آمنة نصير: التعليم يحتاج ثورة حقيقية وتجديد الخطاب الدينى يتطلب تأهيل الدعاة

&

&
بـدوى طـه

&

&

&

&

&

«الدكتورة آمنة نصير أستاذة الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر شخصت الداء ووضعت الحلول لكثير من الأمراض المجتمعية فى حوار صريح جدا وجرىء حول هموم ومشكلات التعليم ودور المؤسسات الدعوية فى تطوير الخطاب الدينى والجاليات الإسلامية .. وغيرها من القضايا المهمة.


وأكدت أن التعليم فى جميع مراحله العام والأزهرى يحتاج إلى ثورة حقيقية لمعرفة قيمة العلم ومنزلته لصناعة الإنسان وتأهيل المتعلم وليس تلقينه كما يحدث الآن،وشددت على ضرورة تفعيل دور المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وضرورة أن تتعايش الجاليات الإسلامية مع مجتمعاتها وأن يكونوا سفراء للإسلام بالحب وليس بالصد،كما أوضحت أن تجديد الخطاب الدينى يتطلب تأهيل الدعاة تأهيلا علميا وعصريا بعقل مستنير وفكر قادر على التحليل و بخطاب مفعم بمكونات ثقافتنا المعاصرة وعظمة موروثاتنا الفقهية والحضارية والتاريخية بما ينتفع به حاضرنا ومستقبلنا .. وإلى نص الحوار ..


&

&

ما رأيك فى «الهوجة» هذه الأيام فى الطعن فى ثوابت الدين ممن يسبحون ضد التيار؟

&

هذه رعونة ممن يخوضون فيها، وهم لا يعرفون العوم الصحيح والإبحار السليم فى هذه القضايا لكن الإنسان صاحب الفكر القويم والآليات الصحيحة، والمعرفة الدقيقة لخصوصيات هذا التراث العظيم بما فيه من تراث ثمين وغير ثمين يعرف جيدا كيف يبحر فى غمار هذه القضايا الشائكة بدون تجريح لأحد، وإنما بفهم وعمق، وتراث البشر لا يخلو من الغث ولا السمين، وأود أن من ينظر إلى تراثنا ككل وتراث البشرية والشرائع القديمة يراعى ثقافة الماضى وثقافة الحاضر وللأسف لم أجد من يتكلم عن تراث الماضى فى الشرائع القديمة من الفلاسفة مثلما يتكلم عن تراثنا الإسلامى فى هذه الآونة، ولا أدرى هل هى فتنة العقل لديهم أو رغبة التبحر أم افتقادهم للآليات فوقعوا فيما وقعوا فيه ، أتمنى لهم المراجعة وحسن التعبير عن التراث الإسلامى فهو تراث بشرى له وعليه، أتمنى أن يأتى اليوم الذى تحدث فيه مراجعة لكل الأطراف لمن خاض فى هذا البحر بسموم وعدم حكمة، وأود من المؤسسات المسئولة كالأزهر والأوقاف والجامعات وغيرها أن تقوم بدورها فى الرد على هذه القضايا وتعمل على نشر الثقافة القويمة الصادقة البعيدة عن التسفيه وغيرها من الكلمات الحادة والمساجلات غير المفيدة ولا أتمنى أن أراها مرة أخري.

&

وبماذا تفسرين فتنة إسلام البحيرى وإنكار الحجاب ودعوات الإلحاد وغيرها من القضايا التافهة؟

&

للأسف نحن أصبحنا شعبا متمردا والثورة بكل ما فيها من إيجابيات و سلبيات إلا أنها زرعت بداخلنا ثوره التمرد أو ثورة الشك، وهذا جزء من حضارة اليوم لا نستطيع إبطاله، جزء من مستجدات العصر فى هذا الزمان وكذلك اختلاط الأوراق وسهولة النقد والهجوم وطول اللسان ولغة الشكاك والسفسطائيين فى تاريخ الفلسفة اليونانية القديمة، نحن الآن نعيد تاريخ السوفسطائية ومدرسة الشكاك اليونانية وثقافة السفسطة، والتبارى فى قلب الحق باطلا والباطل حقا. ونحن بحاجة إلى فلاسفة حكماء يعرفون ما نرثه وما هل وما طل علينا من مستجدات وفى نفس الوقت نخوض الى المستقبل بعقل رشيد يدرك قيمة الماضى وضرورات الحاضر.

