تحذير للقادة العراقيين من الانحياز لإيران… ووزير الداخلية يسعى للتخلص من منتهكي حقوق الإنسان


حسنين كروم

& واصلت الصحف الصادرة أمس الثلاثاء 31 مارس/اذار الاهتمام بالعمليات العسكرية في اليمن ضد الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح التي تقوم بها القوات العربية ـ الجوية المشاركة في عملية «عاصفة الحزم» وبدء الوحدات البحرية المصرية عملياتها وإن كانت التغطيات الإخبارية للعملية لم تعد تحظ لا هي ولا مؤتمر القمة العربي في شرم الشيخ بالأولوية في الأخبار والتحقيقات رغم أن معظم المقالات والتعليقات والأعمدة تتركز على هذين الموضوعين القمة والعاصفة.
وبدأ الاهتمام بالأوضاع الداخلية يعود يسيطر على عناوين الاخبار سواء في الاجتماع الذي عقده الرئيس السيسي لبحث خطوات تنفيذ مشروع زراعة المليون والقرى صديقة البيئة واستقباله زعيم المعارضة في البرلمان الألماني ومشاركة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب في مؤتمر قمة دول منظمة الكوميسا الاقتصادية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا واجتماع وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار مع مساعديه لاستعراض الحالة الأمنية وطلبه منهم التخلص من أي عنصر في الشرطة يسيئ معاملة الناس أو يحدث منه انتهاك لحقوق الإنسان ما اتفق عدد من أعضاء وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان الذين زاروا سجن طره بناء على شكوى أهالى بعض المحتجزين ما قالوا أنه إساءة معاملة البعض خاصة أحمد جمال مراسل شبكة «يقين» الإخبارية الذي أفاد انه تعرض للضرب والحبس الانفرادي وسوء المعاملة ومنعه من الخروج من الزنزانة وهو ما نفاه اللواء أبو بكر عبد الكريم مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان، وقال أن الفيصل في ذلك سيكون للنيابة العامة التي ستحقق في الاتهام.
كما أصدر النائب العام المستشار هشام بركات قرارا بحبس المستشار حسن النجار الرئيس السابق بمحكمة استئناف القاهرة والمحافظ السابق لمحافظة الشرقية في عهد حكم الإخوان خمسة عشر يوما، بعد ضبطه يوم الجمعة يتزعم مظاهرة للإخوان في حي مدينة نصر قامت بقطع الطريق وكانت لجنة الصلاحية في المجلس الأعلى للقضاء أحالته إلى الصلاحية مع آخرين لاشتراكهم في نشاطات الإخوان في رابعة العدوية.
كما ألقت الشرطة القبض على أكثر من سبعين من أعضاء الجماعة كانوا يعدون لعمليات عسكرية ضد الشرطة والجيش ومؤسسات الدولة وبحوزتهم قنابل وخرائط، واستمرت الشكوى في بعض المحافظات من نقص أنابيب البوتاغاز والسولار وواصلت الصحف الاهتمام بذكرى وفاة الفنانين عبد الحليم حافظ وأحمد زكي.
وإلى بعض مما عندنا ….

