محمد الساعد

ما الذي حدث بالضبط في الإقليم العربي خلال الـ24 ساعة الماضية؟

&

ما حدث هو زلزال سعودي غير مسبوق، إنْ في حجمه أو في تأثيراته المتتابعة، التي ستظهر حتماً خلال الأسابيع والأشهر القريبة، بل والسنوات القليلة المقبلة. الذي أجزم أنه سيغير وجه المنطقة تماماً، إثر بدء عملية تحرير اليمن من اختطافها، وتحول شعبها رهينة بيد التيار الإيراني في اليمن. ولنرجع إلى التاريخ بعيداً، عندما احتلت فارس "اليمن السعيد"، قبل أكثر من 1500 عام، جاء ذلك الاحتلال المتوحش، في لحظة من لحظات الظلمات التي عاشتها الجزيرة العربية، حين أرسل كسرى ملك فارس جيشاً بقيادة وهريز؛ لمساندة حاكم اليمن سيف بن ذي يزن سنة 575، بعدما عصفت ببلاده المشكلات والحروب، وتمدد الأحباش في جنباتها، وتمكن بعدها الجيش الفارسي من القضاء على الأحباش أعداء سيف بن ذي يزن.

&

ظل عدد من الفرس يساعدونه في الحكم، حتى مقتله، ليتولى على إثره الفرس حكم اليمن بشكل مباشر، جاعلين منه ولاية فارسية، واستمر الحكم الفارسي لليمن حتى عم الإسلام الجزيرة العربية وحررها، وأسلم بعدها بازان حاكم اليمن في سنة 628، لتعود اليمن مرة أخرى إلى الحياض العربي.

&

الرياض تتحول اليوم لتكون البوابة الشرقية للعالم العربي، التي تسقط على أبوابها الصلبة كل مداميك وطموحات ومؤامرات كل من "هب ودب" من شذاذ الآفاق لاستباحة العالم العربي.

&

بعدما سقطت بغداد عاصمة الرشيد في أيدي النفوذ الفارسي، يريد ذلك المحتل أن يكمل مسيرة احتلاله، متقدماً من عاصمة عربية لأختها، من بغداد المنصور شرقاً، مروراً بدمشق الأُمويين، وبيروت الحضارة، وانتهاءً بصنعاء الحكمة، محاولاً احتلالها مرة أخرى، ومعيداً تاريخ كسرى فيها.

&

السعودية بجيشها وتحالفها العروبي، تقود للمرة الأولى عملية تحرير عسكرية للفضاء العربي من نفوذ الدولة الفارسية في المنطقة، واستعادة الدولة الوطنية العربية، التي يحاول عجم التخوم السيطرة عليها، بعدما عصفت بها مآسي ما سمي «الثورات العربية».

&

فالسعودية "مملكة الحلم"، كما تعرف في السياسة الدولية، تتحول من سياسة النفَس الطويل، وإتاحة الفرصة للعمل الديبلوماسي، إلى السياسة الهجومية، بعدما يئست من الاحتكام إلى العقل، وكأن الماكينات الثورية التي سيطرت على "الأحلام" الإيرانية في المنطقة عقوداً مضت، فقدت سيطرتها على طموحاتها وطموحات حرسها الثوري، وباتت قاب قوسين أو أدنى من إعلان إمبراطوريتهم الفارسية الجديدة.

&

من يقرأ ما حدث بدقة هو يقرأ نتائج شهرين فقط من حكم الملك الحازم سلمان، الذي استقبل خلالها نحو 20 ملكاً وزعيماً ورئيس حكومة، وأشرع الأبواب أمام السعودية لتقود العالمين العربي والإسلامي.

&

إننا نعيش العهد السعودي بامتياز، والذي يصل فيه إلى قمة مجده ونفوذه وتسيده، فهي تقود تحالفاً من عشر دول عربية وإسلامية قابلاً للتوسع، للقضاء على حلم قاسم سليماني وإمبراطورية الملالي، التي كانوا يريدون بسطها من أذربيجان شمالاً وحتى عدن جنوباً.
&