&مصطفى العبيدي

&&&تعتبر حادثة مهاجمة الاعظمية في العاصمة العراقية من قبل جماعات طائفية هذا الاسبوع إحدى الصفحات الخطيرة ضمن مخطط اثارة الفتنة في العراق والتي عبرها العراق بسلام عندما استغلت أذرع المشروع الطائفي مناسبة توجه الزوار الشيعة للمشاركة في احياء ذكرى استشهاد الامام الكاظم لكي تقوم بترديد شعارات طائفية في شوارع الأعظمية قبل أن تهاجم جامع أبو حنيفة النعمان بما يمثله من رمزية وقدسية لأهل السنة والجماعة وديوان استثمار الوقف السني اضافة الى تدمير وحرق عشرات الدور والسيارات لأهالي الأعظمية.
والمأساة أن مجاميع الغوغاء الطائفية نفذت جريمتها رغم الوجود الكثيف للقوات الأمنية الحكومية في المنطقة التي لم تعترض أو تتدخل لحماية الأماكن المهاجمة أو حتى منع القائمين بها ولترسخ مرة أخرى مفهوما أصبح وللأسف مفروضا على العراقيين: وهو أن سلطة المليشيات أصبحت فوق القانون والأجهزة الأمنية وأنها أخذت تتصرف بما يثير الفتنة الطائفية في العراق بكل حرية بدون أن يجرؤ أحد على وقفها كما رأينا في أكثر من مكان مثل النخيب وتكريت وديالى.


ولعل جانبا من الخطورة في هذه الحادثة يتمثل في الاتصالات التي أجرتها الزعامات الاسلامية مثل الأزهر الشريف وغيره من المنظمات بالقادة الدينيين في الأعظمية مما يعكس قلق العالم الاسلامي على ما يجري في العراق.
وعبرت ردود الأفعال للقوى العراقية عن رفضها لهذه الأعمال. وألمح بعضها مثل المراجع الحسن الصرخي وعبد الملك السعدي الى العامل الايراني في إثارة الفتنة الطائفية.


وإدراك خطورة التطورات في العراق والمنطقة عكسته كلمة نائب الرئيس العراقي اياد علاوي في كلمته التي ألقاها خلال أعمال منتدى الدوحة، عندما عبر عن القلق من ان تؤدي اﻻحداث الجارية في المنطقة إلى رسم خرائط جغرافية جديدة لبعض دول منطقة الشرق الاوسط الكبير. فأكد على نقطة أساسية وهي: «اننا فقدنا الهوية الوطنية الجامعة. ولذلك تسببت الطائفية السياسية والمناطقية بإعداد المناخ والارضية المناسبة للإرهاب والجماعات المتطرفة».
وقال: « الإرهاب والتطرف والطائفية السياسية هي من ابرز التحديات التي تواجهها شعوب المنطقة»، محذراً من «التداعيات السلبية للمتغيرات الديموغرافية التي تفرضها عمليات التهجير القسري والنزوح في اعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة».
ومن جانب آخر جاءت زيارة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الى ايران لتؤكد ملامح السياسة العراقية في هذه المرحلة التي تركز على تهئية المزيد من الاجراءات والخطوات من أجل المزيد من الانفتاح السياسي والأمني والاقتصادي للحكومة العراقية تجاه إيران .
وكانت جولة رئيس اقليم كردستان الى بعض الدول للترويج للدولة الكردية الموعودة صورة تعبر عن اصرار البرزاني على استثمار ضعف العراق والظروف الأمنية والسياسية السيئة التي وقع فيها من أجل المضي في مشروعه الانفصالي مستفيدا من مواقف بعض البلدان ومنها موقف القيادة المجرية المؤيد لاستقلال الكرد الذي أثار زوبعة في فنجان تناقضات القوى السياسية والدينية العراقية التي وفرت أجواء ومبررات تقسيم الشعب العراقي واقعيا قبل تقسيم البلد رسميا من خلال تمسك كل الأطراف بمواقفها ومشاريعها بعيدا عن مصلحة العراق ووحدته.


وبرزت هذه الأيام أيضا صور وأشكال متعددة للخلافات ليس بين الكتل والقوى الرئيسية في العراق وحسب بل وبين الكتل نفسها. فقد وقعت عدة مواجهات بين تشكيلات «الحشد الشعبي» نفسه عندما قامت جماعات من المليشيات التابعة لحزب الله بالاعتداء على مقر للمجلس الاسلامي الأعلى في البصرة رغم لقاء قادة الجماعتين.
كما لم تفلح جهود ومحاولات الاتفاق على قيادة للهيئة العليا للتحالف الوطني، مما يوحي وجود صراع على المصالح والنفوذ في الساحة العراقية والقلق من انعكاس هذا الخلاف على الشأن العراقي المتخم أصلا بالأزمات والمشاكل. وأخطر هذه وجود تنظيم الدولة وما يشكله من تهديدات جدية ما زالت معالمها مثيرة للقلق وخاصة محاولاته لاظهار تمسكه بالمناطق التي يسيطر عليها والتوسع ان أمكن عبر الهجمات المتعددة التي يشنها هنا وهناك وخاصة في الأنبار وحيث تمكن من السيطرة على مناطق جديدة فيها مما يدل على غياب برنامج وطني موحد ومتفق عليه لمواجهة التحديات والمخاطر التي تعصف بالعراق.
&