القمة والعاصفة

ونبدأ بأبرز ما نشر عن القمة العربية وعملية «عاصفة الحزم» التي قال عنها يوم الاثنين في «الشروق» زميلنا والكاتب الكبير فهمي هويدي:
لم نشهد استنفارا عربيا مماثلا لمواجهة سلسلة الجرائم والاجتياحات التي قامت بها إسرائيل بحق الفلسطينيين طوال العقود الماضية لكننا وجدنا أن الأمر اختلف تماما في اليمن إذ ظهرت النخوة وتسارعت خطى الاستنفار وتشكل تحالف الدفاع عن الشرعية وتمت تعبئة الأمة العربية بحكامها وشعوبها لكي تبادر إلى التصدي للتمدد الإيراني في الجزيرة العربية.
صحيح أن القضية الفلسطينية ذكرت في كلمات الزعماء العرب التي ألقيت في الجلسة الافتتاحية لقمة شرم الشيخ لكن أغلب الإشارات كانت من قبيل رفع العتب وبعضها ورد في ذيل التحديات التي تواجه الأمة.
لست أبرئ إيران من الإسهام في تدهور الأوضاع في اليمن لأنني أزعم أنها ارتكبت أخطاء جسيمة أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه وهو ما أشرت إليه أكثر من مرة منذ أستولى الحوثيون على صنعاء في 21 سبتمبر/ايلول الماضي وكررت باستخدام مصطلح أن الإيرانيين ضمن الذين «يتمددون في فراغنا».
إلا أن انتقاد إيران في موقفها من الحوثيين واليمن لا ينبغي أن يكون ذريعة لإحداث انقلاب في الرؤية الإستراتيجية بحيث نغض الطرف عن التهديد الذي تمثله إسرائيل لمجمل الأمن القومي العربي وننصب إيران بدلا منها عدوا إستراتيجيا للأمة ذلك أن الإيرانيين إذا كانوا مخطئين فالإسرائيليون مجرمون وحساب الأولين وعتابهم واجب وخصام وردع الآخرين أوجب.

جيش عربي يخيف اسرائيل

ومن «الشروق» نتحول إلى «المقال» في نفس اليوم ورئيس تحريرها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسي وقوله مخاطبا القادة العرب وبطريقة لا تبتعد عن طريقة هويدي:
لماذا وافقتم الآن تحديدا على قوات عربية مشتركة وأيضا تستخدمونها ضد اليمن «ويخجل الحكم المصري من الدعوة لاستخدامها في ليبيا؟» وماذا عن إسرائيل التي تحاربونها بالسلام وتجنحون معها طول الوقت للسلم وتكتفون بإعادة إعمار ما يدمره عدوانها في بيروت وغزة السؤال موجع.
القوات العربية المشتركة لابد أن تكون عملا حقيقيا وجادا وجيشا عربيا فاعلا ومؤثرا (….) نعم مطلوب من القوات العربية المشتركة أن تكون ذراعا عسكرية للعرب في مواجهة إسرائيل والتلويح للصهاينة والأمريكان بأن العرب صار لديهم الآن إرادة حقيقية للتدخل لإنقاذ فلسطين وإجبار إسرائيل على حل الدولتين.
ليست جماعة مثل حماس التي تخلط بين المقاومة والإرهاب ولا جماعة مثل حزب الله التي ترتبط ولا شك بالمحور الإيراني ولا النظام السوري بما يطرحه مما سماه الممانعة ليس هؤلاء الآن هم من يتكلمون بلغة القوة العسكرية أمام إسرائيل بل يجب أن تكون الدول العربية كلها بقواتها المشتركة الطائرات التي تحلق فوق اليمن وليبيا وسوريا والعراق يمكنها أن تحلق فوق حيفا ويافا وتل أبيب هذا ما يجب أن يفهمه العدو الصهيوني.
ثم نذهب إلى «الوفد» لنكون مع زميلتنا سناء السعيد التي اختارت الإشارة إلى موقف سلطنة عمان فقالت عنه:
قد يكون الموقف الذي تبنته سلطنة عمان إزاء ما يحدث في اليمن هو الموقف الأفضل الذي يتناغم مع طبيعتها كدولة معتدلة وعليه لم تشارك عمان في العملية العسكرية «عاصفة الحزم» موقف عمان ليس بالجديد فلطالما اعتمدت مبدأ النأي بالنفس عن كل الصراعات في المنطقة وتبنت في المقابل الاستقلالية في اتخاذ القرار والتزام الحيدة وتتسم مواقفها بالعقلانية أما خطواتها فشديدة الحذر ومن ثم كانت حريصة على عدم التورط في أي صراعات، وانعكس هذا بالتبعية على وضعها في الداخل حيث ساده الاستقرار والأمن والأمان وبذلك استطاعت تحقيق توازن دقيق مكنها من عدم الانخراط المباشر في الأزمات.
يحمد لعمان موقفها حيال سوريا فلقد تبنت منطقا عقلانيا تحفظت من خلاله على كثير من قرارات الجامعة العربية ومن بينها تعليق عضوية سوريا في المنظمة كما تحفظت على سياسات بعض الدول الخليجية حيال الأزمة السورية ورأت أنه كان بالإمكان مساعدة السوريين بوسائل أخرى.

