ثريا شاهين


تضافرت الجهود الدولية والإيرانية، ما أدى الى اتفاق ـ إطار حول البرنامج النووي الإيراني هدفه وقف البرنامج العسكري، مقابل رفع العقوبات تدريجياً عن إيران. فهل من تأثير لهذا الاتفاق على المنطقة؟ وما دور مجلس الأمن في تنفيذه؟

تفيد مصادر ديبلوماسية، أن الاتفاق يعني فقط البرنامج النووي، وقد تم فصل قضايا المنطقة عن مفاوضات الاتفاق حول النووي، هذا ما أراده الغرب وإيران على حد سواء. لم تتناول المفاوضات على الإطلاق هذه القضايا، والاتفاق تناول النووي فقط، وكل الخلافات في المنطقة ستبقى قائمة. إنما الفرق والمسألة الايجابية الوحيدة هي أن حواراً سينطلق حول ملفات المنطقة، لكن لا شيء مضموناً. الولايات المتحدة تنتظر من إيران أن تقدم تنازلات، أي أن تكون إيجابية حسب مفهوم الغرب، أي تسهيل الحلول التي يراها الغرب ملائمة. إنما هذا لا يعني انتصاراً لأي فريق، بل يعني حصول مفاوضات للتوصل الى حل وسط.

إيران قد تنفتح على العالم، لكن هذا لا يعني أن بقية دول المنطقة لن تستمر في التصدي لطهران، وأن الأميركيين سيوافقون على كل ما تطلبه إيران. وبالتالي، لن تقبل واشنطن بمواقف إيران لمجرد أنها وقعّت الاتفاق النووي. وكذلك إيران لن تتراجع لمجرد أنها وقعّت الاتفاق.

مشاكل المنطقة ستبقى بعد الاتفاق، إنما ستتم دعوة إيران الى المؤتمرات المختصة بحل تلك المشاكل، ومن الصعب بعد الآن عدم دعوتها. هذا يعني أنها ستستطيع أن تحفظ مصالحها، في أي اتفاق يتم، لكنها لن تستطيع فرض الاتفاق. كانت إيران مستبعدة، مثلاً لم تتم دعوتها الى اجتماعات «جنيف 2».

عاصفة الحزم، الآن بالنسبة الى اليمن تؤكد أن غالبية الدول العربية لن تسمح لإيران بالسيطرة على اليمن، وأن التحالف العربي جرى تنسيقه مع كل الأطراف المشاركة لا سيما مع مصر وتركيا وباكستان. ولا شك أن إيران إذا وجدت نفسها بعد الاتفاق منتصرة في كثير من المجالات سيصعب عليها القبول بحل وسط للمشاكل في المنطقة. وهذه الفكرة تحديداً هي وراء الحملة العربية في اليمن وأحد أبرز أسبابها، بحيث أن ما يؤمل منها، تحقيق توازن معيّن قبل الجلوس الى طاولة الحوار حول ملفات المنطقة. الصراع في المنطقة يتخذ الطابع السني ـ الشيعي، والتخوف الحقيقي هو من أداء إيراني للهيمنة بغض النظر عن وجود الاتفاق.

وقد يتحول الاتفاق مع إيران الى أن يصبح قراراً من مجلس الأمن الدولي. وهذا هو موقف الإدارة الأميركية، التي تريد أن تلتف على الكونغرس في إطار اللعبة الداخلية الأميركية، وحيث أن الأخير يعارض الاتفاق مع إيران. وتهدف الإدارة بالتالي، الى ضمان تنفيذ الاتفاق، على قاعدة أنه كلما طبقت إيران بنداً منه، جرى رفع للعقوبات بصورة تدريجية، مع الإشارة الى أن ضمان تنفيذه منصوص عليه في سياقه نظراً الى وجود آليات التقنية والمراقبة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

مصادر ديبلوماسية أخرى، تقول إنه لا يستبعد إصدار مجلس الأمن وثيقة في إطار الترحيب بالاتفاق، يضاف اليها آلية رفع للعقوبات المفروضة على إيران من المجلس وفقاً للقرارات الدولية.

ذلك أن ما فُرض بقرار، يتطلب قراراً لرفعه، إلا أنه لن يكون هناك رفع كامل وشامل للعقوبات دفعة واحدة. بل سيتم الأمر وفق معادلة أنه مع كل مسألة تنفذها إيران يتم رفع لعقوبات ما مقابل ذلك. الاتفاق سيُطبق على مراحل تمتد لعشر سنوات وأخرى لـ15 سنة مع آلية مراجعة. ولن يكون هناك رفع مسبق لأي عقوبات. إذ لن يتم الدفع المسبق، بل إن ذلك مشروط باستيفاء بنود الاتفاق وتطبيقها، وإلا لا يكون الاتفاق ثنائياً، بل يفرض عندها كل طرف شروطه على الطرف الآخر.

وتشير المصادر، الى أن الاتفاق ليس في حاجة الى أن يتحول الى قرار. بل يجب أن تكون صيغة الاتفاق كافية لضمان تنفيذه، إنما العودة الى مجلس الأمن تكون حصراً لدى رفع العقوبات، وأي فكرة بتحويله الى قرار ليست شرطاً أساسياً لضمان تنفيذه. وعرضه على المجلس ضروري لكنه غير ملزم. أما الرفع التدريجي للعقوبات عن إيران فيجب أن يثمر حكماً في مجلس الأمن، ويصدر عنه بقرارات. مع الإشارة الى أن إيران استطاعت التملص من تنفيذ كامل للقرارات الدولية المفروضة عليها.