المربع «الأمني» الأردني: تغييرات على إيقاع هواجس إقتراب «داعش» و«معان» حدث يتجدد


بسام البدارين

&&توحي التغييرات «الأمنية» التي جرت مؤخرا في الأردن وأثارت الكثير من الجدل بأن المرحلة المقبلة وعلى صعيد الأمن الداخلي حصريا ستركز على الإعتبارات المركزية والقبضة الحديدية في مجال إستعادة هيبة الدولة و«إخضاع» المناوئين والحراكيين في الشارع وفي أكثر من بؤرة ساخنة وتحديدا جنوبي البلاد.
قد لا يقف الأمر سياسيا عند هذا الحد، فبعد إنضمام الوزير السابق سلامة حماد الذي ينتمي للحرس القديم لنخبة القرار والحكومة في موقع متقدم فيها يمكن القول أن أصدقاء قانون «الصوت الواحد» في الإنتخابات إزداد عددهم في دائرة القرار ..كذلك الأمر بالنسبة للمحذرين الموسميين من «إنتخابات شفافة نزيهة» فالوزير حماد كان ضمن وزارة الرئيس الدكتور عبد السلام المجالي التي إخترعت اصلا قانون الصوت الواحد بذريعة تحجيم الإسلاميين وتجنب الإخوان المسلمين في مرحلة ما بعد توقيع إتفاقية وادي عربه مع إسرائيل.
في كل الأحوال يجلس الوزير حماد على رأس «أم الوزارات السيادية» في البلاد بعد أسبوع حافل بالتوقعات إثر إقالة نظيره وزير الداخلية الأسبق حسين المجالي ونخبة من جنرالات المؤسسة الأمنية وبعد الإعتراف العلني النادر ولأول مرة بحصول تقصير أمني وخلل في منظومة الأمن.
ولوحظ أن رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور الذي أصدر بيانا شديد اللهجة بإسم الحكومة في شرح التقصير الأمني، لاذ بالصمت ولم يعلق على مسارات الأحداث في مسألة المربع الأمني وسط إنطباع الجميع أن الرئيس لم يكن ضمن الدائرة التي إختارت الوزير حماد المنتمي لمدرسة متحفظة جدا في الأمن والسياسة. الإستنتاج الأهم في عمق معادلة القرار يؤشر على ان الحاجة الأمنية المحلية قد تكون ملحة لشخصية مركزية وغير ديمقراطية لقيادة المستوى الأمني في الأيام المقبلة خصوصا بعد ظهور علامات «تهاون» برزت في الشارع على مستوى التعاطي الأمني خصوصا مع أحداث الجرائم والإنحرافات الجنائية وحالات الإعتداء على الملكيات وهيبة القانون.
عمليا وجود فريق عسكري «خشن» على رأس مؤسسات الأمن الداخلي بقيادة وزير لا يفتقد للخشونة السياسية والبيروقراطية يؤشر على ان الأولويات الأمنية تتباين وتختلف وفقا لمسار الأحداث خصوصا بعد ظهور «إستعصاء أمني « في مدينة معان جنوبي البلاد حيث ينتحل مطلوبون جنائيون صفة تنظيم الدولة والتعبيرات الجهادية.
الإخفاق الأمني في معان وتحديدا عندما يتعلق الأمر بمشكلات ضبط المطلوبين وقصور ملاحقة الخلايا السلفية الجهادية وإحتمالية إستقطاب خلايا من الخارج في المدينة المحسوبة على صف الشغب السلفي، هذا الإخفاق دفع الدائرة الأمنية للعودة لرموز القبضة الخشنة في التعاطي مع مرحلة ما بعد «الربيع العربي» خصوصا بعد ظهور أخطاء غير معتادة وغير إحترافية في المسارات الأمنية، الأمر الذي يبرر التغيرات الأمنية الأخيرة.
بالنسبة للعديد من السياسيين والحكوميين تفرض مقاربات تنظيم الدولة تحديدا بعد نجاحه في السيطرة على الأنبار في العراق وسعيه للسيطرة على تدمر في سوريا بالقرب من السويداء معادلة معقدة على الأمن الداخلي الأردني خصوصا في ظل الترشيحات التي يساندها خبير الحركات الجهادية حسن أبو هنية والتي ترجح أن تكون مدينة معان ناحية إستقطاب وجذب لتنظيم الدولة والتيارات السلفية.
بالنسبة لبعض الأطر المرجعية جزء من الإخفاق السياسي الأمني في معان كان يتمثل في عدم إتخاذ تدابير تجعل الرأي العام يميز بين إجراءات ضد «مطلوبين جنائيين « وإجراءات ضد خيارات الإتجاه الفكري السلفي.
في المؤسسة الرسمية يبرز أكثر الرأي الذي يحذر من إعتبار ما يحصل في معان مسألة «جهادية» وليست أمنية فقط. وفي حسابات الخبراء ما زالت مدن الجنوب ولأسباب متعددة الأقدر على إجتذاب النشطاء في التيارات السلفية الجهادية.
رغم ذلك يرى بعض المعلقين ان «الحراك الأمني» الأخير قد ينتهي بمؤشرات حيوية وهو رأي الكاتب الإسلامي حلمي الأسمر الذي كتب يقول: أن عملية هدم وإعادة بناء الأجهزة الأمنية في الأردن، نوع من التفكير الجديد، الذي يتجاوز أدبيات اعتدنا عليها، تتميز بالطبطبة واللفلفة، باعتبار أن كل شيء على ما يرام، وأننا في قمة بياضنا الناصع، حتى ليحسب المرء أننا مجتمع من الملائكة الذين لا يخطئون، الجديد في هذا الأمر، ان هناك اعترافا علنيا بالتقصير، أعقبته عمليات إجرائية فورية، طالت مسؤولين كبارا، هذا الإجراء «الكبير» يحتاج لأن يصبح نهجا، لا طفرة «جينية» عابرة.
رغم ترحيب النخب بثقافة تجنب إنكار المشكلات الأمنية خلافا للعادة إنتهى تعيين الوزير سلامة حماد بجملة إعتراضية واسعة النطاق على صعيد وسائط التواصل الإجتماعي بسبب إرتباط إسمه الدائم بالتيار المحافظ والحرس القديم، ما يجعل تعيينه في الإتجاه المعاكس لخطاب الإصلاح السياسي الذي يتبناه القصر الملكي.

&
&