مصر: صدمة بالإهانة بعد اغتيال النائب العام… والبدء في التفتيش عن ثغرات الأمن


حسنين كروم

سيطرت حادثة اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات صباح الاثنين على اهتمامات المصريين وأصابتهم بصدمة شديدة.
وتلخصت ردود أفعالهم الأولى في اتهام النظام بالتقصير في مكافحة الإرهابيين، رغم النجاحات التي حققها. وكذلك اتهامه بعدم اتخاذ إجراءات أشد ردعا خوفا من أمريكا والدول الأوروبية. وأعلنت الرئاسة الحداد وإلغاء احتفالات الثلاثين من يونيو/حزيران، كما أوقفت القنوات الفضائية عرض حلقات برامجها ومسلسلاتها التي كانت تجذب اهتمامات الأغلبية، وتحولت إلى متابعة الحادث وتفاصيله وردود الأفعال عليه. وهو ما قامت به صحف أمس أيضاً الثلاثاء 30 يونيو، حيث سيطرت تغطية الحادث على موادها وأقوال الشهود. لكن ما نشر كان فقرة من تحقيق «الأخبار» عن الحادث في صفحتي 4 و5 ونصه هو: «وكان اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية قد وجه اللواء أسامة بدير مدير أمن القاهرة لاتخاذ كل الإجراءات الأمنية وتأمين مواكب رموز الدولة المقيمين في القاهرة، وعلى رأسهم النائب العام، إلا أنه لم يتم تنفيذ تعليمات وزير الداخلية كاملة.. حيث ظهر جليا القصور الأمني مما تسبب في وقوع الحادث». وعلينا الانتظار لما ستسفر عنه الأحداث والتحقيقات لاختبار حقيقة هذه المعلومة.
أما «الأهرام» فإنها وبتحقيق لها في الصحفة الرابعة وردت فيه فقرة هي: «انتقل اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية إلى موقع الحادث، يرافقه اللواء كمال الدالي مساعد الوزير للأمن العام واللواء مصطفى حجازي مساعد الوزير للأمن الوطني واللواء أسامة بدير مساعد الوزير لأمن العاصمة واللواء هشام العراقي نائب مدير مباحث القاهرة واللواء عصام سعد نائب مدير مباحث القاهرة واللواء محمد توفيق مدير المباحث الجنائية في القاهرة.. وقد تفقد وزير الداخلية والقيادات الأمنية آثار التدمير الذي خلفه الحادث».
ثم ذكرت «الأهرام» بعد ذلك اسماء عدد من كبار الضباط الذين استجوبوا الشهود، فذكر اللواء عاصم حمزة مدير الإدارة العامة للمباحث الجنائية في وزارة الداخلية واللواء جمال عبد الباري. وأشارت المعلومات الأولية إلى أن السيارة انفجرت وكانت واقفة بجوار الرصيف، محملة بحوالي نصف طن متفجرات، وأنه تم إخراج المستشار هشام بركات من سيارته قبل أن تحترق بالكامل، وعندما نقل إلى مستشفى النزهة القريبة كان يتكلم وفي وعيه وعُلم في الصباح أن إصابته طفيفة، نزيف من الأنف وخلع في الكتف. وعندما اتصلت بابني وكان قد لحق به مع غيره إلى المستشفى، أخبرني بأنه في العمليات والإصابة خطيرة جداً جداً. وعلمت أن هناك شكوكاً في أن هذه العملية لا تتم بهذا الشكل إلا بواسطة فريق، ولا بد أن يكون هناك من هم مكلفون برصد الموكب وخط سيره وأقاموا أو يقيمون في المنطقة نفسها، خاصة أن التفجير تم بواسطة الريموت في اللحظة نفسها التي كانت فيها سيارة النائب العام موازية تقريبا للسيارة الحاملة للديناميت.
كما قتل أيضا في شمال سيناء اثنان من مهندسي الطرق بانفجار عبوة، بينما كانا يردمان حفرة في الطريق أحدثتها عبوة سابقة. كما قتلت قوات الجيش خمسة إرهابيين واصابت سبعة عندما حاولوا مهاجمة نقطة ارتكاز لها. وتعرض برجان للكهرباء في أسوان للتفجيرات.. وواصلت الصحف في مساحات أقل، نشر أخبار الحلقات المقبلة من المسلسلات وتقييم ما عرض،
وكذلك الاهتمام بالموضوعات الدينية وطعام المرضى الصائمين، لدرجة أن زميلنا الرسام خفيف الظل في «الجمهورية» فرماوي أخبرنا أمس أن قريبة له أرادت إرضاع طفلها فتفاجأت به يقول لها «اللهم إني صائم».
وهكذا تكون تقوى الأبناء وإلا فلا.. وإلى بعض مما عندنا.

