عادل درويش

يستعد برلمان وستمنستر للدورة الجديدة (215 - 2010) غدا الاثنين بانتخاب رئيس ولجان وأداء النواب لقسم الولاء للتاج والأمة.


أعاد الشعب انتخاب 72 في المائة من نواب برلمان 2010 - 2015 وانتخب 182 جددا (خمسة من الجمهوريين الآيرلندي يرفضون أداء قسم الولاء فيحرمون دستوريا من دخول قاعة مجلس العموم).
تشكل النساء 45 في المائة من النواب الجدد (35 عمال، و27 محافظون، و19 القومي الاسكوتلندي، بينهن أصغر عضو طالبة في العشرين، ونائبة واحدة من قوميي إمارة ويلز) وتمثل النساء عموما 37 في المائة من مجموع 650 نائبا وهو عدد نواب مجلس العموم.


تبلغ نسبة المسلمين بين الجدد أربعة، في حين أن نسبة المسلمين 3.3 في المائة في عموم الشعب البريطاني، وبين الجدد 15 من أقليات عرقية.


لا يوجد في بريطانيا نظام كوتات مخصصة لنساء أو أقليات أو طوائف. كل مرشح ينافس بحرية حسب قدرته على إقناع ناخب الدائرة (وأترك للقراء المقارنة بالمجالس التمثيلية في البلدان العربية والإسلامية التي تمطرنا صحافتها بشعارات التسامح مع العرقيات والطوائف). ويتحمل دافع الضرائب ثمن صيانة الديمقراطية.


المرتب السنوي لعضو البرلمان 67060 جنيها إسترلينيا (96 ألف دولار)، بجانب مصاريف الإنفاق المكتبية والسفر من الدائرة (إذا كانت المدة تزيد على ساعة)، وإيجار مسكن في لندن. مثلا النائب الاسكوتلندي انغس ماكنيل تتكون دائرته من خمس عشرة جزيرة في أقصى أطراف بحر الشمال يحتاج إلى طائرة خاصة لرؤية أبناء الدائرة في نهاية كل أسبوع. ويعوض النائب عن مصاريف سفريات العمل البرلماني أو لجان تحقيق في الخارج.


المرتب هدفه تفرّغ النائب لخدمة أبناء الدائرة، فقبل مائة عام كانت السياسة حكرا على أبناء الطبقات الثرية، لكن الإصلاحات الدستورية في نهاية القرن الـ19 خصصت مرتبات.


وأي دعوة للسفر توجه إلى النائب من جهة خارجية لا بد أن يقدم تفصيلا بها على موقع البرلمان إذا زادت قيمتها على 600 جنيه إسترليني (950 دولارا) وتنطبق القاعدة علينا نحن الصحافيين البرلمانيين إذا دعينا لتغطية مؤتمر أو كمراقبين للانتخابات، إذ ترسلنا وزارة الخارجية لهذا الشأن (قمت أنا بذلك في أذربيجان، والمغرب والكويت وليبيريا، وإستونيا وجورجيا) وننشر التفاصيل على موقع البرلمان. الفارق أننا كصحافيين لا نتقاضى نفقات من الدولة، فدخلنا الوحيد من بيع مقالاتنا، فقط يتحمل البرلمان نفقات رعاية مكاتبنا الموجودة في قصر وستمنستر لأن السلطة الرابعة دعامة أساسية لبقاء الديمقراطية.


وهناك مرتبات أعلى من الحد الأدنى إذا كان النائب وزيرا حكوميا أو وزيرا في حكومة الظل (مجلس الوزراء البديل في حزب المعارضة)، فجميع أعضاء مجلس الوزراء نواب برلمان لضرورة وجودهم لمساءلتهم من نواب الأمة (لا يمكن لغير العضو دخول القاعة أثناء عقد الجلسة التي يعلن افتتاحها بوضع الصولجان أمام مكتب الرئيس)، فالأمة فوق الجميع كمصدري التشريعات والسلطة. وأي وزير، بمن فيهم رئيس الحكومة، يحضر مؤتمرا خارجيا أو يوقع اتفاقية أو يجري مشاورات مع نظير أجنبي لا بد أن يهرع إلى البرلمان في أول جلسة ليقدم ملخصا يعرف بـministerial statement ثم يقدم نظيره من مقاعد المعارضة موقفه مؤيدا أو معارضا ويفتح باب المساءلة والجدل، وقد ينتهي بتصويت يقبل أو يرفض اتفاقية الوزير.


