جاسر الجاسر

اختيار «التايم» لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ضمن الشخصيات الأكثر تأثيراً في العالم لا يعدو كونه مجرد شهادة أخرى تؤكد ريادته الفريدة، خصوصاً أن الكلمة الصادقة الجميلة التي كتبها الملك عبدالله الثاني كانت مبادرة نبيلة تعلن هذا التأثير على أعلى المستويات، وبادرة مختلفة غير مسبوقة في هذا الإطار. أهمية لائحة المجلة تكمن في أن اختيارها جاء والملك لم يمضِ أكثر من ثمانين يوماً في الحكم، ما يعني أن فعله وصلابته وحركته اعتصرت الزمن فطوت أيامه ففاق من سبقوه زمناً، وأمضوا سنوات في القيادة والسلطة، فلم تستطع المجلة أن تتجاوز الأثر الباهر، والحضور الذي كان حديث العالم حتى لو لم تأتِ «عاصفة الحزم»، لأن كل خطوة كانت تثمر نقلة في الرؤية والتخطيط والعمل.

&

جرت العادة، على الأقل إعلامياً، الانتظار مئة يوم لاستكشاف الخطة العامة لأي زعيم جديد، ومن ثم استقراء طريقته في الفترة اللاحقة، لكنَّ سلماناً لا يطيق صبراً على هذا الزمن الطويل في نظره، القصير بحسابات العرف والاعتياد. منذ الساعات الأولى جاءت أفعال سلمان وليس أقواله، ولعل الوفد الأميركي الذي جاء برفقة أوباما جامعاً ثلاثة أجيال من الحكومة الأميركية أول استشعار لشخصية هذا القائد وطريقة تعاطيه مع كل قضايا المنطقة. أدار عملية سياسية معقدة همشت فوارق العالمين العربي والإسلامي ورفعت نقاط توافقهما فصنع تلاحماً كانت تتهدده الفرقة والاختلافات. كانت الرياض عاصمة لا ينقطع زوارها في جهد لم تكن غايته احتفالية وإعلامية، بل عملاً كامناً أثمرت زراعته في التحالف العربي الفريد الذي قادته السعودية لإنقاذ اليمن قبل أن تلحقه رايات الحرس الثوري بدمشق وغيرها، وبتر التمدد العدواني لطهران المستهدف تركيع العرب وتمزيق كياناتهم.

&

«عاصفة الحزم» معنى ومبنى، أعادت الروح إلى العرب، ومنحتهم صفة القدرة والفعل، واسترجعت صلابة لُحمتهم الوجودية بعد أن أوشكت أن تكون زبدة تحت الشمس. بثت تياراً عارماً من الشعور بالفخر والكرامة عربياً وإسلامياً، وفرضت توازناً صارماً توهّم الكثيرون استحالة تحقيقه فأصبح سلمان علامة النهضة بعد الرقاد، والنصر بعد توالي الهزائم والخيبات.

&

لو غاب سلمان عن اللائحة ما ضره شيء، فهي واحدة من خيارات مماثلة، لكن وجوده فيها يضيف لها القيمة والمعيارية، فلا يمكنها أن تنجح دونه وهو حديث العالم وهاجسه بسبب حكمته ومهارته وسرعة قراره المحسوب بدقة وذكاء.

&

منذ اليوم الأول أنشأ الملك سلمان مجلسين يديران الشؤون السياسية والتنموية، وحدد نطاق عمل كل منهما فكانا يتسابقان للإنجاز، داخلاً وخارجاً، بسرعة وتنوع أرهقا الإعلام والمتابعين، فلا يمر يوم دون فعل متحقق، أو خطة تتبرعم.

&

في العاشر من مارس الماضي غرّد الملك قائلاً: «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك».

&

نعم لقد قلت وفعلت، وصدقت والتزمت، وما تعيشه السعودية من نجاح وريادة لم يقتصر عليها بل هو روح دافعة تتعمق وتتسع عربياً وإسلامياً.

&

كل هذا وسقف المئة يوم أمامه أسبوعان ليكتمل، فهل سيظل تقليداً له قيمته واعتباره أم أن الاستثنائيين لا تنطبق عليهم القواعد التقليدية؟
&