علي سالم

كثيرا ما وجهت هذا السؤال لنفسي غير أني عجزت عن العثور على إجابة شافية. وهو ما يحدث دائما عندما تكون الإجابة قريبة منك إلى الدرجة التي تعجز فيها عن رؤيتها. السيد إردوغان يرى أن ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري. هناك كثيرون في الغرب يرونه كذلك، والمصريون لا يرون ذلك، لا بأس.. من حق كل إنسان أن يرى ما يراه. ويظل السؤال هو.. ماذا يريد الرئيس التركي من المصريين الآن؟
لماذا يدعم جماعة الإخوان المصرية، وهو مطلع بالتأكيد على ما تفعله بالشعب المصري الآن؟ أصدقاؤك يا سيدي الرئيس يقتلون المصريين في الشوارع بقنابلهم وعبواتهم الناسفة.. يقول حسين السحرتي المفوض والقائم بأعمال السفارة المصرية في أنقرة في اتصال مع جريدة «الوطن» المصرية (الخميس 5 مارس/ آذار 2015) يقول: «ليس هناك جديد يدعو للحديث عن تغير في العلاقات الحالية مع تركيا. وليس هناك جديد يدعو للحديث عن مصالحة بين البلدين. فعلى سبيل المثال الدولة التركية تنكر تماما صلتها بدعم القنوات الإخوانية على الرغم من أنها تبث من تركيا. وعندما ذهبت لوزارة الخارجية التركية لنقاش مسألة إيقاف القنوات الإخوانية المحرضة على العنف، لم أتلق أي استجابة وكان ردهم هو الإنكار فقط».


وفي حديث الرئيس إردوغان مع جريدة «حرييت» التركية (الأربعاء 4 مارس 2015) قال إن «المملكة العربية السعودية تريد من تركيا أن تنهي خلافاتها مع مصر باعتبارها هي مصدر الخلاف الوحيد بين أنقرة والرياض»، وأضاف أنه «لا إلحاح من المملكة في هذا الاتجاه».


الجملة الأخيرة المقصود منها هو أن المملكة ليست مهتمة «جدا» بحل المشكلات بين مصر وتركيا. يبدو لي أن الرئيس التركي في حاجة لمعرفة المزيد عن الشخصية السعودية. لقد تعاملت عن قرب مع عشرات الشخصيات السعودية من أعمار وثقافات متباينة في مواقف مختلفة ولاحظت أنهم لا يعرفون الإلحاح عندما يطلبون منك أو عندما تطلب منهم أنت شيئا.


ربما لو طلبت أنا منك شيئا كان من المحتمل أن أقول لك: والنبي.. عشان خاطري.. ما تكسفنيش.. روح يا شيخ ربنا يديك الصحة.. يا راجل ده المصريين حبايبك.. طب إيه رأيك إنهم نفسهم يرجعوا يبقوا تبعكم تاني.. يا سلام.. كانت أيام.. قلت إيه..؟
المشكلة عند الرئيس التركي هو توحده (Identification) مع جماعة الإخوان في لحظات سقوطهم. كما رأى في الرئيس السيسي العسكريين الأتراك. هو يرى نفسه في الجماعة ويرى في الرئيس السيسي الجنرالات الأتراك الذين كانوا يقومون بانقلاب عسكري في تركيا كل ربع ساعة. هذا هو ما يشعره بالغضب والألم، هذا هو ما يدفعه للتعاطف مع جماعة الإخوان وحمايتهم وتحويل تركيا إلى منصة لإطلاق قذائفهم على الشعب المصري، هذه هي الإجابة التي عثرت عليها أخيرا.