اعتقال علي عبدالله صالح

ولا زلنا في يوم الاثنين ففي «المصري اليوم» أشار زميلنا وصديقنا سليمان جودة في عموده اليومي «خط أحمر» إلى أن الحل الحقيقي لمشكلة الحوثيين هو:
لن يتوقف عنهم العون الداخلي إلا باعتقال رجل اسمه علي عبد الله صالح وتقديمه للمحاكمة بتهمة تعريض أمن المنطقة كله للخطر ثم بتهمة أخرى أشد سوف أتوقف عندها حالا إن الجماعة الحوثية موجودة من زمان في اليمن وكانت تعيش وتتحرك في منطقة صعدة في الشمال ولم تكن تخرج عنها أبدا لأن هذه هي حدودها ولأن هذه هي أقصى إمكاناتها.
وهذا ما أشار إليه في «الأهرام» زميلنا ماهر مقلد بطريقة أخرى عندما قال:
رصد رجل أعمال سعودي مبلغ مليون ريال مكافأة لمن يلقي القبض على الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بينما رصد القيادي اليمني حميد الأحمر مكافأة تعادل خمسين مليون ريال يمني لمن تقتله أو يلقي القبض عليه أو على عبد الملك الحوثي زعيم جماعة أنصار الله.
يبدو أن لحظة النهاية الفعلية اقتربت وينتظره المصير المؤجل منذ سنوات فهو لم يتعظ من مصير العقيد معمر القذافي ولا من مصير صدام حسين وما يجري لهما وما الحق بأسرتيهما الآن كل الأنظار تتجه نحو القبض عليه ومحاكمته أو اغتياله.
وإلى «الأخبار» وزميلنا وصديقنا ورئيس تحريرها الأسبق جلال دويدار الذي أستغل ما يحدث في اليمن لتحذير الساسة العراقيين والعرب بقوله في عموده اليومي «خواطر»:
كم أرجو أن يكون جميع ساسة العراق خاصة المنتمين منهم للمذهب الشيعي قد استوعبوا درس الجنوح إلى الانتماء الطائفي وليس الانتماء الوطني الذي هدد وما زال يهدد الدولة العراقية بالتمزق والضياع عليهم التعامل مع هذا الملف من منظور وطني وقومي مما يؤدي إلى الحفاظ على الهوية العربية للعراق.
تحقيق هذا الهدف يتطلب الابتعاد عن الاستقطاب والجنايات التي تدفع بهذه الدولة العريقة إلى التبعية وهيمنة القوى الخارجية على مقدراتها والمساعدة في الوصول إلى هذه الغاية يحتم على الدول العربية التي تربطها بالشعب العراقي أقوى العلاقات إلى فتح قلوبها وتقديم ما يمكن من مساعدة كي يعبر العراق هذا المأزق الذي حولها إلى ساحة للصراع وتهديد الوجود.

