ليس مستغرباً هجوم (نصرالله).. لكن المخزي والمرفوض وغير المتوقع موقف الحكومة

كيف سمح لبنان بنقل حديث «عميل إيران» عن المملكة&في التلفزيون الرسمي؟!

&جمانا الراشد


اعتذر وزير الإعلام اللبناني رمزي جريج عن ما تخللته المقابلة التي نقلها تلفزيون لبنان الرسمي مع الأمين العام لحزب الله من إساءة إلى المملكة ومواقف لا تعبر عن الإعلام اللبناني الرسمي الذي يمثله تلفزيون لبنان.

وأكد الوزير اللبناني لمعالي السفير (السعودي) حرص المؤسسات الإعلامية اللبنانية الرسمية على تقدير المملكة العربية السعودية واحترام قيادتها ومسؤوليها ووعد بإجراء تحقيق داخلي لمحاسبة المسؤولين ومنع تكرار مثل هذه الأمور».

كما تلقى السفير علي عسيري عددًا من الاتصالات المماثلة من وزراء في الحكومة اللبنانية ومسؤولين سياسيين وإعلاميين استنكروا خلالها خطوة تلفزيون لبنان الرسمي، مؤكدين أن الإعلام والإعلاميين اللبنانيين يقدرون عاليًا المواقف النبيلة التي اتخذتها المملكة تجاه لبنان وشعبه ولا تزال، ويرفضون أي إساءة توجه لها من أي جهة.

نبدأ.. ونقول:

&

&

&

شيء مضحك للغاية! مضحك حتى حالة الهستيريا! لحظة لنرتدي قبعة السذاجة، شكراً معالي الوزير على اعتذارك عن بث قناة لبنان الرسمية والحكومية والناطقة باسم الحكومة اللبنانية مقابلة "السيد"! وطبعاً لا ننسى أن نشكر ونثني على المسؤولين السياسيين اللبنانين على مواقفهم السياسية الشجاعة والحكيمة واستنكارهم "خطوة تلفزيون لبنان الرسمي بنقل كلمة "السيد".

فعلاً موقف سياسي يجب ان يدّرس ويحفظ التاريخ بما يشي به من شهامة ووضوح وصراحة وحفظ لمكانة أصدقاء لبنان والمتعاطفين معه بلداً عربياً مواطنه عروبياً يحمل هموم وهواجس الأمة! ومن وهنا تبدأ القصة.

نقلت القناة اللبنانية الرسمية لقاءً مع الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، يتهم فيه الحكومة السعودية بأنها تريد الاستحواذ على اليمن، وفرض هيمنتها عليه؛ مؤكدًا (!!) أن ما يجري في اليمن هو "عدوان" سعودي أمريكي لمنع قيام دولة مستقلة حقيقية؛ حيث إن اليمن كانت ذاهبة إلى هذه النتيجة - تذكير - (في الوقت الذي ترتكب فيه ميليشيات حزب الله أبشع الجرائم، وأقسى أنواع القتل والتشريد والتجويع والحصار في حق الشعب السوري الأعزل والمطالب بحرياته وإنفتاحه على العالم، وممارسة الحياة الكريمة التي يصادرها بشار الأسد وشبيحته وإيران وميليشياتها).

يا سماحة "السيد" كلامك من أوله الى آخره مردود عليه، لكن الخوض في تفنيد ادعاءاتك مضيعة للوقت. فقد تكشفت الخديعة، وظهر الزيف للمتلقي والمستمع والمتابع فلم يعودوا يتفقون معك أو حتى يصغون إلى ترهاتك لأنهم يفهمون المنطق الذي تتحدث منه والايدوليوجية والاهداف السياسية التي تتمنى أن تحققها فالإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. لكن للاسف فقدت المنطق والعقل والحنكة والذكاء السياسي لتصبح دمية او لعبة شطرنج تُحرك جميع خيوطها وتتحكم بكل خطواتها قوة خارجية صنعتك بالاساس. وبالفعل كلام حسن نصرالله ليس المفروض ان يستوقف أحداً، فالسيد الذي يعيش هرطقة تحرير الجنوب عام ٢٠٠٠ صُنع في معسكرات إيرانية في لبنان وبالذات في البقاع على أيادي الحرس الثوري عام ١٩٨٢ بعد ثلاث أعوام من الثورة الاسلامية في ايران. ويأتي في بيان صادر عن الحزب في ١٦ فبراير/ شباط ١٩٨٥ أن الحزب "ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة"، وهنا تتعطل لغة الحوار.

&

&

&

المملكة لم تهدد أمن المنطقة وتحرص على تنمية وازدهار دول العالمين العربي والإسلامي

&

&

&


استغراب ما صدر عن "السيد" هو بالأمر المستغرب. فماذا يتوقع المراقبون والسياسيون من قائد جيش إيران الثوري في لبنان؟ لكن المخزي والمرفوض والغير متوقع والذي لا يسكت عليه هو موقف الحكومة اللبنانية المذكور في بداية هذا الموضوع.

