&مطلق بن سعود المطيري


المشروع الإيراني يتنفس برئة عربية وإن توقفت لا حياة له، فالعرب وحدهم القادرون على منح دولة الولي الفقيه النجاح والتمدد في دارهم، ليس لدى إيران أدوات تستخدمها في الاقتصاد أو السياسة أو الثقافة لتنفذ من خلالها للجسد العربي وتتحكم في حركته ومسار خياراته، فالنموذج السياسي الإيراني نموذج طائفي إقصائي يفرض حضوره بالقوة الدنيئة، لا إغراء به يجذب النازعين للحرية أو حماية الدين أو أي شكل من أشكال صناعة نموذج سياسي يستوعب جميع مكونات المجتمع ويجعل وجودهم منسجماً مع تاريخهم ومناضلاً في سبيل تحقيق مستقبل آمن، وفي الاقتصاد عملت على نهب خيرات البلدان التي دخلتها من أبواب الطائفية والتفجيرات مثل العراق الذي أصبحت طهران شريكاً له في إنتاج بتروله، وميزانيته تجمع وتنفق على مشروع إيران في البصرة وبغداد والأنبار. ثقافياً تنتج الأكاذيب ودعايات المذهبية المضللة من أجل تعميق انقساماتنا وتسهيل وصولنا لسكاكين الغدر لنقتل بها بعضنا غدراً وخيانة..

العربي يعيش مشكلة وجودية غير مسبوقة في تاريخه الحديث فلم يعد انكساره نتيجة ضياع حلم تحرير فلسطين، أو نتيجة تهور بعض الزعماء مثل ناصر وصدام، بل لأنه فقد الثقة بتاريخه وقدرته على المحافظة على جغرافيته، ومن هذا تحول من هوية قومية تخلق أدواتها الدفاعية، إلى هوية ضائعة بين الطائفية الدينية وهوية المصالح الحزبية، فأصبح لا يستطيع أن يخلق أسباب معيشته إلا من خلال هذين العنوانين، فالتاريخ يذكره بالهزيمة والدكتاتورية وهما من واقع حياته كانا نتيجة حقيقية للإيمان في العروبة، فالعروبة في الذاكرة العربية الحديثة تعني القمع والهزيمة، فكرة جميلة في حلمها شديدة القسوة والظلم في واقعها، فقد أصبحت القومية العربية عقيدة عصابات مجموعة قليلة من الأفراد تنهب الأموال وتقتل المخالفين باسم الحفاظ على العروبة والدفاع عنها مثل نظام الأسد وعلي عبدالله صالح..

من هذا الواقع نجحت جماعات الإسلام السياسي والتطرف والتدخلات الطائفية في اللجوء إلى الأفكار العدمية التي تعجل الوصول للنهايات؛ تطرف، هجرة، انتحار ثقافي المهم أن ينهي العربي أي اعتبار يربطه بفكرة العروبة، فهويته عجزت أن تحافظ على أصولها التاريخية وانهارت أمام اختبارات الحياة البسيطة والعادية من تعليم وحريات عامة.. عاصفة الحزم جاءت في الوقت المناسب ليس كخيار تاريخي يذكر بحقيقة تاريخية عمل الإنسان العربي على تجاوزها ونسيانها، بل لأنها حملت بشرى بواقع يفصل بين تاريخ وتاريخ، يفصل بين تاريخ الدكتاتورية القومية وبين تطرف القوميات الأخرى مثل الفارسية، اللتين صنعتا ذاكرة مشوهة لا تحلم إلا بالخلاص من كوابيس الماضي وويلات الجار والنار في الحاضر، واقع العاصفة واقع تحرك بفعل وتضحيات من أجل إنسان عربي لم يكن يحلم بواقع مثل هذا الواقع، لما عرف أنها حقيقة منع رئته عن التنفس من أجل حياة الجسد الفارسي، أما الأصوات العربية التي تنافخ عن طهران فرئتها صناعية متى ما أوقفت عنها إيران البطاريات ماتت.

&