حرب أكتوبر ليست آخر الحروب

وفي العدد نفسه اتجه زميلنا وصديقنا ورئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الأسبق رفعت رشاد إلى معالجة قضية المخاوف التي تنتاب البعض من تورط مصر في حرب جديدة فقال: كان من أثر الحملات التي تمت لغسل مخ المواطن العربي تكريس أن حرب أكتوبر 1973 آخر الحروب وكان التاريخ يجب ان يتوقف هناك كما رسخ أن من أهم إنجازات الرئيس الأسبق مبارك أنه حافظ على السلام لقد حافظ على السلام لكن الساحة العربية انتهكت بشكل غير مسبوق فقد ضاع العراق وتقهقرت التنمية وتنازلت مصر عن صولجان القيادة العربية لتغريد إيران وتركيا في المنطقة بكاملها بدون حساب مما أدى إلى ارتماء البعض ليس في أحضان هؤلاء فحسب لكن في حضن إسرائيل العدو الدائم للوطن العربي.
ناهيك عن تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية بعد ما أدرك الجميع أن لا حرب بعد خروج مصر بعد تولي الرئيس السيسي وجدنا نبرة مختلفة تصريحاته أكدت أن لا مانع من خوض حرب من أجل الدفاع والحفاظ على الأمن القومي التدخل في اليمن مبرر سياسيا وقانونيا بعدما عجزت السياسة عن تحجيم خطر إيران ورأس حربتها في اليمن الحوثيين وقد آن الأوان للعرب أن يذخروا بنادقهم حتى لا تصدأ أو تأكلهم ذئاب الفرس والترك.
لكن زميلته في «الاخبار» رجاء النمر رغم اشتراكها معه في الإيمان بالعروبة والميل لخالد الذكر حذرت من تكرار تجربة إرسال القوات المصرية إلى اليمن بقولها:
بصراحة الشعب المصري كله بدءا من جيل الستينيات حتى جيل ثورة يناير ويونيو لديهم فوبيا أسمها اليمن منذ التدخل العسكري لإنجاح الثورة اليمنية والتضحية بخيرة أبنائنا والقوة العسكرية التي أضعفتها في اليمن وثورتها وعاد التاريخ يكرر نفس الاسم «حرب اليمن».
ما تحمله الكلمة من آلام استمرت حتى بعد النكسة ولم يمحها إلا انتصار أكتوبر «حرب اليمن» هذه المرة حرب من أجل البقاء بقاء الأمة العربية وقضاء على الإرهاب الذي طال كل شبر فيها «حرب» لن ينجو من ويلاتها من لا يشارك في القضاء على أسبابها حرب بدأتها القوة العربية في العراق وسوريا وليبيا ولبنان فبات العرب وشعوبهم لقمة سائغة لأمريكا وشركائها وإيران وعملائها شبح حرب اليمن طل على المصريين ثانية الكل خائف من أي تدخل بري لقواتنا المسلحة في اليمن حتى الخبراء العسكريين الذين يفهمون أكثر منا بالتأكيد يتخوفون ويحذرون من قرار التدخل البري في اليمن الحل في القوة العربية المشتركة وتفعيل القارات القديمة أيام كان العرب على استعداد أن يكونوا جبهة واحدة صامدة أيام مصر عبد الناصر ومع ذلك نرفض التدخل العسكري البري في اليمن.
وإلى «جمهورية» الاثنين وزميلنا السيد البابلي الذي أخذ نفسا عميقا وابتسم قائلا ومتذكرا الأيام الخوإلى:
وأعادنا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الأيام الخوالي عندما كنا نؤمن بأن الوطن العربي كله هو بلادي وهتاف الرئيس في قمة شرم الشيخ بـ«تحيا الأمة العربية» كان إعلانا عن عودة مصر لقيادة العالم العربي وكان دعوة لإحياء العروبة في هذه الأوقات الصعبة التي كثرت فيها التحديات والأزمات في ليبيا والعراق وسوريا واليمن والتي ظهر فيها الإرهاب منظما وعميقا وغريبا ودمويا.
وكان لابد أن تعود مصر لدورها واستعادة مكانتها وتأثيرها فقد تاه العالم العربي في سنوات شيخوخة مبارك التي تقوقع فيها دور مصر وأنعزلت محليا وتوقفت عن التحرك الفعال عربيا وخارجيا، إن مصر التي تعود من جديد لتقود العالم العربي عليها أن تتخطى صعابا داخلية مقلقة لتضرب بالمثل في كيفية النهوض والانطلاق ولكي يكون هناك دروس مستفادة من التجربة تضيئ الطريق للآخرين.

