&

&يوسف المحيميد

&من يتأمل المشهد اليمني الآن، وتعامل الخارج معه، يكتشف أنه أمام يمنين، الأول يمن تعبث به إيران، عبر جماعة الحوثي وأتباعهم، منذ مشهد الطائرات الإيرانية المدنية التي تحمل الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بدلاً من الركاب، خاصة أن لا علاقة سياحية بين البلدين، وحتى محاولاتهم اليائسة حسب إفادة وزير الخارجية اليمني رياض ياسين بأن باخرة إيرانية أبحرت من ميناء بندر عباس الإيراني متجهة إلى ميناء الحديدة، وعلى متنها ستون إيرانياً، يُعتقد بأنهم من ضباط الحرس الثوري، في سعي واضح لدعم الميليشيات الحوثية وجماعات صالح الانقلابية، بمعنى إثارة الفوضى والاضطرابات الأمنية في اليمن!

أما اليمن الآخر فهو يمن السلام والنمو، يمن الأخوة والعروبة، الذي تسعى نحوه السعودية بدعم الشرعية، والوقوف بجوار الشعب اليمني، منذ المليار ريال الذي قدمته المملكة إلى الأمم المتحدة، وخصصته لإغاثة الشعب اليمني الشقيق، وحتى المليار الثاني الذي يمثل نواة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي سيولي أقصى درجات الرعاية للحاجات الإنسانية للشعب اليمني.

وهل اكتفت المملكة بهذا الدعم الأخوي الإنساني لأشقائنا في اليمن؟ لا، بل حتى نظرت بعين الرعاية لأكثر من 350 ألف يمني في السعودية، دخلوا وأقاموا بطرق غير نظامية، وأعلنت تحسين أوضاعهم، إلى درجة أن ثمة مواقع في العاصمة الرياض توقفت فيها الحركة المرورية تماماً بسبب زحام اليمنيين الراغبين بتحسين أوضاعهم. فهل في العالم أجمع، وبعيداً عن إيران التي لا تستحق المقارنة، دولة تفتح أبوابها وتسخّر أنظمتها الحكومية لرعاية المهاجرين إليها بمئات الآلاف؟ هل من بين دول الحريات وحقوق الإنسان في أوروبا من تفتح أبوابها للمهاجرين إليها؟ أم أنها تقيم الدنيا عند وصول حفنة مهاجرين عرب على مركب متهالك، في مغامرة محفوفة بالمخاطر؟

أكاد أجزم أنه لو قدمت إحدى الدول الأجنبية ما قدمته المملكة للشعب اليمني، منذ نصف قرن حتى الآن، لأقامت الدنيا إعلامياً، بينما نحن ومع كل هذا الدعم المستحق للأشقاء في اليمن لا نجد من يهتم به سوى عناوين سريعة وعابرة في صحفنا المحلية، ربما لشعورنا أننا أمام أمر عادي نقوم به منذ عقود طويلة!

الأكثر مرارة حينما يقارن إعلامي عربي تابع للنظام الإيراني بين ما تقدمه المملكة وإيران لليمن وشعبها؛ لأن مجرد المقارنة بينهما هو أمر معيب ومخجل؛ فشتان بين بلد يشعر بالأخوة ويدعم من هذا المنطلق، ويبحث عن أمن واستقرار إحدى دول الجوار المهمة، وبلد يبحث عن إشاعة الفوضى والتمرد، ثم تتحدث حكومة الملالي في القنوات عن تدخل إيران هنا أو هناك بسبب وجود فراغ سياسي، وكأن الجميع لا يعرفون أنها هي من تدبر الفوضى، وتشعل الحروب والفتن الطائفية في بعض الدول العربية.
&