مسلسل «حارة اليهود» اقتحم منطقة ملغمة

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على المسلسلات والبرامج التي توقف الاهتمام بها بعد الاثنين، بسبب اغتيال النائب العام وقرار القنوات عدم عرضها بسبب الحداد الذي أعلنته وتركيزها على العملية الإرهابية.. التي أثارت اهتمام الغالبية الساحقة، التي لم تعد تركز على المسلسلات. وكانت مجلة «روز اليوسف» قد نشرت يوم السبت مقالا لزميلنا طارق مرسي عن الجدل الدائر حول مسلسل «حارة اليهود».. قال فيه: «في المسلسل الضجة (حارة اليهود) لم تكن شخصية علي هي ناصر، ولكنها ستبشر بظهوره في الحلقات المقبلة، مع قيام ثورة يوليو/تموز، وتفاصيل تقول ذلك واستخدمها بحرفية شديدة الكاتب د. مدحت العدل، ويبدو أنه استوحاها فعلاً من الأحداث، وأيضا روايات المؤرخين، بأن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر قد ارتبط بقصة حب مع فتاة يهودية.. قصة لم تكتمل وظلت في خزانة أسراره، ولتكون في الوقت نفسه حلقة وصل لتاريخ فاصل في حياة مصر بعد اندلاع ثورة 52. شخصية البكباشي علي، التي جسدها بمهارة إياد نصار تحمل أيضا مواصفات الزعيم الخالد، فهو الشخصية المحبوبة والمحبة والعاشقة أينما وجدت، فضلاً عن اتسامه بملامح تبشر بظهور عبد الناصر. عبقرية المؤلفان السباعي والعدل، في رسم الشخصيات تؤكد أن الإبداع المصري لم يعرف طريق الذبول، وأنه ممتد على تراب هذا البلد وإنهما في مهمة وطنية.
مسلسل «حارة اليهود» الذي يعد أول عمل في تاريخ الدراما المصرية والعربية يقتحم هذه المنطقة الملغمة، ولهذا يستحق ما أثير حوله من انتقادات وانطباعات، بدأ بعضها يأخذ اتجاهات غريبة، وكأن عملا تاريخيا لا يخلو من الأخطاء، رغم أنها لم تنل من رسالته وأهدافه التي بدأت تتكشف في الحلقات المتتابعة لتطوي انتقادات المغرضين. فالعمل كما قال لنا مؤلفه مدحت العدل هو نفسه ـ لمن لا يعرف ـ صاحب الملامح الغنائية القومية «القدس حترجع لنا» و«الحلم العربي» وصاحب المواقف الثورية في ثورتي مصر. ومخرجه محمد العدل يضغط على منطقة غاية في الأهمية، تمثل جزءاً من تاريخ مصر وحضارتها، وأن هذه الحضارة العريقة كانت نموذجاً للتسامح الديني والتعايش السلمي، قبل أن يقتحمها المغرضون والمتاجرون بالدين والأوطان، وأنها عبر تاريخها الطويل لم تعرف معنى الاضطهاد والغل والعنصرية، وأن الشر له جذور ممتدة عبر التاريخ وأن للعمالة أصولها.. وهذا ما سوف تكشف عنه الحلقات التي تقترب من اندلاع ثورة يوليو وكتابة تاريخ جديد في مصر مع كشف زيف وكذب المفسدين في الأرض وبذور الخيانة لديهم».