بيانات وتوصيات إلى إدراج الأمانة العامة للجامعة

وبعده تنفس زميله في «الجمهورية» عبد الجواد حربي بمثل ما تنفس به وقال: مضت القمة كسابقاتها واكتفينا ببيانات وتوصيات تضاف إلى ملفات القمم السابقة في إدراج الأمانة العامة للجامعة العربية دون قرارات حاسمة تضمد جراح السوريين او تلملم أشلاء ليبيا الشقيقة او تمسح دموع اليمن الذي كان سعيدا حتى سنوات قليلة مضت وبعد أن كان الملف الفلسطيني على مدى عشرات السنين متصدرا جداول أعمال القمم السابقة تراجع كثيرا أمام سيل الملفات الملتهبة في الوطن العربي الكبير تراجعت قضية العرب الأولى بعد أن فرضت إسرائيل ومعها أمريكا عشرات الملفات علينا ونجحت في خطتها لتدمير الدول العربية من داخلها إن الفرصة لا تزال أمام العرب، أدركوها قبل فوات الأوان وضياع الأوطان ولتكن البداية تلك القوة العسكرية المشتركة التي أعلنتم عنها.
أخيرا إلى التحذير الذي أطلقه يوم الاثنين أيضا في «المصري اليوم» زميلنا وصديقنا والرسام الموهوب عمرو سليم من خطر حدوث هجرة لليمنيين إلى مصر فقال أنه كان يسير في شارع قصر النيل فشاهد أثنين احدهما يقرأ في صحيفة عن الأزمة اليمنية وقال لصديقه:
- طبعا لازم أقلق العراقيين لما جم فتحوا محلات سوبر ماركت ومطاعم والسوريين فتحوا محلات حلويات وشاورما بس القات اليمني ده نخلص منه أزاي؟