أين رئيس مجلس النواب؟ وأين رئيس مجلس الوزراء؟ وأين الوزراء؟ لحظة.. لحظة.. تذكرت.. الحكومة اللبنانية "تنأى بنفسها عن الخلافات" حفاظاً على الحوار المرتقب بين تيار المستقبل وحزب الله. مسؤلو الدولة الذين تحفظوا على الموضوع حفاظا على الحوار واكتفوا باتصالات هاتفية شخصية للسفير السعودي في لبنان تناسوا أن نصرالله وايران بهذا الموقف تجاهلوا الحوار ولم يعتبروه موجودا من أصله، المشكلة تكمن في عبثية إنكار لهيمنة إيران على لبنان منذ العام ١٩٨٢ وإنكاراً لواقع يعيشه لبنان منذ أن فرش المحتل الإيراني بساطه على ضفاف المتوسط، نستغرب بكل معنى الكلمة "خشية" السياسيين قيام الحوار في 14 أبريل الجاري بعد السجال الذي دار بين حزب الله وتيار المستقبل! عن اي حوار تتحدثون بالضبط؟ لنكن جميعا فقط على نفس الصفحة.. الحوار الذي وضع الشعب اللبناني برمته تحت قبضة السياسة الايرانية؟ الحوار الذي ترك لبنان دون رئيس لفترة دامت اكثر من نصف عام؟ الحوار الذي يعطي حزب الله كل ما يطلبه ليؤكد هيمنته على مؤسسات الدولة؟ الحوار الذي ياخذ فيه حزب الله ولا يعطي؟ الحوار الذي هجر اللبنانيين الى دول العام العربي والغربي؟

اذا كان هذا هو الحوار الذي يخشى السياسيون في لبنان تهديده بالفشل من خلال أخذ موقف سياسي رسمي عن ما صدر من هجمات تسيء إلى أصدقائكم وأشقائكم وحلفائكم العرب في المنطقة فتتعطل لغة الكلام مرة اخرى للاسف، لأنها لغة عقيمة وغير ذات هدف أو جدوى.

هذا ليس "تربيح جميله" على قول اللبنايين لكن هو واقع سياسي واقتصادي واجتماعي وانساني ملموس يتجلى منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان والذي استضافته المملكة. ولن اقوم بسرد ما قدمته المملكة من مساعدات مالية ودعم للاقتصاد اللبناني والجيش اللبناني لكن سأتوقف عند مواقف المملكة السياسية لاعادة سيادة لبنان، والمواقف السياسية التي حدثت في فترة من الفترات من القتل والهيمنة والسيطرة على لبنان، ومواقف المملكة التي تساعد لبنان على انقاذ نفسه من التشرذم وان يتحول إلى دويلة تحكمها ولاية الفقيه. والجهود والمساعي التي بذلت للمصالحة بين اللبنانيين ليعم الأمن والاستقرار لبنان منذ استقلاله حتى اللحظة.

مع ذلك، نسجل الموقف الذي اتخذه كل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق الشيخ سعد الحريري، وعضو كتلة "المستقبل" النائب عاطف مجدلاني. حيث أجمع الثلاثة على انتقاد تصريحات نصرالله وإساءاته المتكررة للمملكة دون رادع أخلاقي أو تقدير للمواقف المشرفة مع لبنان، أو حرص على أواصر العروبة التي تربط لبنان العربي بالمملكة كراعية للعرب، وحاملة لهمومهم مثنين على دور المملكة في لبنان والمنطقة. لكن مع احترامنا الشديد للأطراف الثلاثة كزعماء ساسيين لهم وزنهم وثقلهم في الشارع اللبناني، فهم لا يتحدثون باسم الحكومة اللبنانية. ومن المفروض ان يخرج مجلس الوزراء ببيان وزاري موضحاً موقف الحكومة اللبنانية وإستنكارها لهذا الفعل.

رسالة واضحة لاي جهة تشكك في كيان المملكة العربية السعودية نقول:

لم يقم هذا الوطن بامتداده الجغرافي برغبة أو قوة دول أجنبية إقليمية كانت أو دولية، ولم يتأسس بتحالفات ومساعدات فرضت عليه توجهاته السياسية. المملكة لم تحارب حرب غيرها ولم تهدد أمن بلدها والمنطقة. سياسة المملكة الخارجية تنبع من أسس وضعها من صنع هذا الكيان الجغرافي، وأهميتها كدولة مؤثرة في المنطقة، وحرصها على تنمية وازدهار دول العالم العربي والاسلامي. وهذا لا يتم الا ضمن استقرار وآمان واستقلالية وهذا ما تحرص عليه المملكة في كل المواقف والمنابر، الصورة واضحة لاتقبل المزايدات، ولا مجال للتشويه.

ونختم بما يضحك من توصيات "السيد" للحريري:

دولة الرئيس الشيخ سعد الحريري.. "بفتكر لازم تمرق" على بير حسن (مقر السفارة الإيرانية) قبل جلوسكم معنا على طاولة الحوار "إذا بدك هالحوار يمشي" واختصارا للوقت.
&