&

&

&

&

&

&

عبدالعزيز الكندري

من كان يتوقع أن يحدث هذا بالكويت، التي كانت وستظل واحة أمن وأمان لمختلف الفئات والطوائف على مر السنين وقبل حتى عصر النفط، ولعل التاريخ القريب والبعيد يشهد بذلك، وما حدث قبل أيام من تفجير مسجد الإمام الصادق أثناء سجود المصلين وفي نهار رمضان والناس صيام.. جريمة بشعة ومقززة لا يمكن أن تقبلها الفِطر السليمة، وهذا يمثل سلوكاً في قمة التوحش واللاإنسانية.

وما حدث لن يزيد المجتمع الكويتي إلا قوة وصلابة وتماسكاً، والدماء التي سالت هي في الحقيقة وحّدت الكويتيين من لحظة وقوع الانفجار إلى مسارعة المواطنين للتبرع بالدم والوقوف طوابير للمصابين فاختلطت الدماء الكويتية مع بعضها لرسم أجمل لوحة وطنية في وحدة الكويت.

المجتمع الكويتي منذ القدم ومن قبل الدولة الحديثة حتى لم يفرق بين شيعي أو سني على الإطلاق، وما حصل كان يمكن أن يحدث لأي فرد أو عائلة موجودة على تراب الكويت، ولكنهم أرادوا زرع الفتنة بيننا ولم يفلحوا ولن ينجحوا بإذن الله وبقوة تماسكنا جميعا... كما نعزي أنفسنا وأهل الضحايا وكل أهل الكويت لما حصل من جريمة نكراء في نهار رمضان.

ولفتة كريمة وكبيرة من سمو الأمير أن يذهب بنفسه إلى موقع الحادث الأليم والانفجار بعد الحادث بنصف ساعة ومن دون حراسة تذكر، وذلك من أجل تفقد ما حصل ودموعه تسيل وقال:«هؤلاء أبنائي» تجسد أروع الصور والعلاقة بين الحاكم والمحكوم... بل بين الأب وأبنائه.

يجب أن نقف متكاتفين مع بعض ضد كل من يروج للإرهاب والإجرام وإلغاء الآخر... نعم ونقولها بصوت واحد، فالكويت بلد لا يحتمل التفرقة كونه صغيراً ومتداخلاً، والفكر لا يواجه إلا بالفكر، وعلينا أن نعري أصحاب الفكر المتطرف والخطاب الطائفي الضيق، الذي يغذي عقول الشباب بالأفكار الهدامة.

الكويت كانت ولاتزال شعلة الاعتدال والتسامح والعيش المشترك في هذه المنطقة الملتهبة، والشعب الكويتي معروف وقت الأزمات والشدائد بوقوفه صفاً واحداً، يتناسى كل خلافاته من أجل مصلحة ووحدة الوطن، تجاوزنا أزمات أكبر وأشد وسنتجاوز هذه الأزمة بإذن الله تعالى.

آن الأوان بأن ننشر التسامح وننبذ خطاب الكراهية في المدارس والجامعات والبيوت ونربي أبناءنا على قبول الآخر، ونفتح نوافذ العقول للتعايش وقبول الآخر، والإعلام له دور كبير في ذلك نتيجة دخوله إلى كل بيت وهذه مسؤولية كبيرة.

وعلى العلماء مسؤولية كبيرة في إبراز الوجه الحقيقي للإسلام، عبر الوسائل المختلفة، خاصة في خطب الجمعة والبرامج الدينية في التلفاز والإذاعة، لأن العلماء أقدر على مواجهة تيار التطرف، ومنع كل من يحاول صب الزيت على النار من بث سمومه على الناس.

الكويت كانت وستكون عصيّة على الإرهاب، ووحدتنا هي السياج الحقيقي والأمن القومي... فاللهم احفظ الكويت من كل مكروه....


&