&&تركي الصهيل&


سيطر هاجس الأمن القومي العربي، على وقائع القمة العربية المنعقدة في مدينة شرم الشيخ الساحلية، كما لم تغب ملفات الإرهاب وما تعانيه دول الإقليم مثل اليمن وسورية وليبيا، عن اهتمامات القادة في كلماتهم الافتتاحية في القمة التي تختتم أعمالها اليوم، وسط تأييد عربي مطلق لعملية عاصفة الحزم التي تقودها الرياض ودول التحالف بغية استعادة الشرعية في اليمن، فيما حضرت التهديدات للجانب الإيراني بضرورة الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية، تلميحا لا تصريحا في غالبية كلمات المتحدثين.


خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، رأس وفد المملكة العربية السعودية، إلى القمة العربية حيث وصل إلى شرم الشيخ صباحا، وكان ثالث المتحدثين إليها، بعد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رئيس الدورة الماضية، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس الدورة الحالية.
وركزت كلمة خادم الحرمين الشريفين، على الواقع المؤلم الذي تعيشه البلدان العربية من إرهاب وصراعات داخلية وسفك للدماء، الذي عده نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية، متهما قوى إقليمية بقيادة ذلك التوجه بتدخلاتها السافرة في المنطقة العربية وهو ما أدى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض الدول العربية.
وتطرق الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى الوضع في اليمن، إذ "أدى التدخل الخارجي إلى تمكين الميليشيات الحوثية - وهي فئة محدودة - من الانقلاب على السلطة الشرعية، واحتلال العاصمة صنعاء، وتعطيل استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية التي تهدف للحفاظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره".


وأكد خادم الحرمين الشريفين، أن استجابة الدول الخليجية لدعوة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لعقد مؤتمر الحوار في الرياض تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون، جاءت "من أجل الخروج باليمن مما هو فيه إلى بر الأمان، بما يكفل عودة الأمور إلى نصابها في إطار المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي تحظى بتأييد عربي ودولي".


وأضاف خادم الحرمين الشريفين في سياق تعليقه على الوضع في اليمن، بالقول "ولاستمرار المليشيات الحوثية المدعومة من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على اليمن وجعله قاعدة لنفوذها في المنطقة في تعنتها ورفضها لتحذيرات الشرعية اليمنية ومجلس التعاون ومجلس الأمن ولكافة المبادرات السلمية، والمضي قدما في عدوانها على الشعب اليمني وسلطته الشرعية وتهديد أمن المنطقة؛ فقد جاءت استجابة الدول الشقيقة والصديقة المشاركة في عاصفة الحزم لطلب فخامة رئيس الجمهورية اليمنية عبدربه منصور هادي للوقوف إلى جانب اليمن الشقيق وشعبه العزيز وسلطته الشرعية وردع العدوان الحوثي الذي يشكل تهديدا كبيرا لأمن المنطقة واستقرارها وتهديدا للسلم والأمن الدولي ومواجهة التنظيمات الإرهابية".
وفيما شدد الملك سلمان بن عبد العزيز، على أن المملكة ودول الخليج والدول المشاركة في التحالف، لم تكن تتمنى اللجوء إلى قرار العمل العسكري، أكد في المقابل أن الرياض "تفتح أبوابها لجميع الأطياف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره للاجتماع تحت مظلة مجلس التعاون في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها وبما يكفل عودة الدولة لبسط سلطتها على كل الأراضي اليمنية وإعادة الأسلحة إلى الدولة وعدم تهديد أمن الدول المجاورة"، آملاً أن يعود من تمرد على الشرعية لصوت العقل والكف عن الاستقواء بالقوى الخارجية والعبث بأمن الشعب اليمني، والتوقف عن الترويج للطائفية وزرع بذور الإرهاب، فيما شدد على أن عملية عاصفة الحزم سوف تستمر "حتى تتحقق هذه الأهداف لينعم الشعب اليمني - بإذن الله - بالأمن والاستقرار"، مقدما الشكر والتقدير للدول المشاركة في العملية والدول الداعمة والمؤيدة في جميع أنحاء العالم، والتي ستسهم في دعم السلم والأمن في المنطقة والعالم.
وفي الموضوع الفلسطيني، شدد الملك سلمان بن عبد العزيز، على أن الوقت قد حان لقيام المجتمع الدولي بمسؤولياته، من خلال صدور قرار من مجلس الأمن بتبني مبادرة السلام العربية، ووضع ثقله في اتجاه القبول بها، وأن يتم تعيين مبعوث دولي رفيع تكون مهمته متابعة تنفيذ القرار الدولي ذي الصلة بالمبادرة، مؤكدا أن موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية سيظل كما كان دائما مستنداً إلى ثوابت ومرتكزات تهدف جميعها إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وعلى أساس استرداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؛ بما في ذلك حقه المشروع في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.


وعن موضوع التطرف والإرهاب، فقد قال الملك سلمان إن هذه الآفة هي في قائمة التحديات التي تواجهها الأمة العربية وتستهدف أمن بلدانها واستقرارها، وتستدعي أقصى درجات الحيطة والحذر والتضامن في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها، واستئصال جذورها.


ولم تغب الأزمة السورية عن خطاب الملك سلمان بن عبد العزيز الموجهة للقمة العربية، قائلا إن تلك الأزمة لا تزال تراوح مكانها ومع استمرارها تستمر معاناة وآلام الشعب السوري المنكوب بنظام يقصف القرى والمدن بالطائرات والغازات السامة والبراميل المتفجرة، ويرفض كل مساعي الحل السلمي الإقليمية والدولية.
وشدد الملك على أن "أي جهد لإنهاء المأساة السورية يجب أن يستند إلى إعلان مؤتمر جنيف الأول، ولا نستطيع تصور مشاركة من تلطخت أياديهم بدماء الشعب السوري في تحديد مستقبل سورية".
وعن الأحداث في ليبيا، قال خادم الحرمين الشريفين إن المملكة لا تزال تتابع بقلق بالغ تطور الأحداث هناك، آملا أن يتحقق الأمن والاستقرار في ذلك البلد العزيز.
وأكد خادم الحرمين الشريفين فيما يتعلق بالسلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل أن موقف المملكة واضح وثابت بالدعوة إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.
وفي الشأن الاقتصادي، تطرق الملك سلمان بن عبد العزيز للمؤتمر الاقتصادي العالمي الذي شهدته شرم الشيخ قبل أيام قليلة، مشيرا إلى أن ذلك يجسد وقوف المجتمع العربي والدولي إلى جانب مصر.
وأضاف أن الهموم الاقتصادية والتنموية تعد محل اهتمام وعناية وتحتل مكانا بارزا في جدول أعمال القمة، متوقعا أن يتم خلال وقائع هذه القمة مراجعة ما تم تحقيقه في هذا المجال، وإزالة عوائق تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية، والاتحاد الجمركي العربي.


واقترح الملك سلمان بن عبد العزيز، دمج القمتين التنموية والعادية، وذلك لإعطاء مزيد من الاهتمام بالقضايا الاقتصادية، والمتابعة السنوية لما يتخذ من قرارات في هذا الشأن، مشددا على أهمية متابعة ما أسفرت عنه الجهود القائمة لإحداث نقلة نوعية في منهج وأسلوب العمل العربي المشترك، بما في ذلك إعادة هيكلة جامعة الدول العربية وتطويرها، وذلك على النحو الذي يمكنها من مواكبة المستجدات والمتغيرات وإزالة المعوقات ومواطن الخلل التي تعترض مسيرة العمل العربي المشترك.
&