داود الشريان

الرئيس الأميركي باراك أوباما، قال في تصريحات بثّتها قناة «العربية»، أن واشنطن ستُساعد دول الخليج العربية على «مواجهة أي تهديد عسكري تقليدي، على غرار غزو العراق للكويت في 1990، وتحسين التعاون الأمني للتصدّي لبواعث القلق في شأن أفعال إيران التي تزعزع استقرار المنطقة». هذه التطمينات لم تعكسها وسائل الإعلام في السعودية ودول الخليج. جرى تضخيم «الخلاف» بين واشنطن والرياض، على خلفية المفاوضات الأميركية - الإيرانية حول النووي الإيراني.

&

المفاوضات الإيرانية - الأميركية لا تعبّر عن تخلّي واشنطن عن أمن السعودية والخليج. لكنها محاولة واقعية للتعامل مع موقع إيران وامتلاكها سلاحاً نووياً، سعياً إلى احتوائها. وعلى رغم التشكيك في اهتمام واشنطن بأمن دول مجلس التعاون، إلا أن الرسالة الأميركية التي جاءت على لسان الرئيس أوباما، كانت واضحة: «سنعمل على ردع أي تهديد يمسّ دول المجلس».

&

بعض الكتاب في الخليج، سعى إلى تصوير مستقبل العلاقات الأمنية بين واشنطن والرياض، كأن الإدارة الأميركية قررت التخلّي عن تحالفها مع السعودية الذي يمتد إلى ثلاثينات القرن الماضي، لمصلحة طهران، وهذا الكلام يفتقر إلى الواقعية. لكنّ أحداً لم يتطرق إلى طبيعة علاقات دول المجلس منفردة بإيران، وخطورة هذا على أمن السعودية. جرى الحديث عن التهديدات الإيرانية كأن دول الخليج كتلة واحدة. صحيح أن طهران لا تعترف بمجلس التعاون كمنظمة إقليمية، وهي تعتبره تكتلاً نشأ لمواجهتها مع بداية الحرب العراقية - الإيرانية. لكن واقع الأمر، أن العلاقات بين طهران وبعض العواصم الخليجية لا تعكس موقفها من المجلس. عُمان ليست لديها مشكلة مع إيران، والعلاقات بين البلدين ظلّت على مستوى عال من التنسيق والتفاهم منذ قيام الثورة الإيرانية وحتى الآن. الإمارات هي أكثر دول الخليج انفتاحاً اقتصادياً على إيران، وخلال الحرب العراقية - الإيرانية كان موقف أبو ظبي أقرب إلى الحياد، وسعت إلى وقف الحرب، فضلاً عن أنها الشريك الأول لإيران في المنطقة، والجالية الإيرانية كبيرة في الإمارات، وتمتلك مئات الشركات، وخلال العام الماضي شهد البلدان زيارات لمسؤولين من البلدين كرست هذه العلاقة التي تصفها البيانات الرسمية بالاستراتيجية، فضلاً عن أن الإمارات باركت الاتفاق النووي الإيراني - الغربي. أما قطر فكانت على الدوام الأكثر قرباً من إيران، وسعت إلى خلق حال من التوازن بين علاقاتها مع إيران ووجودها في مجلس التعاون. وهي أول من كسر المقاطعة مع إيران، بل نادت بإشراكها في مهمات حفظ الأمن في المنطقة باعتبارها الأكبر والأقوى.

&

لا شك في أن التهديد الذي تمثّله إيران في المنطقة، موجّه في المقام الأول إلى السعودية. أما تهديد دول الخليج، فهو وصف غير دقيق في تفاصيله، وليس صحيحاً في مجمله. لهذا، فإن السعودية في حاجة إلى موقف خليجي موحّد من إيران قبل أن تكون في حاجة إلى تعزيز التعاون العسكري مع واشنطن.

&

الأكيد، أن بعض دول الخليج لديه سياسة مزدوجة تجاه إيران، إحداها تحت قبة مجلس التعاون، والأخرى في العلاقة الثنائية مع طهران. دول الخليج ذهبت مع السعودية إلى «كامب ديفيد» على اعتبار أن لها موقفاً موحداً تجاه التهديدات الإيرانية ضد السعودية، وهذا غير صحيح.
&