&&رائد جبر

& هدية مميزة حصل عليها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لمناسبة احتفاله بعيد ميلاده الخامس والستين، هي وسام «خدمة الوطن» من الدرجة الأولى، تقديراً لـ «إنجازاته البارزة في تطبيق النهج السياسي الخارجي لروسيا الاتحادية، ونشاطاته الديبلوماسية المتواصلة»، كما جاء في مرسوم أصدره الرئيس فلاديمير بوتين.

بذلك يكون لافروف واحداً من قلة بين سياسيي روسيا، جمعت الدرجات الأربع للوسام الرفيع. إذ حصل عليه بدرجات مختلفة خلال السنوات الماضية. كما انضم إلى شخصيات لعبت أدواراً حاسمة في فترات مختلفة، وحصلت على الوسام تقديراً لمواقف أو سياسات، مثل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ورئيس الكنيسة الأرثوذكسية الراحل أليكسي الثاني والرئيس الروسي الأول بوريس يلتسن.

وحصل لافروف على هدية ثانية من الطراز ذاته، احتفالاً بعيد ميلاده، إذ قلّده بطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل وسام «القديس سيرجيوس» من الدرجة الأولى.

لم يسبق لوزير خارجية في روسيا أن حظي بمثل هذا التكريم، ما يدل إلى المكانة التي بات ثعلب الديبلوماسية يشغلها في مطبخ صنع القرار الروسي. صحيح أن الدستور يضع السياسة الخارجية في يد الرئيس وحده، ما يحوّل وزارة الخارجية إلى مؤسسة تنفيذية وفنّية، لكن الواضح أن لافروف نجح في كسب ثقة الرئيس إلى درجة مكّنته من تجاوز هذه المعادلة، والتحوّل شخصية أساسية في مطبخ صنع القرار.

والوزير المشاكس الذي أرهق منذ تسلُّمه منصبه في عام 2004 نظراءه الغربيين بقدرته على الخوض في التفاصيل الصغيرة، واستخدامها لتثبيت وجهة نظره، قلما قيل إنه فقد هدوءه. وقد تكون الحادثة الوحيدة الاستثناء تلك التي نشرت معلومات عنها صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، حين تطرقت إلى عبارات حادة قالها لافروف لنظيره البريطاني ديفيد ميليباند عندما حاول الأخير إقناعه بخطأ تصرف روسيا في جورجيا خلال حرب 2008. عندها أطلق الوزير الروسي عبارة نابية قائلاً لمحدّثه: مَنْ أنتَ لكي تتلو عليّ محاضرة؟

ولافروف صاحب الأصول الأرمنية الذي، بعيداً عن نصب الأفخاخ الديبلوماسية، يهوى كتابة الشعر والصيد وركوب الخيل، يمكن أن يُضاف إلى سجله الحافل أنه أمضى أطول فترة في منصبه وزير الخارجية ، بعد الوزير السوفياتي أندريه غروميكو. فهو قضى 10 سنين ممثلاً لبلاده في مجلس الأمن، اكتسب خلالها خبرة غير محدودة في التعامل مع الوثائق الدولية، وفي النفاذ من الثغرات الكثيرة في القرارات المتخذة لفرض وجهات نظره، ويشغل منذ 11 سنة مقعده وزيراً للخارجية، شهدت روسيا خلالها تحوُّلات كبرى كانت له مساهمات في جزء منها.

طول المدة في المنصب الوزاري ليس العنصر الوحيد الذي ربط بين لافروف وغروميكو، إذ انتقل لقب «مستر نو» الذي أُطلِق على الوزير السوفياتي إلى لافروف بعد «لاءاته» الكثيرة للتعبير عن اعتراضه على قرارات لا تعجبه. ويقول مقرّبون منه إن لافروف في إحدى الجلسات المغلقة، تندَّر بهذا الموضوع قائلاً: «الغرب أطلق عليَّ هذه التسمية، والآن في مواجهة السياسة الغربية غدت روسيا كلها ترفع شعار: نو!».
&