&مطلق بن سعود المطيري


الصراع الدائر اليوم في اليمن ليس صراعا سياسيا تحضر فيه التنازلات والمكاسب للوصول الى اتفاق وطني يضمن الانتقال من مرحلة الحرب الى مرحلة الاستقرار، فالسياسة هي الضحية لهذا العنف الذي تشكل في الضمائر كعقيدة وليس كأخطاء وانحرافات، وحرب العقائد دائما ما تستعير زمنا من المستقبل لتكمل به كفاحها في الزمن الحاضر، فالمستقبل كوضع موجود على الرغم من زمانه المخفي وراء الأيام المقبلة.

فالتحذير من تحول ميليشيا الحوثي الى نسخة من حزب الله الإيراني تحذير زماني يريد التصرف بعقلانية مع المستقبل، ولكن غاب عن هذا التحذير وضع المستفبل المشاهد اليوم، فالحوثي أصبح في الواقع نسخة من حزب الله اللبناني، ومن يريد ان يمنع وجوده سوف يصطدم بموانع كثيرة، فمنطلقات الحوثي التي تربطه بطهران جعلت من ارتباطه بالولي الفقيه ارتباطا مصيريا، فحاضر انتمائه يشبه تماما مستقبل انتمائه، والسياسة ليست مجالا يستطيع خصوم الحوثي السياسيون دفعه اليها للوصول الى حلول وطنية تمنع التفجير والاستيلاء على مقدرات الدولة، فدعوة الحوثي الى فك ارتباطه بطهران يراها كفرا لن يرضاه.

فدعوة الحوثي اليوم التي جاءت من دول عربية وعالمية الى تحييد السلاح والدخول في حوار سياسي مع المجموعات السياسة الاخرى، دعوة تثبت التدخل الايراني سياسيا في اليمن، فالحوثي أصبح فعلا هو حزب الله اليمني، فالاعتراف السياسي بوجوده تحقق والمفاوضات جميعها تريد فقط نزع سلاحه وتسليمه الى الدولة، دعوات تذكر بالوضع في لبنان عندما يطالب نصر الله بتسليم سلاح حزبه الى الدولة، فالسلاح الذي يمسك به الحوثي سلاح عقائدي بينه وبين تسليمه الموت، فطهران جهزت الحوثي نفسيا للتعامل مع كل المتغيرات وعرفت كيف تخفي وجود الدولة حتى لا يكون هناك مفهوم وطني واحد للاستقرار.

الحل اذا استطاعت القبائل اليمنية رد الاعتبار للقيم الوطنية، والاعتراف بأن القبيلة لا تصنع وطنا، ولكنها تستطيع ان تحمي البلد من العقائد الخارجية التي تريد ان تنهي وجوده لحساب عقيدة مستوردة ترسم شكل المستقبل بتزييف الوجود القبلي، وليتحقق ذلك على القبائل اليمنية ان تدعو الى اجتماع لكل قبائل اليمن لرد الاعتبار للقيم الوطنية لبلدهم اليمن، من هذه الاعتبارات منع تشكيل أحزاب عقائدية ورفض المحاصصات السياسية التي تزيد حجم المشكلة أكثر من حلها.. فالقبيلة في اليمن أصل، أما تدخلات طهران فهي عبث مستورد في القبيلة أولا قبل ان تكون عبثا في الدولة، وإن استطاع الحوثي ان يكسب موقعا سياسيا في الخريطة السياسية اليمنية بسبب امتلاكه جماعة عقائدية تؤمن بقدسية مطالبها ووجودها، سيعمل على إنهاء وجود الدوله عن طريق فوضى الانتماءات القبلية وتدخلات إيران.
&