رام الله – محمد السمهوري: يستقبل فلسطينيو الضفة الغربية وقطاع غزة رمضان بين نارين: الاحتلال وحصاره وتضييقاته المستمرة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية. ويعكس تراجع زينة رمضان في كثير من المرافق والبيوت والشوارع، الحالة التي يعيشها الفلسطيني، والتي كانت واضحة في تعامله مع ارتفاع الأسعار التي عمد التجار إلى رفعها.

في المقابل، ترك الفلسطيني عاداته الرمضانية جانباً معبراً عن سخطه مما يعانيه من ظروف اقتصادية صعبة، واستعان بالتقشف لمواجهة الواقع، فغزة تستقبل رمضان بمعدلات غير مسبوقة للفقر والبطالة. وتفيد الغرفة التجارية في قطاع غزة بأن «نحو مليوني فلسطيني، يستقبلون شهر رمضان في ظل ظروف هي الأسوأ اقتصادياً، منذ عقود بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة، واستمرار الحصار المفروض للعام التاسع على التوالي».

وتشير الإحصاءات إلى أن ما يزيد عن مليون شخص في قطاع غزة من دون دخل يومي وهذا يشكل 60 في المئة من مجموع السكان، إضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر لتصل إلى 39 في المئة من عدد السكان وانتشار ظاهرة الفقر المدقع، والتي بلغت نسبتها 21 في المئة. هكذا، تجاهل الفلسطيني النزول إلى الأسواق وشراء حاجاته، ما أصاب الأسواق بحالة من الكساد والركود الاقتصادي نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.

وأدى ارتفاع الأسعار إلى إطلاق حملات لمقاطعة الدواجن واللحوم من جانب جمعيات حماية المستهلك في عدد من المدن الفلسطينية في الضفة، مطالبين الحكومة بالعمل من أجل خفض الأسعار ومراقبة الأسواق وضبط الأسعار.

إلا أن المواطن اقتصر تفاعله مع رمضان من خلال أكلاته الشعبية التي زينت سفرته ولو في شكل غير مبالغ فيه، فقد طرأ بعض التغير على العادات الرمضانية التي يمارسها أهالي قطاع غزة في شهر رمضان المبارك، فتنوعت الأكلات الرمضانية بعد تطور البرامج التلفزيونية المهتمة بالطبخ، فأصبحت ربات البيوت أكثر اهتماماً ومتابعة لهذه البرامج، إلا أن نكهة الأكلات الفلسطينية لا تزال حاضرة.

مظاهر التراحم والمحبة تبقى سيدة المشهد في الشارع الفلسطيني، حيث تعمل «تكية مريم العذراء» في بيت لحم على تقديم 1000 وجبة يومياً خلال شهر رمضان. ويعمل فيها مجموعة من الشباب المسلم والمسيحي، والاسم مستوحى من هذا التآخي في المدينة، إلى جانب توزيع المياه والتمر على السائقين في بعض المناطق مع اقتراب أذان المغرب.

مشاهد حزينة سجلتها الكاميرات لمن دُمّرت بيوتهم في القطاع نتيجة العدوان الأخير، فقد أفطرت هذه العائلات على ركام بيوتها، متحدية الظروف الصعبة والبائسة التي تمر بها.

استمرت مدينة نابلس (البلدة القديمة) في الحفاظ على طقوسها في الاحتفال بشهر رمضان، خصوصاً أنها الأشهر فلسطينياً بصناعة الحلويات الشعبية كالكنافة والتمرية والقطايف والزلابية، وغيرها من أصناف الحلويات التي يحرص الفلسطينيون على شرائها وتقديمها إلى جانب الأكلات الشعبية. أما الخليل، وهي المدينة الأكبر في الضفة الغربية، فيبقى لرمضان فيها نكهة مختلفة، ويعود سكانها الذين اعتادوا على سماع المسحراتي قديماً إلى ذلك الزمن من خلال أصوات «فرقة وطن» المختصة بزف العرسان، والتي كرست عملها منذ بداية رمضان لأداء دور المسحراتي الذي يوقظ الناس لتناول وجبة السحور. وتتحدى الفرقة الاحتلال من خلال تجوالها في مختلف الأحياء والشوارع في مدينة الخليل، مقدمة التراث الفلسطيني والعادات الجميلة.