سمير عطا الله

سوف تدرس معاهد البحوث شخصية محمد الموازي إلى سنين. ما هو طعامه المفضل، وألوان ربطات عنقه، وبرامجه التلفزيونية. وكيف تحوَّل من مهندس كومبيوتر من جامعة وستمنستر إلى أفظع ذبّاح في ذاكرة العالم. وسوف تُترك الأبحاث من دون خلاصات، بل بطرح المزيد من التساؤلات.


وأريد أن أتطوع برأي قروي ريفي بسيط. الشباب عمر طري قابل للتأثر بأي شيء. الفقر والغنى عامل غير حاسم. في بدايات «داعش» قارنت هنا بينها وبين حركات القتل في أوروبا وأميركا اللاتينية أوائل السبعينات. كان معظم «الثوار» من الميسورين. ولذا سمّوا «ثوار الجاغوار». أناس ذوو نفوس ضعيفة في حاجة إلى الاختلاف والظهور. ولم يكونوا يملكون من المواهب سوى العنف والفكر العدمي. مؤسسو «القاعدة» جميعا من عائلات عريقة ومحافظة. لو ولد هتلر في النمسا الآن لكان موسيقيا، لكنه ولد في نهاية القرن التاسع عشر، يوم كانت الشعارات الفاشية تحض القوميات على أن حياتها في موت جيرانها ومذلتهم وإبادتهم.


عفوا، إن تكرر دوما مثال المحرّض والمنفّذ في رواية «الإخوة كارامازوف». الشر الأكبر هو الأول، الثاني ضعيف ومهووس ولا مكان له بين أشقائه. لذلك يحرضه شقيقه على قتل والدهما. الوعاء الفارغ الذي يمكن أن تعبئه بأي شيء. مهندس من وستمنستر تُقنعه بأن الأمل هو في الصومال، حيث تحلل أول بلدان الأمة، وقضى العنف على الأطفال والحوامل، وكان الانتصار في إلغاء الصومال من خريطة الدول القابلة للحياة.


«الخليفة» البغدادي دكتور في الدراسات الإسلامية. كان يمكن أن يكون اليوم أستاذا للتاريخ في الجامعة. لكن ما هو كرسي الأستذة بالمقارنة مع كرسي الخلافة؟ أبشع أشكال العنف ضد السياح في مصر أيام مبارك قام بها أطباء. أبشع حتى من سكين الموازي وقدرته على رؤية الدماء تنزف من رأس مقطوع.


البحث في حياة محمد الموازي لن يفضي إلى شيء. يجب دراسة المحرِّض الذي تمكَّن من تحويله من طالب في وستمنستر إلى مقصلة يدوية شديدة البرودة. لا يد ترتجف، ولا غثيان، ولا شعور بالشفقة أو بالذنب. مجرد سكين معبأة بمتعة القتل ولذة الانتصار. مساكين الأهالي الذين يقع أبناؤهم مع رفاق السوء.