الأردن وتنامي الجدل حول ظاهرة «اختطاف الفتيات»: مخيلة شعبية تنمو وسطها الهواجس واعترافات نادرة لوزير الداخلية ومشكلات «اللجوء» تضغط على «الكفاءة الأمنية»


بسام البدارين

&عد يومين فقط من الإعلان في الأردن عن العثور على فتاتين مراهقتين تغيبتا عن منزلهما لستة أيام برزت مجددا مع فجر الجمعة حادثة جديدة لاختفاء فتاة شابة جديدة تقول عائلتها بأنها لم تعد للبيت بعد توجهها للمسجد المجاور لأداء صلاة التراويح.


قبل ذلك بأيام قليلة عاش الرأي العام الأردني في حالة قلق نادرة وغير مسبوقة بعد الإعلان عن غياب الفتاتين شيماء وجمانة لستة أيام، قبل الإعلان عن العثور عليهما وغضب عائلتيهما من بيانات رسمية للأمن العام تنفي حصول «اختطاف» رغم أن السلطات أحالت لمحكمة الجنايات شخصا يشتبه به بحادثة الفتاتين.
لاحقا ومع صباح الجمعة أبلغ أحد أئمة المساجد بان ابنته غادرت للمسجد لأداء صلاة التراويح لكنها لم تعد، الحادثة أقلقت الرأي العام مرة أخرى، خلال دقائق فقط وبمجرد الإعلان عنها عبر وسائط التواصل الاجتماعي.


التحقيقات في الحادثة الأولى لم تنته بعد، وجزء منها بين يدي القضاء والأمن العام يصمت ويرفض التداول أو حتى نقاش سيناريوهات الاختطاف، فيما تتكاثر الشائعات حول حالات مفترضة من الاختطاف للفتيات لم تعترف بها السلطات بعد.
اختفاء فتيات بهذه الطريقة حدث نادر بالنسبة للمجتمع الأردني وانتشار الأنباء بسرعة على وسائط التواصل الاجتماعي يشكل عنصرا ضاغطا بقسوة وخشونة على السلطات الأمنية التي تحاول حفاظا على الصورة الواقعية للوضع الأمني وعلى ما تبقى من الموسم السياحي، نفي وجود انحرافات أمنية منظمة ومبرمجة.
الجدال وبصورة ساخنة يتعلق بالنقطة الأخيرة على مستوى التجاذب العام في المملكة، خصوصا ان أهالي الفتيات الغائبات يرفضون بصورة عامة الذرائع الأمنية فيما تتولى «المخيلة الشعبية» ما يلزم من عمليات الترويج.
بالنسبة لمصادر أمنية رسمية تحدثت لـ»القدس العربي» لا مجال لتزييف الوقائع من أجل الرأي العام وجهاز الشرطة يمارس أقصى انواع الشفافية ولا يملك أصلا العبث في توصيف الجرائم والمخالفات القانونية، فهي مهمة يتولاها القانون أصلا ولاحقا سلطات القضاء وليس الرأي العام ولا جهاز الأمن نفسه.


على هذا الأساس تجمع المصادر الأمنية الرسمية على نفي وجود أدلة على حالات اختطاف مبرمجة، وهو ما تسانده الحيثيات والأرقام الجنائية الإحصائية، لكن مستوى الهاجس الأمني عند عامة المجتمع وصل إلى مستويات غير مسبوقة في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد. وبسبب هذه الهواجس تنمو الشائعات والتكهنات أحيانا، فيما يبدو ان الأجهزة الأمنية وفي القضايا الداخلية تواجه صعوبات وضغوطات هائلة مردها الزيادة التي تصل لأكثر من 30% على عدد السكان الطبيعيين الذين صممت الكوادر الأمنية لخدمتهم.
مسؤول أمني بارز سبق أن قال لـ «القدس العربي» أن العبء على أجهزة الشرطة المحلية تضخم جدا بعد اللجوء السوري والعراقي، مشيرا إلى ان البنية الأمنية مصممة على تقديم الخدمات لنحو ثمانية ملايين شخص فـي الحـد الأعلى، لكنــها تفعـل الآن لنـحو 11 مليون شخص في ســياق تداعيــات الوضـع الديمـوغرافي التـي فرضـها اللـجوء الــسوري وزاد مـن تعقيـداتها قبـله اللـجوء العـراقي.
المستوى السياسي في الدولة لا يظهر من جانبه الحرص اللازم على توفير ملاذات عمل وإنتاج أفضل للأجهزة الأمنية الفاعلة محليا، والتي يقال انها تعمل في ظل موازنات مالية كلاسيكية لا تراعي المستجدات.
عمليا توفر وسائل إعلام سريعة اجتماعية أو غير مهنية يساهم في زيادة رقعة المخاوف الأمنية الاجتماعية، حسب خبراء يحاولون قراءة وتحليل معطيات التفاعل الشعبي الهوسي مع حوادث تغيب الفتيات رغم الجهد الأمني المبذول بقوة لإيصال استنتاجات لا علاقة لها بوجود جريمة منظمة.
ومن المرجح ان»اعترافات» وزير الداخلية الجديد سلامة حماد العلنية بالخريطة «الجرمية» تساهم في نمو مؤشرات القلق الشعبي، حيث اعترف الرجل أمام النواب والإعلام بوجود «مشكلة كبيرة وخطيرة اسمها المخدرات» وأشار لوجود مشكلات من نوع سرقة السيارات وابتزاز التجار واعدا بأن لا يفلت من العقاب كل من يحاول المساس بهيبة الدولة والقانون.
&