معارك الإسلاميين

وإلى إخواننا في التيار الديني ومعاركهم وهي أكثر المعارك حيوية وطرافة ويوم الثلاثاء قبل الماضي قال زميلنا جلاء جاب الله رئيس تحرير جريدة «عقيدتي» الدينية التي تصدر كل ثلاثاء عن دار التحرير «قومية» والتي تصدر الجمهورية والمساء ويرأس جاب الله مجلس إدارتها قال:
أصبح أهل التخصص غائبين عن مجالاتهم وأصبح كل من هب ودب هو المخول بالفتيا في الطب والهندسة وفي الفقه وفي كل شئ يكفي أن يحمل شهادة الفهلوة ويكون صاحب خبرة في الكلام والتقعير وإذا زدت على ذلك بمجموعة من الجهلة يصدقونك فهذه هي توليفة النجاح والتفوق، الساحة متاحة لكل من هب ودب حتى وصل ذلك إلى ساحة التجديد في الخطاب الديني تجديد الخطاب الديني قضية خطيرة إذا تصدى لها الجهلة أو ذو الهوى أو أصحاب الفرص وفقدت مصداقيتها بل تحولت من قضية ضرورية وإيجابية إلى قضية سلبية لا حاجة لنا بها لأنها بهذا الشكل تضر ولا تنفع تجديد الخطاب الديني ليس ضد الدين أو ثوابت الدين ولكنه لحماية الدين ولصالحه وللتأكيد على ثوابته كما أن هذا التجديد ليس مجالا مباحا لكل من يملك الكلام وإلا ضاعت القضية.
وهذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها عن معاهد تمنح شهادة الفهلوة بدلا من الدبلوم كما أحتل حديث الرئيس السيسي مع إذاعة القرآن الكريم بمناسبة مرور 51 سنة على إنشائها قدرا آخر من الاهتمام إذ قال عنها يوم الخميس في «اللواء الإسلامي» التي تصدر أسبوعيا عن مؤسسة أخبار اليوم «القومية» زميلنا محمد الشندويلي:
انطلقت إذاعة القرآن الكريم وشعارها الوسطية ومنهجها «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» ومن هؤلاء العلماء الذين أسهموا بفكرهم في تلك الإذاعة أصحاب الفضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت والإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود والشيخ محمد الغزالي والشيخ محمد متولي الشعراوي وآخرون.
كان لقرار إنشائهما ظروف دعت إلى اتخاذه ففي أوائل الستينيات من القرن الماضي ظهرت طبعة مذهبية من المصحف ذات ورق فاخر بها تحريفات خبيثة ومقصودة لبعض آياته منها قوله تعإلى: «ومن يبغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين «وطبعوها مع حذف كلمة» غير فأصبحت الآية تعطي عكس معناها تماما وكانت هذه الطبعة رغم فخامتها رخيصة الثمن وكان تحريفها خفيا على هذا النحو لكن الله تولى حفظ كتابه حيث يقول: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» ومن يهيئ من الوسائل ما يحقق هذا الحفظ ؟
فلقد استنفرت وزارة الأوقاف والأزهر الشريف ممثلا في هيئة كبار العلماء في ذلك الوقت لكي تتدارك هذا العدوان الأثيم على كتاب الله وبعد الأخذ والرد تمخضت الجهود عن تسجيل صوتي للمصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بصوت القارئ الشيخ محمود خليل الحصري على أسطوانات توزع كنسخ على المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي باعتبار ذلك أفضل وسيلة لحماية المصحف الشريف من الاعتداء عليه وكان هذا أول جمع صوتي للقرآن الكريم بعد أول جمع كتابي له في صدر الإسلام.
ويصور فضيلة الإمام الأكبر د. عبد الحليم محمود شيخ الأزهر رحمه الله والفضل الجماهيري بانطلاق صوت الوحي من محطة إذاعة القرآن الكريم فيقول في الاحتفال بالعيد العاشر لإذاعة القرآن الكريم «لا أزل أذكر أننا كنا ذات يوم في مؤتمر يجمع البحوث الإسلامية وجاءتنا البشرى بأن الدولة قررت إنشاء إذاعة خاصة بالقرآن الكريم وسرنا هذا النبأ سرورا عظيما لكننا لم نقدر أثره في نفوس المؤمنين حق قدره وتبين ذلك في صورة واقعية يوم أن بدأت المحطة تذيع لقد كان يوما مشهودا في ذلك اليوم الأعز سمعنا القرآن المرتل في كل شارع مررنا به وكان أصحاب المحلات التجارية يستمعون إلى الإذاعة في متاجرهم وربات البيوت يستمعن في بيوتهن والجميع في فرح غامر وفي استبشار واضح.
اييه .. اييه .. وهكذا ذكرنا زميلنا الشندويلي بما كان من نشر الكفر في عهد خالد الذكر بواسطة هذه الإذاعة لتتولى ذلك أقول قولي هذا لأننا في عهد السادات قرأنا عجبا للدكتور الشيخ عبد الحليم محمود الذي كان وكيل الأزهر في عهد جمال عبد الناصر (آسف جدا أقصد خالد الذكر) وأصبح شيخا له في عهد السادات عندما قال في أكثر من تصريح عن أنه كانت تتم محاربة الإسلام في العهد السابق وكان وقتها الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف وكان الاثنان شيخ الأزهر ووزير الأوقاف يفتتحان معهدا دينيا تابعا للأزهر وألقى الشعراوي كلمة قال فيها: اليوم نفتتح معاهد لنشر الإيمان وفي السابق كنا نحتفل بافتتاح معاهد لنشر الإلحاد المهم أن الشيخ عبد الحليم كان في عهد خالد الذكر عضوا أيضا في التنظيم السياسي وما أقوله سبق وعرضنا له وهو مذاع في التلفزيون والإذاعة ومنشور في الصحف أيضا فقد أخطأ زميلنا محمد عندما قال أن صدور الطبعة المحرفة من المصحف استفزت الأزهر ممثلا في هيئة كبار العلماء لأن الهيئة لم تكن موجودة وقتها بعد ان ألغيت عام 1961 وحل محلها مجمع البحوث الإسلامية لصدور القانون رقم 161 لسنة 1961 بتطوير الأزهر .. اييه .. اييه أيام . أما «الجمهورية» فنشرت في يوم الخميس نفسه تحقيقا عن حديث الرئيس قالت فيه نقلا عنه:
نحتاج للوقوف كثيرا وننظر لأحوال بلاد المسلمين وسلوكيات وممارسات المسلمين بدون انحياز بشكل من التجرد وننظر أحوالنا وأين نحن من أفغانستان إلى باكستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن ومصر ونيجريا والصومال وننظر يا مسلمين ماذا تفعلون في أنفسكم وفي البشرية والإنسانية هل هذا هو صحيح الإسلام هل هذه الرحمة المهداة هل هذا السلام والأمن الذي نوفره لأنفسنا ومجتمعنا والإنسانية. لا والله هل هناك دين يأمر بذلك نحن نسيئ لإسلامنا نحن نقدم صورة سيئة جدا للعالم ونقول هذا هو الدين إن الحق سبحانه وتعالى العزيز لا يقبل أبدا أن يفرض على الناس عبادته وأن تكون عبادته خارج إرادتهم خوفا أو تحسبا من ممارسات عنيفة توجه ضدهم من يقول إن ربنا يقبل ذلك «ربنا سبحانه وتعالى خلق مخلوقات لا نعرفها ولم نرها بين السموات السبع ساجدين قائمين راكعين يسبحون الله ليل نهار لكن حين خلق البشر خيرهم ليأتوا برغبتهم لأن هذا الكلام هو جوهر الإسلام إن الناس تعبد ربها بإرادتها وهو من يحاسبنا.
إننا نرى الناس تقول لا إله إلا الله محمد رسول الله تقتل وتدمر وتخرب أمة ويؤخرها سنين طويلة وتقول إنها تنشر الإسلام والله لن يعز الإسلام بسفك الدماء ولن يعز الإسلام بالمفسدين في الأرض.

