هاني الظاهري

سامانثا جونسون امرأة أميركية شقراء لم تتجاوز الـ25 من عمرها، قررت بكامل قواها العقلية أن تترك أطفالها الثلاثة خلفها في ولاية كارولاينا الشمالية وتقطع آلاف الكيلومترات للانضمام إلى صفوف كتيبة مكونة من نحو 100 مقاتل من الأوروبيين والأميركيين المتطوعين؛ لمحاربة أتباع تنظيم داعش في العراق.

&

تقول سامانثا عن دوافعها لحمل السلاح، والمغامرة بحياتها في معركة لا تخصها من قريب أو بعيد: «إنه لا يمكنها الجلوس مكتوفة اليدين في منزلها وبين أطفالها في الولايات المتحدة، وهي تشاهد صور الأطفال الأيتام في العراق الذين قتل الإرهابيون آباءهم واختطفوا أمهاتهم، وحولوهن إلى جوارٍ للبيع في سوق النخاسة»، وفق ما نقلت عنها صحيفة «تليغراف» البريطانية قبل أيام، أي أنها مجاهدة بمبادئ مختلفة، إذ لا يشكل لها قتل الناس طريقاً ممهداً لدخول الجنة، وإنما الدفاع عنهم وعن حياتهم هو طريقها لعيش حياة مريحة لا ينغصها تأنيب الضمير.

&

صور سامانثا التي تنشرها على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من داخل العراق لا تختلف كثيراً عن صور المحاربين من الفصائل الأخرى، فهي تظهر في إحداها بالزي العسكري ملفعة بعمامة رأس عربية، حاملة بندقيتها الكلاشينكوف، وتظهر في صورة أخرى جالسة على الأرض تفكك أجزاء سلاحها الرشاش لصيانته. صور لا يمكن مقارنتها بنساء داعش اللواتي ينتهي دورهن إن كن جميلات عند طهي الطعام وتقديم الخدمات الجنسية للإرهابيين، أما إن كنَّ -لسوء الحظ- من القبيحات أو المسنات فسيزج بهن التنظيم لا محالة في عمليات انتحارية بعد تفخيخهن جيداً.

&

لا أحد يعلم إن كانت سامانثا ستتمكن يوماً من العودة إلى وطنها وأطفالها؛ لتحكي لهم عن معاركها؛ لإنقاذ أرواح الأبرياء من سكاكين مدعي الإسلام في دولة بعيدة، اسمها العراق، أو أنها ستتحول إلى جثة تدفن في أحد سفوح جبل سنجار مع عشرات الجثث، أو ربما جارية تتقاذفها مهاجع جزاري داعش، لكن الأكيد أنها تحولت إلى قصة تُروى في بلادها، وتتسابق على نشر أخبارها وسائل الإعلام العالمية، التي لا تتوانى في الوقت ذاته في نشر قصص المراهقات الأوروبيات الهاربات من منازل أسرهن للانضمام إلى تنظيم داعش، في مفارقة لافتة ومثيرة.

&

عام 1999 أنتجت هووليود فيلماً شهيراً من بطولة أنطونيو بانديراس باسم: «المحارب رقم 13»، يروي قصة المقاتل العربي أحمد بن فضلان الذي قادته الظروف إلى الانضمام لمقاتلي الفايكنغ شمال القارة الأوروبية قبل نحو 11 قرناً، وأذهلهم بفروسيته وشجاعته، وقبل ذلك صدرت رواية عنه أيضاً بعنوان: «أكلة الموتى» لمايكل كريتشتون.

&

ومن يعلم ماذا سيكون عنوان الرواية التي ستدون قصة سامانثا جونسون ومن مؤلفها؟ ومن الممثلة التي ستؤدي دورها في الفيلم الذي سيُنتج عنها بعد فترة زمنية لن تكون طويلة على الأرجح؟
&