المبدع يحتاج إلى الابتكار والتجديد

أما المسلسل الثاني الذي يثير مناقشات ومعارك فهو «أستاذ ورئيس قسم» بطولة صديقنا نجم النجوم عادل إمام في شخصية اليساري، حيث هاجمه عدد من أساتذة الجامعات ونشرت «الأهرام» يوم الاثنين حديثا مع زميلنا وصديقنا أستاذ الإعلام وعميد كلية الإعلام الأسبق في جامعة القاهرة الدكتور فاروق أبو زيد اجراه معه زميلنا موسى حسين قال فيه عن الضجة حول المسلسل: «مسلسل «أستاذ ورئيس قسم» بلا أخطاء والهجوم عليه من قبل بعض أساتذة الجامعات غير مبرر، وليس من حقهم الهجوم على العمل بهذا الشكل.
يوسف معاطي مشهود له بالكفاءة ولم ينجرف يوما للأعمال الهابطة أو التطرف في الكتابة، ويسير بخطوات ثابتة ومحترمة في كتابة الأعمال الدرامية، خاصة الساخر منها، وهي أصعب فنون الكتابة أيضا ويجيد التركيز في ما يكتب وكل عام يقدم فكرة جديدة‫، كما أن‬ ارتباط فنان في قيمة عادل إمام بالكاتب يوسف معاطي لم يأت من فراغ، بل لرؤية فنية مكتملة تربط الاثنين معا‫.‬ من حق المبدع تناول أي شخصيات في المجتمع، لكن المشكلة أن مجتمعنا لا يقبل الرأي والرأي الآخر، وهذا جزء من ثقافة المجتمع المحافظ، الذي لم يعش في مناخ حر فترات طويلة، ولا يقبل النقد. وأتصور أن نسبة كبيرة من الشعب المصري، وهذا من أيام الفراعنة، يتحدثون عن الحرية، ولكن عندما يجلسون على كرسي المسؤولية لا يقبلون الحرية، فنحن لم نعتد على النقد والرأي والرأي الآخر، وأعتقد أن هذه الحملة لو استمرت على المسلسل، أو أي عمل آخر يناقش قضية مماثلة مثلا للأطباء أو الصحافيين أو المهندسين، سيؤدي ذلك معها إلى الحد من حرية الإبداع، لأن أي مبدع يحتاج إلى الابتكار والتجديد، وهذا لن يتحقق إلا من خلال الحريات‫. ‬أستاذ الجامعة له قيمته وخصوصيته ومكانته والتزاماته المهنية داخل الجامعة، ولا نقلل من شأنه، ولكن هناك حالات انحراف مثله مثل أي شخص آخر وإلا ما الفائدة ولماذا تم إنشاء مجالس تأديب في الجامعات وعلى أساتذة الجامعة الهجوم على الأستاذ المنحرف وليس على المسلسل، ومع هذا يمكن توجيه النقد لأي عمل ولكن ليس الهجوم».

