أيمـن الـحـمـاد


إزهاق الأرواح هو المنهج الذي يتعامل به أتباع التنظيم المسمى «داعش»، لا يفرقون في ذلك المنهج بين كبير أو صغير، شاب أو شيخ، سني أو شيعي، فعداؤهم للإنسانية لا حدّ له، يدفعون بصغار السن حطباً، لإيقاد فتنهم في كل مكان، وإن كان ذلك المكان أرض الحرمين.

إن دلالة ذلك جلية وواضحة؛ فاستهداف مسجد علي بن أبي طالب في القديح بعملية انتحارية آثمة راح ضحيتها 21 قتيلاً و88 جريحاً، وقبلها مقتل رجل الأمن الشهيد ماجد الغامدي، يجعلنا ندرك بشكل لا تخطئه عين أن هدف هؤلاء المجرمين خلخلة الأمن والاستقرار في المملكة وتمزيق وحدة الوطن وجره إلى الفتنة.

إن المتأمل للحاصل في المنطقة يدرك تماماً أن «داعش» ميليشيا تقف وراءها دولة لا تتورع أن تستهدف أشرف البقاع لتحقيق أغراضها، مستعينة بما خلّفته حركات الفوضى في المنطقة، والتي وفّرت بذلك بيئة حاضنة مناسبة لضرب السلم الأهلي في الدول، وجعلها تتخبط، إذ إن ذلك من شأنه تمكين تلك الدولة وتدعيم حضورها كبديل قادر على ملء الفراغ، وقد رأينا ذلك يحدث في عدة دول مجاورة لنا.

إن الأحداث السياسية والعسكرية التي كان أبرزها «عاصفة الحزم» قد أشعرت دولاً في المنطقة بخطر كبير يتهدد مخططها التخريبي ويحيل مشروعات «التصدير» إلى حطام. لذا كان واضحاً ارتباك خططها الإجرامية ما جعلها مكشوفة أمام المشاهد والمتابع للأحداث، فتوافق نوعية المواد المتفجرة التي عثر عليها في سيارة كانت ستتوجه إلى المملكة قادمة من البحرين مع ذات النوع الذي استخدم في تفجير «القديح» أمرٌ جدير بالتمعّن.

إننا اليوم بحاجة لوعي المواطنين وفطنتهم بحجم المؤامرة التي تحاك ضد أمن واستقرار بلادهم التي يغيض صمودها دول إقليمية تشعر أن استهداف طائفة أو مكون سيقلل ثقتهم بوطنهم دون أن يعتبروا بحوادث مرّت على المملكة وأثبتت قوة التلاحم التي أظهرها المجتمع عند كل أزمة ومحنة، ولولا تقدير المملكة وقيادتها لأبناء الوطن ومعاملتهم بشكل متساوٍ دون تفريق بينهم لما رأينا كيف توافد المواطنون يعزون بعضهم بعضاً في مصابهم جميعاً، ويتبرعون بدمائهم لجرحى القديح.
&