&

&أحمد الفراج

& فات على المحتفلين العرب بفوز أوباما، وإعادة انتخابه، أنه لا يمكن لأحد أن يفوز برئاسة أمريكا، قبل أن يجتاز كل المواصفات اللازمة لمن يرغب بهذا المنصب، وفات عليهم أن أوباما كان، ولا يزال أحد أهم الساسة، الذين اصطفتهم منظمة «ايباك»، وباركت ترشحهم، كما فات عليهم أن يستمعوا لتلك الخطبة التاريخية، التي ألقاها أوباما في حفل ايباك، قبل أن ينتخب رئيسا للمرة الأولى، وهي الخطبة التي أعلن من خلالها أوباما، ويعلن من خلالها أي مرشح أمريكي للرئاسة عن إخلاصه، وولائه لإسرائيل، ويعلن تعهده بحمايتها، ونصرة قضاياها، وأتحدى، من هذا المنبر الحر، أن يفوز أي سياسي أمريكي برئاسة أمريكا، أو حتى عضوية الكونجرس بشقيه، النواب والشيوخ، أو حاكمية أي ولاية، أو عمودية أصغر مدينة أمريكية، ما لم تمنحه منظمة «ايباك» الضوء الأخضر بذلك، واسألوا الساسة الكبار، الذين دمرت «ايباك» مستقبلهم السياسي، وكانت جريمتهم أنهم يحبون الولايات المتحدة الأمريكية فقط، من أمثال قاري هارت، وروس بيرو، وباتريك بوكانن، ورون بول، وغيرهم الكثير!

ويا من صفقتم لأوباما، ثم تهاجمونه الآن، إنني أوافقكم بأنه باع حلفاءه العرب!، ولكن مهلا، فقد كان لزاما عليكم، قبل الاحتفال العاطفي به قبلا، ثم الهجوم عليه الآن، أن تعلموا أن السياسات الأمريكية ترسم لسنوات مقبلة، وينفذها الرئيس المنتخب، بغض النظر عن حزبه السياسي، مع الأخذ في الاعتبار أن أي رئيس أمريكي يستطيع أن يحور هذه السياسة، أو تلك، ولكنه لا يستطيع أن يحيد عن الخط السياسي المؤسساتي، وهذا يحصل فقط في حال كان الرئيس قويا، مثل ريتشارد نيكسون، وجورج بوش الأب، وقبلهما جون كينيدي، أما إذا كان الرئيس من شاكلة جيرالد فورد، أو باراك أوباما فإن تدخله سيكون محدودا، وهذا في حال قرر التدخل، ولا أعتقد أن أوباما راضٍ عن الحملات الشعواء، التي تهاجمه من داخل أمريكا وخارجها، وأهمها ما أعقب نكوصه عن ضرب بشار الأسد، الذي ضرب شعبه بالأسلحة المحرمة، مثلما فعل صدام حسين قبله!

يتهم أوباما بأنه ضعيف، ومتردد، وبالتالي دمّر سمعة أمريكا، وجعل خصومها يتجرؤون عليها، والمواطن الأمريكي يزعجه ذلك، ولم أعرف حجم الغضب الحقيقي على أوباما، إلا بعد أن ترجمت بعض الصحف والمواقع الأمريكية مقالا لي، سبق نشره بهذه الجريدة، وهو المقال الذي هاجمت فيه الرئيس أوباما، ومع أن نقد رئيس أمريكا من قبل كاتب أجنبي، وخصوصا مسلم عربي مثلي يعتبر خطا أحمر لدى الأمريكيين، إلا أنني فوجئت بأن معظم من علقوا على مقالي من الأمريكيين اتفقوا مع ما كتبت، بل وهاجموا أوباما بشراسة، خصوصا عندما علقوا على انتقادي له بإضعاف الحلف الأمريكي- الخليجي لأول مرة، منذ الحرب العالمية الثانية، ومن هنا أقول إن تجربة انتخاب أوباما رئيسا لقّنت الأمريكيين درسا لن ينسوه، ولا أظنها ستتكرر مستقبلا، إلا إذا حصلت معجزة، أي لن تشاهدوا رئيسا من أصول أفريقية في البيت الأبيض في قادم الزمن!!
&