&علي بردى
&

& تسترعي ظاهرة المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق الكثير من الإنتباه حول العالم. تفيد تقديرات موثقة لدى الأمم المتحدة وسواها أن هناك ما لا يقل عن ٢٠ ألفاً من "المجاهدين" من أكثر من ٨٠ دولة. غير أن أحداً لا يعير خطراً كثير اهتمام: التحاق آلاف البعثيين بالجماعات الإسلامية العنيفة.


بإسم حزب البعث العربي الإشتراكي، وهو العروبي العلماني في الظاهر والعقيدة، حكم صدام حسين العراق وحافظ الأسد (ثم ابنه بشار) سوريا. وها هي "الدولة الإسلامية - داعش" ترفع راياتها السود عبر المزيد من المناطق في البلدين. أثارت "انتصاراتها" الأخيرة المزيد من الشكوك في استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما والتحالف الدولي - العربي لدحر التنظيم الإرهابي والقضاء عليه. غير أنها تثير لدى البعض الآخر تساؤلات مختلفة عن العلاقة بين البعثيين والإسلاميين. "الإسلام هو الدين الذي يمثل وثبة العروبة الى الوحدة والقوة والرقي"، وفقاً لأدبيات البعث.
على رغم القرارات الإستثنائية التي اتخذها بول بريمر، رئيس الإدارة المدنية الذي عينته الولايات المتحدة بعد غزوها العراق عام ٢٠٠٣، والحكومات العراقية المتعاقبة بعده لتفكيك البعث واجتثاثه، لم يستسلم البعثيون. انتهى البعث وبقي البعثيون. يدرك الأميركيون أن الرئيس بشار الأسد فتح حدود سوريا أمام كل راغب في مقاومة الإحتلال الأميركي للعراق. "استضاف" البعثيين والإسلاميين من كل لون وعرق، ومن كل حدب وصوب. غض الطرف عن نشاطاتهم. كانت له في لبنان "مآثر" بواسطة الإسلاميين، من السنة ومن الشيعة، إن لم يكن عبر البعثيين وغيرهم من العلمانيين.
لم تؤد قرارات "العدالة والمساءلة" و"اجتثاث البعث" الى إزالة أثر البعثيين حتى بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق. وجدوا ضالتهم في الإرهاب هرباً من بطش ايران والموالين لها. التحقوا بـ"داعش" وغيرها من الجماعات الإسلامية. غير أن مؤسسات المجتمع الدولي تركز الآن على أن هذه الجماعات استقطبت آلاف المقاتلين الأجانب، والراغبين في "الجهاد" وفتح المعابر الى الجنة، وما أكثرهم. يتعطشون الى الثأر، كل لأسبابه. تمكن هذا الخليط من السيطرة على محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين. لا يقتصر همهم على الرمادي. يتطلعون الى بغداد. طموحهم دولة الخلافة الشاسعة.
لهم في سوريا وضع آخر. أظهرت الحرب فيها خطوط التماس بين السنّة والعلويين والأقليات الأخرى. يحارب الرئيس بشار الأسد دفاعاً عن حكم ورثه عن أبيه. لم يعد البعث سوى أداة. لعله لا يزال نافعاً للمحاربين القدامى والخائفين من غيلان هذا العصر ووحوشه.
أين ملايين البعثيين؟
&