عبدالعزيز السويد

تحسب للسعودية دولة وشعباً المثابرة على محاربة الإرهاب، الأفعال في هذا تسبق الأقوال، ولا يضرهم أن يكون بعض المنتمين لجماعات إرهابية من مواطنيهم، فهم ملاحقون داخلياً وخارجياً من أجهزتها الأمنية، ومنبوذون من أسرهم ومجتمعهم.

&

وفي النقد والتشريح تصدرت السعودية رسمياً وشعبياً حصار الإرهاب بمختلف أنواع الأسلحة، من العمليات الأمنية الاستباقية، وقطع التمويل، إلى سلاح الإعلام، حواراً ونقاشاً وتنبيهاً وحتى تهكماً، وهذا كما أسلفت يحسب لها وهو دليل صحة وقوة، يخبر أن هذا الفكر دخيل حتى لو تلبس برداء الدين واستخدم نصوصاً ومصطلحات إسلامية قد تلتبس على بعض البسطاء، وفي هذا تعاونت الدولة السعودية مع مختلف دول العالم في ملاحقة الجماعات الإرهابية، وكانت سباقة في التشارك بالمعلومات التي أحبطت العديد من العمليات الإرهابية في دول أخرى.

&

وسائل الإعلام السعودية تحفل بالتصريح عن أسماء المخدوعين من أبنائها، بل تنشر أعمالاً منسوبة لهم حتى ولو لم تصدر من جهة موثقة إعلامياً، وهذا لا تجده في غيرها من الدول التي يحمل جنسياتها كثير من المنضوين تحت رايات الجماعات الإرهابية.

&

هذه المقدمة كان لا بد منها لطرح الإشكال، وهو أن هذا الموقف بما يحويه من نقد ذاتي قوي - قد نتفق أو نختلف مع أساليب طرحه - لكنه واقع طغى على المشهد المحلي والإقليمي منذ سنوات. الإشكال ينبع من أن هذا الرصيد يستخدم الآن ضد السعودية ومواطنيها ومجتمعها من دول ترعى الإرهاب علناً، تؤسس ميليشيات طائفية وتزرعها في كل بلد عربي تطاله. لا تختلف جرائمها عن جرائم «القاعدة» و «داعش» إلا في أنها «أحزاب» معلنة الأسماء والداعمين ويظهر قادتها كسياسيين وأحياناً بغطاء ديني. إن نقد وتشريح وفضح الأعمال الإرهابية والفكر الذي يغري بها ويجند لها أمر في غاية الأهمية شريطة ألا يرتد علينا، وهو ما يستدعي إعادة النظر في أسلوب المعالجة التي أرى أنها، حتى الآن، اجتهادات تغلب عليها النظرة الأحادية الضيقة، بعيداً من التعمق والنظرة المتأنية الشاملة في التداعيات والمآلات. ما كان ينفع ويحقق فائدة قبل خمس سنوات لا يعني أنه يحقق الهدف نفسه الآن، بل ربما يرتد علينا في حاضر إقليمي دولي مأزوم يحيط بنا.
&