حسين شبكشي

لعل أهم ما «نتج» جراء الساعات الأولى لعملية «عاصفة الحزم» العسكرية، التي انطلقت من السعودية بمشاركة عدد مهم ولافت من الدول، هو الحالة النفسية الإيجابية، وهي حالة غابت عن الذهنية العربية منذ فترة ليست بالقصيرة من الزمن. فهناك جيل بأكمله يعيش بيننا اليوم لم يعرف هذا الإحساس من قبل، وهناك أجيال تتذكر لحظات «الفخر والاعتزاز» عندما يقدم العرب على فعل الشيء «الصحيح»، وهذا الشعور يأتي من الأرشيف المخزون للذاكرة العربية الإيجابية، شعور جاء حينما حصلت وقائع حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 وتوحد العرب في مشهد نادر، واتخذوا سويا موقعا استباقيا حققوا فيه نصرا على العدو الأعظم إسرائيل.


وهناك لحظات أخرى عايشها العرب وكانت في عام 1991 عندما بدأت معركة تحرير الكويت، التي كان الغرض منها إخراج مجرم خائن، غدر بجاره واحتل أرضه وأرعب أهله في مشهد فريد اتحد العقلاء والحكماء لنصرة الحق، وقد تحقق لهم ذلك.


اليوم، هناك ذات الشعور والإحساس، ولعل الكلمة المصاحبة والمتكررة على الدوام لتشريح الحالة النفسية التي عليها الناس هي: «وأخيرا!»، أن الإحساس الطاغي والمصاحب للفرحة بأنه آن الأوان للحراك العربي لوضع حد قاطع وفاصل للعبث الإيراني، وإثارة الفتن والقلاقل واللعب على الوتر الطائفي والكيل بمكيالين. إيران تمكنت من خلال 3 عقود من تكوين قاعدة متينة من الكراهية لها في العالم العربي بأسره، تارة تتدخل سياسيا في شؤون غيرها، وتارة تمارس الإرهاب بصريح العبارة عن طريق ذراعها وأداتها الأساسية لهذا الغرض ميليشيات «حزب الله» الإرهابي ومرتزقته، التي تمكنت من نشر فروع له حول المنطقة، فهو له سجل دموي رهيب مثل تفجيرات الخبر بالسعودية، وتدريب عدد غير قليل من الإرهابيين في البحرين وإطلاق مجموعة غير بسيطة من المواقع الإلكترونية تثير الأكاذيب والأخبار الخاطئة في العالم العربي، بإشراف الإدارة الإعلامية لتنظيم «حزب الله». وطبعا قامت إيران باستفزاز كثير من الفعاليات السياسية والدينية والاجتماعية بالعمل الدؤوب والمتواصل على نشر التشيع في الأوساط العربية السنية، وقد كان لهذا الأمر تبعات بالغة الصعوبة والتعقيد والخطورة.


كل ذلك كان يهز من المشاعر و«يدعس» على كرامة الكثيرين، وكان السؤال إلى متى الصمت؟ إلى متى السكوت؟ إلى متى الصبر على الإهانة؟
كان المشهد السوري الذي «فضح» مزاعم وأكاذيب مشروع المقاومة والممانعة ليظهر للناس حقيقة المشروع الإيراني، الذي ما هو إلا مشروع استعماري وطائفي بامتياز لتمزيق المنطقة بحسب العرق والطائفة. فلقد أظهرت إيران تناقضها الحاد حينما أيدت النظام السوري «البعثي»، الذي ينتمي إلى «أقلية» تحكم «أغلبية»، وأباد شعبه في حماة واحتل الجار اللبناني، وهي نفس التهم التي عادت لأجلها صدام حسين، ولكن إيران لا ترى إلا بعين طائفية واحدة، فاكتسبت كراهية كل من حولها في المنطقة، وكان مشروعها الأخير في اليمن، وهي محطة مقصود منها محاصرة السعودية، وهنا كانت الصفعة التي لم تتوقعها إيران، ولم يكن أكثر المتفائلين أن يكون الرد بهذه القوة وبهذا الحسم، وبهذه السرعة، وبهذه المشاركة الجماعية أجبرت إيران على الصمت، ولم يصدر منها سوى تصريح ساذج، ووجهت بوقها الإعلامي وجه الإرهاب حسن نصر الله زعيم ميليشيات «حزب الله»، ليهدد ويرعد على رؤوس أنصاره المغيبين. هناك حالة من الشعور بالعزة والفرحة من القلب تنتشر في العالم العربي، وهذا مارد خرج وهو الذي يواجه الإيرانيين اليوم، والذين، بحسب اعتقادي، سيواجهون إعصار الحزم وليس فقط عاصفته!