&

فى رأيك كيف نطور الخطاب الديني؟

&

أتمنى أن نجد ثمارا حقيقية لهذه الدعوة والتى تتطلب أن نأخذ من ديننا وحضارتنا وسيرتنا وعقيدتنا، ولابد أن نعرف مستجدات العصر مع حرصنا على جذورنا وحضارتنا وهويتنا بعقل مستنير وتأهيل مضيء، وألا ننغمس فى الموروثات التى اختلط بها عرف الأزمان السابقة أو الموروث الثقافى السابق أو ما أفرزته العلاقات الإنسانية فى أوقات حروبها أو أوقات ضغائنها او استعمارها، وأشدد على أننا لابد أن نتعامل مع موروثاتنا بما ينتفع به حاضرنا .. ثم ما يقدمه العقل المؤهل الصحيح الفكر القادر على التحليل وإرسال الخطاب المفعم بهذه المكونات وبثقافتنا المعاصرة وعظمة موروثاتنا الفقهية والحضارية والتاريخية.

&

كيف ترين العلاج الأمثل لمواجهة التطرف؟

&

أن نقرأ ثقافة العصر وعلومه، ونتعلم العلوم المنطقية التى تقنع الجاحد ومن لم يجد من يقدم له نور الشرع .. ولدى شبابنا الآن نور العقل بسبب ثقافة العصر لكن لم نجد فى المؤسسة الدعوية التى ترقى بفكرها وخطابها وأدائها ومفرداتها من يشبع هذه العقول المتقدة بثقافة هذا العصر ويقدم لهم نور الشرع ، ولو أحسنا تأهيل من يقوم بالخطاب الدينى وأحسنا تقديم الخطاب الدينى لأصبح لدينا ملايين الدعاة المؤهلين لهذا الدين العظيم .

&

المناهج الأزهرية والعامة ..هل تحتاج لتطوير ؟

&

إن لم نستشعر بأن هناك وهناومادة علمية لا ترقى لمستجدات العصر وأن مناهج وآليات التدريس لا ترقى لقضايا العصر فالحل للأسف لن نراه فى هذا الجيل، وأقول: المؤهلون لأداء هذا الأمر يحتاجون بصدق ودون طعن فى أحد إلى دراسة الواقع الثقافى والسياسى والإنسانى والعلمى وعلاقة الإنسانية المتشابكة، ونخرج من هذه المجاملات المترهلة، وتسديد الخانات البعيدة عن الحقيقة العلمية ونرقى بالمؤسسة وبما ننتجه من تأهيل وليس التلقين، وللأسف التعليم الأزهرى تلقين وليس تأهيلا، وشتان ما بين تأهيل الواعظ والإمام والطبيب والمهندس والمفكر وبين التلقين.. نحن مازلنا فى مرحلة التلقين بالإضافة إلى أن الملقن كأنه استدعى صبغة من قدسيه النصوص وكسابها نفسه فى تعال.. أقول هذا الكلام وانا حزينة على حال الجامعة والتعليم .

&

إعداد الداعية المستنير مسئولية من فى رأيك ؟

&

مسئولية مشتركة بين الأستاذ والقائم على الكليات وإعداد المناهج ومراعاة عقلية الطالبات والطلاب، وأرى أن اكبر كبوة هى المعاهد التى لا تحسن تأهيل من يأتى للجامعة وللأسف يأتينا إلى الجامعة أشباه اميات فى السنة الأولى إلا ما رحم ربى وهم قلة أما الأكثرية فلا ترقى للمستوى الذى يجعلهم يلتحقون بالجامعة.

