جدل حول آثار الحياة الأوروبية على الأسرة السورية يفجرها فيديو صادم لسوري يفقد أسرته في النرويج&

&

&

&


غازي عنتاب ـ &نور ملاح

&

بين مؤيد ومعارض ولكن هذه المرة ليس للنظام السوري، ولكن لمقطع مصور صادم انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر شابا سوريا اختار أن يتعرّى تحت الأمطار في مكان إقامته داخل مخيم للاجئين السوريين في النرويج؛ للتعبير عن غضبه من خيانة زوجته التي أرسلها إلى هناك وحدها قبل سنوات برفقة أولاده الأربعة قبل أن يلتحق بهم مؤخرا ليكتشف أن زوجته على علاقة بشاب آخر على حد قول الشاب، الذي فقد أعصابه أمام الناس وأمام الكاميرا بعد أن فقد زوجته وأولاده.
هذا المقطع يسلط الضوء على جانب من معاناة الأسر السورية في بلاد اللجوء، والتي اضطرها القمع الوحشي للنظام السوري إلى مغادرة أوطانها والبحث عن ملاذ آمن عن طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا على ما تحمله من مخاطر وتبعات على الفرد والأسرة، طمعا في الأمان والحصول على سكن لائق ومعيشة كريمة.


هذا التغيير في أساليب الحياة وقوانين البلاد ترك آثاره الكبيرة على حياة المرأة والأسرة السورية التي كانت تعيش قبل ذلك تحت وطأة القمع السياسي والاجتماعي وحتى الديني في بعض الأحيان، لتشهد تقلبات و انهيارات للعديد من الزيجات التي استمرت خوفا من تبعات الطلاق، أو بسبب ضعف الزوجة أمام عنف الزوج وعدم قدرتها على الاحتفاظ بحضانة أطفالها وإعالتهم، الأمر الذي أصبح حقا لها في الدول الأوروبية، فلم يعد أحد يملك إجبارها على الاستمرار في الزواج أو الحجاب ما دامت غير مقتنعة به؛ ما فجّر موجة من الأخذ والرد والاتهامات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا بعد انتشار مقطع الفيديو الأخير. وعقب الإعلامي أحمد بريمو على صفحته على «فيسبوك»: «هجرتك لك، لا تشارك بها أحد، حياتك الجديدة التي اخترتها بمحض إرادتك لا يهمنا إن كانت مليئة بالفرح والسرور، أم متخمة بالذُل والملل، إن خانتك زوجتك، أو اكتشفت أن سكان تلك القارة العجوز لا يعظمون شعائر الله، لا تتكلم ولا تصور الواقع لأحد حتى ولو كانت نيتك النصح وتحذير من يريد أن يحذو حذوك، فالهجرة يا صديقي كالزواج، من يقدم عليها لا يسمع نصيحة من سبقه، أرجوك لا ترفع هاتفك المحمول وتصور نفسك وأنت تتسكع بين الشقروات الممشوقات القوام، بيض الأكتاف والرقاب، احتفظ بهن لنفسك ولرفاق هجرتك، فنحن لا زلنا نحب السمراوات، ونعشق المحتشمات ويغشى علينا إذا ما شاهدنا ساعد إحداهن يكشف عنه كم العباءة حين ترفع يدها لتردعلى هاتفها النقال، نرجوك.. كف عن تصوير نفسك وما يحيط بك هناك .. فضحتنا بين الأجانب».


