الوجود النفطي من خلال كتابتها في هشتاق بعنوان المنتدى الاقتصادي بجازان شاركت فيه مجموعة كبيرة من الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال، والكتاب، والإعلاميين الذين حضروا المنتدى وقالت: «جازان.. النفط الأخضر»، وهذا المسمى يتماشى كثيراً مع إنتاج المنطقة، فهي زراعية بالدرجة الأولى، سواءً في جبالها، أم في سهولها، أم في سواحلها.

&

فهي تزخر بالمنتجات الزراعية من خضار، وفواكه، وحمضيات، وخوخ، وتين، ولاسيما المانجو الذي أصبح له مهرجاناً في كل عام، عدا إنتاجها من محصول الفل الذي يعطرها بأريجه مع الكثير من المنتجات الزراعية العطرية كالحبق، والبعيثران، والكادي، والبنفسج، وفي جوفها الكثير من المنتجات البحرية أهمها الثروة السمكية، وثمار البحر، ومناطقها السياحية، وقبل هذه هناك إنسانها الذي هو أكبر ثروة إنتاجية في صناعة الإبداع أياً كان نوعه، أدبياً، وعلمياً، وثقافياً، وفنياً، واجتماعياً، وما حققه إنسانها في جامعتها من إبداعات في المخترعات، والتدريب، وإنشاء الكثير من المرافق المهمة للمنطقة كعيادات الأسنان التي أنشأتها الجامعة، وكثير من المنشآت التي من أهمها المستشفى الجامعي، وغيره مما هو في طور الإنشاء؛ لأن إنسان جازان في حد ذاته طاقة من الابتكار والفكر والنشاط، فقد تعلم من طبيعة منطقته كيف يواجه الحياة، بحَّاراً ومزارعاً وعالماً.

&

وسنرى عندما تفتتح مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ومصفاة النفط، وما ستوفره من فرص استثمارية ووظيفية سيستفيد منها شباب المملكة من الجنسين، والموعد كما حدد في المنتدى الاقتصادي 2017 -بمشيئة الله-، أن جازان ليست منطقة هامشية؛ فهي في قلب التاريخ منذ القدم، وإن كان هناك إهمال عانت منه المنطقة في فترة ما، فإن فرصها المقبلة في النمو، والرخاء تخطو بثبات، وهي التي كانت على رغم إهمالها رخاءً في ثرواتها البشرية، وكفاحها الإنساني ضد الجهل، وضد الانغلاق، وأذكر مقالة جميلة كتبها الأستاذ الكاتب في صحيفة الشرق خالد السيف عام 2013، بعنوان: «جيزان بلد النفط الذي لم يكتشف بعد»، وهو يقصد بالنفط الإنسان الجازاني فيقول: «تنفلت اللحظة بين يدي اللغة فيغدو حرفي في رمقه الأخير بسبب من الدهشة التي يصنعها النفط/الإنسان ذلك الذي يقطن: جازان/فالنفط الأخضر هو إنسان جازان، ودوالي جازان، وهو الشعلة التي منها يخرج الوهج كفاحاً، وعطاء يضوع بفله، وعطره، روح النماء..).
&