الرئيس ودور الداعية

وقد سارع صاحبنا هشام المياني للتعليق على حديث الرئيس بالقول في اليوم نفسه في «المقال»:
السيسي اختار مناسبة منطقية لحديثه وهي ذكرى إنشاء إذاعة القرآن الكريم كما أنه لم يتحدث عن برامج سياسية أو سياسات اقتصادية تخص طريقة حكمة للبلاد ما يعني أن الرجل لم يلجأ إلى هذه الإذاعة الدينية من اجل السياسة فقط تحدث عن عراقة تلك الإذاعة ودورها المهم والتاريخي في التعريف بالدين الإسلامي وهو ما دعاه لاستدعاء هذا الدور حاليا لمحاربة التطرف الذي يهدد الدولة.
ودعنا نؤكد أن اهتمام رئيس الجمهورية بإذاعة القرآن الكريم يعطيها دفعة واهتماما كبيرا من جانب المسؤولين باتحاد الإذاعة والتلفزيون والمحطة في أمس الحاجة إلى هذا الاهتمام بعدما عانت سنوات من الإهمال رغم شعبيتها الكبيرة ودخولها كل بيت مصر وقد يكون كل بيت عربي.
أما عن هدف السيسي هنا فواضح أنه أراد أن يعول على تلك الإذاعة ذات الشعبية الكبيرة والانتشار الواسع لتحقيق ما يطمح فيه من تصحيح للأفكار الدينية المغلوطة التي يعمل المتطرفون على بثها في عقول المصريين خصوصا الشباب.
ولكن ما فعله الرئيس قد يوحي بأنه لم يعد يعول على شيوخ الأزهر والأوقاف في القيام بتلك المهمة التي طالبهم بها منذ كانون الثاني/يناير الماضي حيث طالب بثورة دينية لتصحيح المفاهيم والأفكار المغلوطة فالرئيس هنا يكاد يكون قام بدور الداعية عبر إذاعة القرآن الكريم وهو الدور المنوط بعلماء الأزهر وشيوخ الأوقاف إلا أننا نوضح انه يجب على الرئيس أيضا أن يدلي بحوار مماثل لأي إذاعة أو محطة تلفزيونية قبطية من أجل الدعوة أيضا لتصحيح المفاهيم المغلوطة أيضا عن الدين المسيحي وذلك في المقام الأول حتى لا يتم تفسير الأمر أنه تحيز من الرئيس للمسلمين بأن خص إذاعة المسلمين بحوار دون الأقباط وأيضا لأن هناك مفاهيم مغلوطة صدرها بعض المتطرفين عن الدين المسيحي وتتسبب في فتن ولا تقل خطورة عن المفاهيم المغلوطة التي ألصقت بالإسلام.

حسنين كروم
&