أما الناشطة السورية هنادة فيصل الرفاعي فكتبت على صفحتها على «فيسبوك»: «المرأة السورية الآن هي قوية ولها حقوق كن شريكا لحياتها وليس «سي السيد» الذي اشترى الجارية وستكون معك ولن تتركك»، وتحدث أبو أحمد المقيم في ألمانيا عن الغالبية من المهاجرين الذين هم برأيه أناس محترمون، وكثير منهم يصل لمراتب عليا في الدولة التي يهاجر إليها والأمثلة كثيرة جدا، أما عندما يكون المهاجر قد تربى في معسكرات طلائع البعث وشبيبة الثورة، ويريد أن يصطحب معه إلى أوروبا تربية البعث الحقير واللصوصية الشبيبية والانحلال الأخلاقي في معسكرات المظليين، ولا يريد أن يتوقف عن التحشيش ويعتقد نفسه في جامعة البعث أو تشرين، فهذه الأشكال لا تمثل المهاجرين، الضريبة الوحيدة التي تطلبها أوروبا منك أن تكون محترما، وأن تحترم قوانين البلاد، ليس هناك ضرائب أخرى إلا إذا كنت أنت معتادا على دفع ضرائب من رصيدك الأخلاقي والإنساني بكل أريحية».


الطبيبة السورية التي عرفت عن نفسها لـ»القدس العربي» باسم (نونو) تروي قصتها معقبة على المقطع وتقول: أولا الموضوع ليس موضوع خيانة زوجية، أنا امرأة سورية وعندي طفلان وأعيش وحدي معهما بعد انفصالي عن أبوهما الذي تنكر لي ولهما، أعمل طبيبة في النرويج منذ 25 سنة، وأعيش بكامل حريتي وأربي أطفالي أحسن تربية، وخلال هذه الـ25 سنة لم يتعرض أحد لي بشيء يمس شرفي الشخصي، وما زلت محافظة على عاداتي وتقاليدي التي يحترمها النرويجيون، ولم يطلبوا يوما ما مني التخلي عن جذوري، بل على العكس كانوا دائما يساعدونني لاستكمال دراستي، وتحسين أوضاعي المعيشية لي ولأطفالي بمنتهى الأدب والشرف، ولكن هذا الرجل لا يقبل باستقلالية زوجته، ولا يقبل أن يكون لها رأي مثله وهذا واضح من سلوكه، لو كان يمتلك شيئا من الرجولة و أخلاق الرجولة لما شهر بها في العلن، وجلس يندب حظه في العراء على مسمع ومرأى من الناس، هي أولا وأخيرا أم أطفاله، وبنت بلده وبنت جلدته.
وتتابع القول: «أنا صادفت الكثير من الحالات التي لا تعد عن اضطهاد الرجل للمرأة ويتمسك الرجل بأطفاله لا لشيء إلا ليقهر المرأة التي عاشت تربي أطفالها وتبني لهم مستقبلهم، وينسى أنه بهذا التصرف يضر بأطفاله بالدرجة الأولى، في النرويج الطفل هو الأهم والحرص على سلامته النفسية والجسدية من الأولويات في نظر القانون النرويجي، لدرجة حرمان الأبوين منهما اذا أساء الأبوان معاملتهما، وهذا الرجل لم يدرك هذا، وبتصرفه هذا أعطى المسؤولين عن حماية الطفل والأسرة دليلا قاطعا بعدم أهليته لأن يكون رب أسرة وأبا واعيا».


يعقب أحد الخبراء على المقطع بالقول: حين جاء رجل يشتكي زوجته للرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: يارسول الله إنها لا ترد يد لامس، فرد عليه النبي بقوله: طلقها، فمواجهة الأمر بالتفاهم وليس بالاستسلام ومعرفه الأسباب وعلاجه إنسانيا.
حينما تحل التعاسة بدلا من السعادة في البيت فمن الأفضل الانفصال الأخوي، والبحث عن الإنسان المناسب من أجل تحقيق حياه سعيده للطرفين، فالانفصال لا يعني نهاية الحياة، نعم هناك بشر ممكن أن نتناسب معهم ونعيش بكرامة، ولكم حق الاختيار بين كرامة الإنسان والعيش السعيد وبين مذلة الإنسان والعيش التعيس الناتج عن زواج لا احترام فيه ولا تكافؤ ولا اهتمام.
&