أحمد السيد عطيف

نعم؛ نعاني من مقدار كريه وعلني من الشحن المذهبي والطائفي، ونعاني من تأخر صدور قانون يحرم كل ما يضر الوحدة الوطنية ويعاقب عليه، ولا يمكن تجاهل ذلك حين الحديث عن أسباب جريمة "القديح"، لكن الظروف الإقليمية والأيدي الخارجية أكثر الأسباب وضوحا.


طرح الجريمة في سياق مذهبي سيزيد الاحتقان المذهبي في البلد، ومن الأفضل، للتعامل مع الجريمة وآثارها الخطرة، أن يكون طرحها في سياق قانوني (قاتل قتل أبرياء)، نستحضر بذلك المواطنة والقانون، كبَشَر ننتمي إلى وطن واحد، وهي مشتركات عليا ثابتة نسند إليها ظهورنا لا تقبل التأويل ولا اختلاف التفاسير.


"السني المتطرف" الذي فجّر نفسه في جامع القديح وراح ضحيته أكثر من عشرين شهيدا، قد سبقه رفاقه فقتلوا جنودا ومواطنين من السنة والشيعة أفرادا وجماعات، فهؤلاء "المتطرفون" لديهم راية ومشروع هو إخضاع البشر أو قتلهم. يفعلون ذلك لأنهم يرون كل من يخالفهم عدوّاً لله ولهم، فهم يتعبدون الله بقتل "أعداء الله" وفي الوقت نفسه ينالون الشهادة، هكذا يعتقدون، وإذا مات أحدهم فهناك العشرات غيره من "المتشددين" يحلمون بفرصة يتقربون فيها لله، يستشهدون ويقتلون "أعداء آخرين لله". إنهم خطرون كأشخاص "تكفيريين" لكن الخطورة الأكبر في "الفكرة" التي لم يقبض عليها يوما واحدا، ولم تدخل المحاكم مرة واحدة، تتمشى حرة طليقة تنتظر فتى يعتنقها وشيخا يحرضه ومفتي الجماعة يمنحه الكلمة القاتلة "فلان كافر، المذهب الفلاني كفر، الدولة كافرة"، وبالتأكيد سيجد جهات داخلية وخارجية تزوده بالحزام الناسف وتضبط له التوقيت.


مع رفضي لإدخال الدين والمذهب في هذا الشأن لكني غير راضٍ عن استخدامي أوصاف "متطرف/ متشدد/ تكفيري"، وكنت سأستخدم مفردة "أصحاب الفكر الضال"، لكن هذا الوصف مائع ومداهن ولا يترتب عليه شيء بحقهم على العكس من وصف "كافر" الذي يرتبون عليه هدم الدولة واستحلال دماء الجنود والمواطنين حتى في الجوامع.


ولهذا أتوجه لعلمائنا الكبار الذين هم من أوائل من أدانوا جريمة "القديح" أن يبينوا لنا: هل من يكفّر المواطنين ليقتلهم؛ مسلم أم كافر؟