شمسان بن عبد الله المناعي

جاءت «عاصفة الحزم» لكي تفاجئ الدوائر السياسية ومراكز صناعة القرار في العالم بعد نفاد صبر السعودية ودول الخليج العربي على الإرهاب الذي ترعاه إيران، حيث إن الإرهاب الإيراني تمادى في غيه واستخفت إيران بدول الخليج العربي وتجاهلت أن للبيت ربا يحميه، وكنت قد كتبت هنا في هذه الجريدة منذ أسبوعين، أن الأمن الخليجي أصبح هاجسا لأهل الخليج وقياداته، وأنهم لن ينتظروا حتى تدخل إيران إلى عقر دارهم، وهذا ما أشار إليه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني بالرياض عندما قال، إنه «يأمل في حل الأزمة اليمنية سلميا، لكن إذا لم يحدث فستتخذ دول المنطقة الخطوات اللازمة ضد العدوان». وأكد الفيصل أن «أمن اليمن وأمن دول مجلس التعاون الخليجي جزء لا يتجزأ».


ورغم قرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية وكل الجهود التي بذلت بما فيها الحوار بين الأحزاب السياسية في اليمن، والذي استمر عدة أشهر لإيجاد حل سلمي، فإن كل ذلك لم يجد آذانا صاغية من الحوثيين والرئيس المعزول علي عبد الله صالح الذي يساندهم، فلم يكن أمام السعودية ودول الخليج العربي إلا الدفاع عن أمنهم واستقرارهم وخصوصا في ظل الصراعات الإقليمية التي تحيط بهم ولذا جاءت «عاصفة الحزم» ليس فقط استجابة إلى النداء الذي أطلقه الرئيس اليمني الشرعي لإنقاذ اليمن، ولكن تأكيدا للقوانين الدولية، وبالتحديد كما جاء في قرار الأمم المتحدة رقم (51) الذي يعطي لأي دولة الحق في الدفاع عن نفسها إذا كان أمنها مهددا بالخطر، وهذا ما حدث للسعودية بعد أن وصل الحوثيون إلى عدن وأصبحت السعودية مهددة بالخطر الحوثي.


ومن جانبها عرف عن السعودية ودول الخليج العربي أنها دول مسالمة لا تحبذ حل مشكلاتها مع جيرانها بالحلول العسكرية، وهل هناك أكثر وأوضح ما يؤكد ذلك من الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران منذ فترة طويلة، ولا تزال دول الخليج العربي راغبة في إيجاد حل سلمي لهذه المشكلة، ولم تجد أي تجاوب من قبل إيران، إضافة إلى أن إيران تفتعل المشكلات السياسية الداخلية ليس في دول الخليج العربي فحسب إنما في معظم الدول العربية، فهي وراء عدم استقرار العراق وتدخلها السافر في شؤونه الداخلية، وكذلك هي وراء بقاء النظام السوري الذي يقتل في شعبه بالأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا، وكذلك في لبنان حيث «حزب الله» يمثل اليد الطولى لإيران في المنطقة كلها، حيث لا يزال لبنان دولة من دون رئيس وفي حالة عدم استقرار وصراعات مستمرة.


إن «عاصفة الحزم» سوف تكون لها انعكاساتها الإقليمية إذا ما استمر الحوثيون في رفضهم نتائج الجهود الدولية والإقليمية والمبادرة الخليجية، خاصة أن هناك صراعات في المنطقة النظام الإيراني طرف فيها ودور مثل دوره في سوريا والعراق.


إن من أهم الآثار المترتبة على «عاصفة الحزم» أنها صححت كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن دول الخليج العربي، حيث كان يعتقد أن هذه الدول تعتمد على غيرها في حفظ أمنها، لكن أثبتت هذه الحرب أن دول الخليج العربي قادرة على حفظ أمنها بنفسها، كما أوجدت لحمة وتماسكا بين الدول العربية وهذا ما كان واضحا في مؤتمر القمة العربية. لقد تحركت المياه العربية الراكدة في اتجاه يبشر بإمكانية استرداد الروح العربية الفاعلة وهيبتها المقتدرة واستعادة قدرتها على المبادرة وتشكيل واقعها وصياغة مستقبلها بنفسها.


إن قادة إيران أخذتهم العزة بالإثم وهاهم اليوم يقودون بلادهم إلى مستنقع لن يخرجوا منه إذا ما أصروا على تدخلهم في شؤون الدول الأخرى، فهل تستوعب إيران الدرس وتتعظ أم تستمر في مخططاتها تجاه الدول الأخرى؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة! إنها أصبحت في وضع سياسي لا تحسد عليه؛ فهي من ناحية تحت ضغوط دولية في مفاوضاتها مع الغرب حول قدراتها العسكرية النووية ومن ناحية أخرى وصل مشروعها الهلالي إلى طريق مسدود. إنها أصبحت بين المطرقة والسندان، وسوف ينكشف الغطاء عمن هم يقودون الإرهاب في العالم ومن يدعمونه. إن إلصاق التهم بالعرب والمسلمين هو افتراء عليهم.


إن إيران تستخدم نفوذها في بعض الدول العربية مثل صلتها بالحركة الحوثية وما قامت به في اليمن ودورها في سوريا والعراق ولبنان كأوراق للضغط في مفاوضاتها مع دول 5+1 حول أسلحتها النووية.. يا لها من مهزلة أن تكون قضايانا العربية في خدمة نظام عنصري لم يرحم حتى شعبه ومتورط في خدمة الإرهابيين في كل مكان في العالم. وجاء اليوم الذي يتمرغ فيه وجه النظام الإيراني في الوحل في مرحلة حساسة، وعلى الباغي تدور الدوائر!