ومرتب رئيس الحكومة (حاليا زعيم المحافظين ديفيد كاميرون) 142,500 جنيه (225 ألف دولار) سنويا أقل من مرتب مدير فرع بنك، أو رئيس قسم في صحيفة أو مدير سوبر ماركت، أو حتى المتحدث الصحافي باسم رئيس الحكومة، بل إن مدير مكتب رئيس الوزراء (موظف خادم تاج وليس موظف حكومة) يتقاضى ثلاثة أضعاف راتب الرئيس.


وزراء حكومة الظل يتقاضون مرتبات مماثلة. وتخصص 777 ألفا و500 جنيه (مليون و223 ألف دولار) إضافية لزعيم المعارضة كرئيس حكومة الظل، لإدارة مكتبه وسكرتاريته البرلمانية، بجانب قاعة اجتماعات بمائدة بيضاوية مماثلة للموجودة في 10 داوننغ ستريت لاجتماع مجلس وزراء الظل في نفس يوم مجلس الحكومة الثلاثاء. بعد ظهر اليوم نفسه يبحث رئيس الحكومة الاجتماع في «شاي بعد الظهر» مع الملكة في قصر باكنغهام ويستمع لنصيحتها (تستضيف الملكة زعيم المعارضة للتشاور دوريا).


النواب الجدد القادمون من خارج لندن يصرف لكل منهم فور الوصول 1400 جنيه (2200 دولار) لتدبير الأمور. ويرافق كلا منهم دليل من العاملين الدائمين في البرلمان (قصر وستمنستر به أكثر 4000 غرفة وقاعة وتحتاج ممراته وسراديبه إلى خريطة للتنقل)، ويخصص لكل عضو تليفون بلاكبيري وآيباد ولابتوب، كومبيوتر شخصي (ضمن ميزانية الأدوات الكتابية البالغة 54,200 جنيه إسترليني للعضو لفترة السنوات الخمس البرلمانية).
استبدال الآيباد بدفاتر الكتابة خفض بند الأوراق في مكاتب الأعضاء (الجدد فقط) من ثلاثة ملايين جنيه إسترليني إلى 300 ألف جنيه في ميزانية العام الواحد.


هناك «مصاريف شورت النقدية» (short money) مخصصة من خزينة البرلمان للأحزاب الصغيرة التي لها مقعدان أو مقعد واحد. معادلة شورت النقدية تحسب جملة الأصوات في صناديق الاقتراع على مستوى المملكة المتحدة، فالنظام الانتخابي حسب الدوائر لا القوائم. كان وزير المعارف الأسبق الراحل إدوارد شورت (1912 - 2012) قدمها عندما كان زعيم الأغلبية في حكومة هارولد ويلسون العمالية عام 1974 ووافق عليها مجلس العموم.


لتلقي نقد شورت يجب حصول الحزب على 150 ألف صوت تساوي 16 ألفا و956 جنيها و86 قرشا، ويضاف إليها 33 جنيها و86 قرشا لكل 200 صوت إضافية. جملة الأصوات لا تترجم لمقاعد مماثلة، فحزب «استقلال المملكة المتحدة» حصل على قرابة 4 ملايين لكنه حقق الأغلبية في دائرة واحدة، بينما حزب «اسكوتلندا القومي» حقق الأغلبية في 56 دائرة بمجموع مليون ونصف مليون صوت فقط، و«الأحرار الديمقراطيون» بمليوني صوت لهم ثمانية مقاعد. حسبة شورت تمنح نائبة الخضر التي حصل حزبها على مليون صوت 180 ألف جنيه. ونائب استقلال المملكة المتحدة الوحيد دوغلاس كارسويل يحق له أكثر من 650 ألف جنيه سنويا (رفض تسلمها لأن الحزب يطالب بتقليل الأعباء على دافع الضرائب).


تتلقى الأحزاب الصغيرة 183 ألفا و336 جنيها مصاريف سفر وتنقلات إضافية تقسم بالمعادلة نفسها.


إنه ثمن الديمقراطية، فحزب بمقعد واحد يمثل ناخبي الدائرة ويثير ملايين خارجها صوتوا لقضية الحزب، وميزانية دعم الديمقراطية تعني حماية حقوق أي فرد في المملكة المتحدة بتوقيع الملك جون على وثيقة الماغنا كارتا، الدستور الأساسي العرفي في بلد ليس فيه دستور مكتوب.