أيمـن الـحـمـاد


قدر دول الخليج في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة أن تصبح اللاعب الرئيسي والمؤثر، في وقت يبدو أن المشهد العربي يعيش صيرورة غير واضحة النهايات، فالمواقف السياسية المتبدلة، والتلون حسب طبيعة الحدث ترهق قراء ومحللي ذلك المشهد الذي يبدو سريالياً أكثر من أي وقت مضى.

هذه المرة تبدو القمة التشاورية مختلفة واستثنائية، وأبرز ما يميزها ثلاثة أحداث في غاية الأهمية، الأول أنها تأتي في وقت تنخرط دول المجلس الست في عمل عسكري تمت الموافقة عليه من مجلس الأمن، تهدف من خلالها إعادة الوضع السياسي في اليمن إلى وضعه الطبيعي، إضافة إلى القضاء على التهديد الأمني الإقليمي جراء الانقلاب الذي تقوم به ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. إذ وبعد انتهاء عملية "عاصفة الحزم" التي حققت أهدافها يطمح التحالف العربي لتحقيق أهداف عملية "إعادة الأمل"، التي ترغب دول التعاون أن تستطيع من خلالها دفع مسار العمل السياسي وإنجاحه بشكل يضمن معه عودة الشرعية المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي.

الأمر الثاني أن قادة دول المجلس سيجتمعون بالرئيس الأميركي في واشنطن بدعوة من الأخير، في قمة سيغلب عليها بدون شك الملف النووي الإيراني الذي ينتظر أن يشهد تطوراً حاسماً نهاية الشهر المقبل، وترغب الدول الخليجية أن ترتب أوراقها قبل انعقاد القمة، وينتظر أن تشهد المنطقة حراكاً خليجياً مقبلاً على كل المستويات لتوحيد المواقف والرؤى تجاه هذا الملف الذي يقلق دول التعاون بسبب سلوكيات طهران العدائية.

الأمر الثالث وهو استثنائي ويحمل رسالة سياسية المضمون بحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للقمة الخليجية بدعوة من قادة دول المجلس الذين يرون في فرنسا حليفة يمكن الوثوق بها؛ خصوصاً في الملفات والقضايا التي تراها العواصم الخليجية ذات بعد حيوي واستراتيجي، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني، وترى الرئاسة الفرنسية أن هذه الدعوة انعكاس حقيقي لنوعية العلاقات بين الجانبين، والتي تؤتي أكلها، توثيقاً للتحالف، وتوحيداً للمسار، وتعاوناً في شتى المجالات.

أثبت دول الخليج خلال الخمسة الأعوام المنصرمة أنها رقم صعب في المعادلة السياسية في المنطقة، وأنها قادرة على لعب أدوار أكثر جرأة وفعالية، وأنها بصدد الاضطلاع أكثر من أي وقت مضى للذود عن مصالحها مهما بلغ الأمر واحتد.
&