أيمـن الـحـمـاد


لم يؤذِ العرب أكثر من أولئك الذين توشحوا بالكوفية كذباً وبهتاناً، رقصوا على أوجاع العروبة والإسلام، فغدروا بدينهم وأوطانهم وعروبتهم، وقالوا نحن ذاهبون إلى بيت المقدس. وقد سلكوا طريق الفتنة والطائفية، كانوا يعلمون أن ذلك الفعل سيجعل الطريق إلى فلسطين مستحيلاً بعد أن تتفرق الكلمة ويغدو الصوت أصواتاً.

جاءت القمة العربية العادية في ظرف استثنائي، وترقب دولي، وقد أحسنت المملكة عندما ذهبت إلى الدفاع عن المنطقة، وضربت بيد من حديد، يد العبث والإرهاب والفتنة، وجعلت القمة موحدة خلف قضية وهدف واحد، وسيكون ذلك ديدنها، إن رأت أن أمن المنطقة في خطر، ويبدو أن درس «درع الجزيرة» في البحرين لم يُفهم كما يجب، فكان من الواجب أن يُفهّم ولكن بدرع عربي هذه المرة.

التدخل العربي كان لإنقاذ بلد عربي بطلب من الرئيس الشرعي لليمن، الذي تعرضت بلاده لغزو أجنبي، ولو سكتت الدول العربية وهي ترى بعينيها كيف يتم احتلال اليمن التي خرج منها أبوالعرب، لكن ذلك قمة في الخزي والخذلان، لكن ما حدث سيجعل طهران تعيد حساباتها ألف مرة قبل أن تحدّث نفسها بالاقتراب من أي بلد عربي آخر.

غيّرت المملكة من قواعد العمل السياسي العربي، وهي تدرك أن الجامعة مترهلة وتستوجب عملية لإعادتها إلى شكل يليق بقدراتها؛ لذا أخذت المبادرة في تحركها العسكري في اليمن، وما كانت دعوة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى إعادة هيكلة للجامعة وتطويرها، إلا من أجل عدم تكبيل القدرات العربية، التي كشفت عاصفة الحزم أن بمقدور الدول العربية ركوب الصعاب إن هم اتحدوا، ولم يقدم العرب منذ عقود على تحرك عسكري موحد تجاه عدو مشترك؛ لذا كانت الصدمة والذهول والترقب تعلو محيا المسؤولين الغربيين الذين يحترمون القوي ويثقون به؛ وستكشف الأيام عن واقع جديد يفرض فيه العرب أجندتهم على القوى الغربية وتعاطيها مع الملف النووي الإيراني وقضية السلام في الشرق الأوسط والأزمة السورية.

بعد أن خبا دورها وبدت عاجزة عن ملاحقة مصائب الجسد العربي، وأمراضه المزمنة، تولت إلى الظل عاجزة عن القيام بما هو مطلوب منها، خلال العام الماضي لم تستطع الجامعة العربية مواكبة الأحداث بعد أن صمدت لثلاثة أعوام، انتهت عاجزة فخارت قواها، لكنها اليوم بعثت من جديد، جسداً يتنفس ويتحدث ويتحرك، وكأنما كانت تنتظر من يوقظها وكان أن جاءت عاصفة الحزم، ليستيقظ العرب على واقع مختلف.

&

&

&