مشاري الذايدي

هناك من يحاول سوق «عاصفة الحزم» في اليمن نحو أشرعة سفنه، لتبحر على هواه. مِن هؤلاء جماعات عقائدية سياسية لا هَمّ لها إلا صون مصالح جماعتهم وتيارهم الذي به يفرحون وعليه يعولون، ومنه ينطلقون.
السعودية، ومعها دول التحالف العربية والإسلامية، التي اشتركت في العمليات العسكرية والاستخبارية لحماية اليمن من المخطط الإيراني عبر الحوثي وحليفه صالح، سوغت عملها هذا منذ البداية بصون الشرعية، وحفظ الأمن في اليمن، والدفاع عنه ضد مخططات إيران الخطيرة.


أهداف واضحة، ليس منها العمل من أجل صالح حزب الإصلاح اليمني (الإخوان)، كما أنها ليست ضده في هذا العمل، الأمر في اللحظة العابرة ليس من المطروح أساسا.


الرئيس عبد ربه منصور هادي هو الرئيس الشرعي لليمن، وكان من قادة المؤتمر الشعبي العام، الحاكم، والرجل لا علاقة له بفكر الإخوان، ومن هنا كانت الحيرة لدى مناصري الإخوان، خصوصا في الخليج.


حيرة سببها أنهم بين غار ونار، من جهة هم فرحون بالحرب على الحوثي، لعدة أسباب، منها أن الحوثي هو خصم حزب الإصلاح، وقد هزم حزبهم، وهزم عائلة الأحمر الحليفة للحزب، ومنها شفاء الغليل من التغول الشيعي في سوريا والعراق. وأحيانا بغريزة انتقام طائفي محض.


لكن «عاصفة الحزم» براء من كل هذه الدوافع، وباعث العاصفة من مكمنها هو ما نصّت عليه الخطب والكلمات والمواقف السياسية التي ما زالت تتوالى للدفاع عن العاصفة.


من آخر ذلك ما ذكره وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في كلمته المفصلة أمام مجلس الشورى السعودي، حيث قال: «إن ميليشيا الحوثي والرئيس السابق (علي عبد الله صالح) وبدعم إيران، أبت إلا أن تعبث باليمن وتعيد خلط الأوراق». وأضاف: «المملكة ليست من دعاة الحرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها». وأكد الفيصل «استمرار» عاصفة الحزم للدفاع عن الشرعية في اليمن حتى تحقق أهدافها «ويعود اليمن آمنا مستقرا وموحدا».


غاية ساطعة، ليس من بينها ما يردده الآن عشاق الجماعة وحزب الإصلاح، وكما سلف ليست القضية في عاصفة الحزم مع أو ضد إخوان اليمن، فالأمر يتجاوز الوقوف عند هذه السقوف. بعد فترة يسيرة من الآن سنجد من الأصوات المناصرة للجماعة من يشدد على التخلي عن الرئيس منصور، وفكرة التركيز على موضوع الشرعية فقط، والذهاب لمناصرة حزب الإصلاح والجماعة، حصريا، وتسليم القياد لهم، واكتفاء دول العاصفة بالتمويل والدعم السياسي والعسكري، وترك قطف الثمار السياسية للجماعة فقط، وإنّ غدا لناظره قريب.


لقد كان مربكا لهؤلاء أن تكون مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ضلعا رئيسيا في هذا التحالف، وهو ما لا ينسجم مع دعايتهم المضادة لمصر الآن. القوم في أمر مريج. وأحد نجوم القوم قال تعبيرا عن هذه الحيرة: «إن من يرفض انقلاب الحوثيين في اليمن، ويوافق على الانقلاب العسكري في مصر يكيل بمكيالين ومزاجية».


العاصفة فوق الجميع.