&

كيف يتم دعم الجاليات الإسلامية فى الخارج ؟

&

أود أولا من الجاليات الإسلامية فى الخارج ان تتعايش مع مجتمعاتهم، فقد اختاروها وتجنسوا بجنسياتها وعاشوا فى ثقافتهم وتمتعوا بأمنهم ومالهم، وأصبحوا جزءا منها.. أود منهم أن يحسنوا العشرة معهم ولا ينفروهم أو ينفرون منهم وان يكونوا سفراء للإسلام فى هذه البلاد بمعاملاتهم الطيبة وتعاملاتهم وأخلاقياتهم، وللأسف رأيت حالات غير رشيدة فيها تنابذ وشتائم، وهذا لا يليق بديننا، وكفى تنفير الناس من الإسلام، وأقول لهم تستطيعون أن تكونوا أعظم سفراء للإسلام ونشره بالحب وليس بالصد والتنفير، واذكر أننى دعيت مرة لمؤتمر فى سويسرا بعد أحداث سبتمبر بحوالى ٥ سنوات وحضرها ٢٥ شخصية على مستوى العالم من مختلف الديانات السماوية والأرضية وبعض الديانات التى انقرضت، وطلب منى أمين عام المؤتمر أن أقدم نفسى للحضور فقلت لهم أنا المسلمة التى تحب الإنسان من أى لون من أى دين من أى جنس أو جنسية، الإنسان الذى كرمه الله فى البر والبحر. وقد أودعت توصيات المؤتمر بالأمم المتحدة كميثاق إنسانى محترم ومن هذه التوصيات: ليس العداء بين الإنسان وأخيه الإنسان بسبب الحضارات وإنما السبب الأصلى فيه هو السياسة وليست الديانات، وهذا ما دعانى لكتابة كتابى «إنسانية الإنسان فى الإسلام» وسقت فيه النماذج الرائعة للحضارة الإسلامية منذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى الدولة العباسية وأكدت معانى الوحدة والإخوة الإنسانية التى تجمعنا جميعا.. وهنا أذكر بسبق نبى الإسلام العظيم الذى جاء رحمه للعالمين والوثيقة الإنسانية لكل الجيوش التى كانت تغزو فى زمانه ومن بعده الخلفاء نفذوا هذه الوصايا والتزموا بهذه الوثيقة ومنها .. لا تحرقوا حجرا ولا بشرا، ولا يقتل الأسير ولا الجريح ولا يتعقب جيش مهزوم، ولا يقتل الشيخ الفانى ولا الطفل ولا المرأة ، ولا يحرق الزرع ولا النخيل ولا المتعبد فى صومعته ..هذه وثيقة نبوية كريمة التى كان يؤكد بها على كل قاده الألوية فى الغزوات .. وسبقت هذه الوثيقة وثيقة هذا القرن التى صدرت عام 1948.

&

&

&

كلمة توجهينها

&

للدعاة .. ماذا تقولين ؟

&

أقول لهم يهديكم الله إلى الطريق الصحيح والقويم لأداء مهامكم كما أرادها الله رب العالمين سبحانه وتعالى للإنسان المستخلف فى الأرض.

&

&

&

المجلس الأعلى للشئون الإسلامية؟

&

أتمنى ان يفعل دور المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أفضل مما هو عليه الآن، وأما مجمع البحوث الإسلامية فلا اعرف عنهم شيئا ولا أرى لهم طحينا.

&

&

&

‫وزارة الأوقاف والمسئولين عن التعليم؟

&

أرى من وزيرها انه يريد ان يفعل شيئا ويقدم عملا جادا على ارض صخرية، ودموعى على التعليم ، وقلبى ينفطر عليه فى جميع مراحله سواء العام أو الأزهري، الكل يحتاج إلى ثورة حقيقية لمعرفة قيمة العلم ومنزلته لصناعه الإنسان.

&

&

&

‬كلمة للشباب والمصريين؟

&

أقول للشباب انتم ثروة الأمة وعدتها ومستقبلنا، فلا تضيعوا أمل بلدكم فيكم ، ولا تضيعوا ثروة مصر يا أبنائى يا أحفادى يا أحبائي، وأتمنى لشعب مصر كل الخير وأن يفيق من هذا التيه الذى وضع نفسه فيه من سفسطة ونقد ونقض .. وأرجو أن ندرك أوضاع المنطقة وعظمة هذه الشمعة “مصر” كيف تبقى مشتعلة ومضيئة ورائدة .

&