محمد علي فرحات

إنها الحرب، بعدما صمّت آذان الحوثيين عن النصح وانتشوا بما ظنّوه نصراً على سائر اليمنيين، وقد اتجهوا إلى عدن ليعبثوا بها مثلما عبثوا بالعاصمة صنعاء.

&

إنها الحرب، فيما اليمنيون الجنوبيون يحتفظون بذكريات أليمة عن حرب الوحدة التي صاحَبَها ترحيب بيمن واحد لا يَمَنَيْن، فقد كانت هيمنة شمالية على الجنوب وعلى مسحة حضارة اكتسبها بالانفتاح على القريب والغريب، لمصلحة عزلة تفتخر بالعنف والفساد.

&

إنها الحرب، بعدما ظن علي عبدالله صالح أنه يستطيع ممارسة ألعابه السياسية مع الإقليم والعالم مثلما مارسها بنجاح مع أهل بلده، غانماً السلطة والمال ومسحة المكر. السعودية ليست جمهوراً يمنياً يسهل اللعب بعواطفه، إنها دولة إقليمية كبرى ذات علاقات تاريخية ومتجدّدة، عربياً وإسلامياً وعالمياً. ومثل هذه الدولة لا يمكن اللعب الأمني بخفة على حدودها، مهما كانت الدعاوى والذرائع. ثمة ضوابط يقف أمامها العُقلاء، لكن الحوثيين انساقوا لعواطفهم الخاطئة وعلي عبدالله صالح لم يُدرك حدود التذاكي.

&

وأبعد من الحوثيين وصالح، هناك إيران التي غيّرت لهجتها بعد «عاصفة الحزم» فاسترسلت في الكلام على القانون الدولي ونبذ العنف والدعوة إلى حوار اليمنيين للحفاظ على دولتهم ووطنهم. لم تقل ذلك حين كان مسلحو الحوثي وصالح يطاردون الشرعية الدستورية ويدفعونها من العاصمة ثم يلحقون بها إلى عدن.

&

وإذ يحاربون الشرعية فإنما يطفئون شعلة الأمل بالدولة تاركين الشعب إلى فوضاه. أليست الميليشيا، أي ميليشيا، هي ابنة الفوضى، تنبت من ركام المجتمعات وتحيا عليه؟

&

العرب والعالم مع «عاصفة الحزم» تلبية لنداء الشرعية اليمنية ودرءاً لأخطار الحوثيين وصالح ومَنْ وراءَهما، وقد وجّه الجميع إصبع الاتهام إلى طهران... حتى موسكو وبكين لم تتضامنا صراحة مع الحوثيين، وبالتالي مع إيران، بقدر ما دعتا إلى وقف الحرب والعودة إلى حوار بين اليمنيين يوصل إلى استقرار سياسي. كلام مسؤول من دولتين كبيرتين عضوين في مجلس الأمن، تجدان ضمناً العذر لـ «عاصفة الحزم»، وصولاً إلى تحقُّق هدف الحرب الأساسي، عودة الشرعية إلى اليمن.

&

أحد مؤيدي إيران استغرب موقفها من اليمن، كونها تطمح إلى السيطرة على باب المندب بعد سيطرتها بحكم الجغرافيا على مضيق هرمز، قال إن هذا الطموح أكبر من حجم طهران السياسي والعسكري.

&

وإذ يحذّر آخرون من نتائج الحرب المأسوية، مثل أي حرب أخرى، يرى الرجل أن إيران قد تدفع وحدها ثمن مغامرة الحوثيين وصالح، حين يندرج هؤلاء في الحوار اليمني ويحضرون في البرلمان موالين للسلطة التنفيذية أو معارضين. لكن إيران ستقف بعد «عاصفة الحزم» أمام خطرين لم تحسب حسابهما: تركيا التي طالبت الحوثيين و «داعميهم الأجانب» بالكف عن التصرفات التي تهدد السلام والأمن في المنطقة، معلنة تأييدها «عاصفة الحزم». وباكستان التي اصطفت مع الدول العربية المشاركة في «العاصفة».

&

ماذا ستفعل إيران «الداعمة الأجنبية» أمام جارتيها الكبيرتين، تركيا وباكستان؟

&

قد يكون الثمن، أو أوّله.
&