&أحمد الفراج

&
بكل أمانة وصدق، لم أتفاجأ بقدرة قوات أمننا الباسلة في القبض على من تسبب باستشهاد رجال الأمن، والذين كانوا يؤدون واجبهم لحمايتنا، كما لم أتفاجأ من الإعلان عن كشف هوية الوسيط، رغم محاولاته التضليل، من خلال انتحال اسم وهمي، والحديث بلهجة مختلفة، فقدرة الأمن السعودي لاقت إشادات عالمية، خلال السنوات الأخيرة، ويتعجب المرء من قدرة التنظيمات الإرهابية على التجنيد والحشد لمشاريع القتل والتفجير، إذ لا يستطيع أعتى علماء النفس أن يقرأ نفسية مثل هؤلاء الشباب، الذين ارتكبوا أعظم خيانة يمكن أن يتخيلها الإنسان، وهي الاعتداء على رجال الأمن، في الوقت الذي تحارب فيه قواتنا المسلحة على جبهة خارجية، إذ من الواضح أن سدنة الإرهاب في الداخل والخارج قرؤوا نفسية المتهم يزيد أبو نيان، والذي توحي سيرته بأنه عاد من الولايات المتحدة الأمريكية محبطاً، بعد أن واجه الكثير من المشاكل مع السلطات هناك، ما يعني أن « العنف» كان جزءاً من شخصيته، حتى عندما كان شخصاً طبيعياً، وقد استقطبه سدنة الإرهاب، لأنه من النوع الذي يبحث عن أي دور ليعوضه عن الفشل الذي لازمه طويلاً .

إنّ أكثر ما استوقفني في قضية الإعلان عن القبض على يزيد أبو نيان، هو أنه يبلغ الثالثة والعشرين من العمر !!، وهذا يعني أنه كان طفلاً لم يتجاوز التاسعة من عمره، عندما حدثت كارثة سبتمبر في نيويورك، وقد كتبنا كثيراً بأن هذا يعني أن ماكينة تفريخ الإرهابيين تعمل بكل طاقتها، وأن كل الجهود التي بذلت لم تؤت أكلها، وفي تقديري أن أساس البلاء والمشكلة هم « المحرضون «، أو قعدة الخوارج، كما يطلق عليهم، فهؤلاء يعملون بكل طاقتهم من خلال الخطب، والمحاضرات، ووسائل التواصل الاجتماعي، وهم ليسوا نكرات، بل معروفون بأسمائهم الصريحة، ومنهم أساتذة جامعات، وخطباء، ودعاة مشاهير، فهم لا يتوقفون عن القدح بسياسات الوطن، والحط من قيمة كل ما هو وطني، وتأجيج الطائفية، وتكريس بغض الآخر المختلف، والأدهى هو أن هؤلاء المحرضين لا يطبقون حرفاً مما يقولون، ولا يمكن أن يسمح أيٌ منهم لابنه بأن يطبق ما يدعو إليه، بل إنّ معظم أبناء هؤلاء يدرسون في أرقى جامعات العالم، ويعيشون في ظل رفاهية يندر أن يوجد لها مثيل، وهنا يكون الضحية لتحريضهم هو الشاب البسيط « البعيد «، ولا يشعر هؤلاء المحرضون بأي ندم، طالما أن وقود معاركهم هو شخص مجهول، يحترق أو يموت، ثم يكونون نجوماً فوق جثته!.

أشعر بأسى كبير وأنا أشاهد الشاب يزيد ينهي حياته باكراً بأسوأ طريقة ممكنة، وأتعاطف مع أسرته، فهو يظل منا وفينا، ولكني أتمنى أن لا نواصل علاج الأعراض ونترك «جذور « المشكلة، والمشكلة نعرفها جميعاً، إذ لا يمكن أن نترك المتشددين المحرضين يسرحون ويمرحون عياناً بياناً، ثم نتوقع أن ينشأ شبابنا على « الاعتدال «، والمسؤولية تقع هنا على الجميع، وبالأخص وزارة التعليم، ووزارة الشؤون الإسلامية، ورعاية الشباب، ويجب أن يكون الهدف الأكبر هو « لجم ودحر « كل متشدد، أياً كان اسمه وأياً كان موقعه، ومهما تلوّن، وأبدى غير ما يخفي، فهل نفعل قبل فوات الأوان؟!.
&