مسلسلات رمضان اختفى
منها «القدوة» والمثال المشرف

هذا المقال وهذا التحقيق هما ابرز ما نشر عن المسلسلين الأيام الماضية،
بينما تواصلت الانتقادات على الاهتمام الكبير بالمسلسلات عامة وما فيها من مشاهد والفاظ خادشة للحياء في الشهر الفضيل، حيث ضرب زميلنا في «الأخبار» محمد عبيد كفاً على كف يوم الأحد ثم قال: «اتعجب من حال الإعلاميين والممثلين الذين يطالبون طوال الوقت بتحديث الخطاب الديني وينسون تماما حالهم وحال أعمالهم! لو تم تحديث الخطاب الديني، وهذا أمر صعب المنال في الوقت الحالي.. سوف يتم تحديثه لمن؟ إذ اختفى من مسلسلات رمضان الطابع الديني و«القدوة» والمثال المشرف الذي يقوم البطل بتمثيل دوره، وكنا دائما نتمنى أن نكون مثله. لكن للأسف الآن نربي الأجيال على مشاهد تحمل عنفا ومخدرات وصفقات مشبوهة، وكأننا نصور حال بلدنا فعلا، من دون تزييف للحقائق.. ضاربين عرض الحائط أن هذه المسلسلات تتم مشاهدتها في مختلف الدول العربية. إذن السؤال الذي سوف يدور في عقل كل مشاهد عربي هل هذه مصر بعد ثورتين؟ وإذا كان هذا الحال في الخارج فما هو حال الشباب في الداخل».
العمل الدرامي كان اجتماعياً
يناقش أحوال الأسرة المصرية

هذا السؤال الإجابة عنه جاءت في اليوم التالي الاثنين من زميله في «الأخبار» أحمد شلبي الذي قال: «الناس تتباكي على أيام زمان.. كان هناك توازن بين العبادة والعمل الدرامي الاجتماعي، الذي يفيد الناس. كنا نتابع مسلسلات دينية تتناول السيرة النبوية وشخصيات أفادت بدورها الدعوة الإسلامية فكانت ثقافة دينية وقراءة تاريخية لما يمر به بلدنا. العمل الدرامي كان اجتماعياً يناقش أحوال الأسرة المصرية مع بعض التشويق الهادئ المحترم لجذب انتباه المشاهد لما يحدث من أمراض اجتماعية وأخطار فكان عملا هادفا.. وأيضا كانت هناك مسلسلات كوميدية جميلة رقيقة بلغة العصر ولا نجد فيها من الشتائم والبذاءات ما يحرج أفراد الأسرة تحت مسمى انها لغة الشارع الآن».

حكايات من أيام زمان

وهكذا ذكرنا أحمد شلبي بزمان وأيام زمان، وكانت زميلته الجميلة وفاء الغزالي قد ذكرتنا يوم السبت في صفحة «كل الدنيا» في «أخبار اليوم» بحكاية عن زمان وأيامه عن الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس باشا رئيس حزب الوفد، جاء فيها: «عام 1942 (الرابع من أكتوبر/تشرين الأول) الذي تزامن مع شهر رمضان، تحدث مصطفى النحاس رئيس الوزراء للصحافة بأنه اعتاد إقامة مائدة طعام في شهر رمضان في منزله وقال: «أنا في هذا العام (عازم لا معزوم) « في رمضان مراعاة لظروف مصر الاقتصادية. وعندما توجه الشيخ أحمد أبو الفضل الجيزاوي على رأس وفد من أعيان الجيزة لدعوة النحاس لمأدبة إفطار، اعتذر النحاس قائلاً: ألغيت مآدب رمضان عملاً بالاقتصاد في هذه الظروف التي ينبغي فيها لكل مصري أن يقتصد، ولأضرب المثل لإخواني المصريين في هذا الاقتصاد فإننا مقبلون علي أيام عصيبة، لنسأل الله أن يشمل مصر بعنايته ورعايته وما دمت قد ألغيت المآدب لهذا الغرض فإنني لا أستطيع أن أقبل من غيري أن يقيم لي مآدب في رمضان، بل يجب أن يقتصد وأن يساعد غيره من الفقراء إذا كان عنده فضل من الرزق».

عدم وجود نص قانوني
يجرم الإفطار في رمضان

وإلى حكايات أخرى خاصة بالشهر الكريم، فقد نشرت «التحرير» يوم الاثنين تحقيقا لزميلتنا الجميلة سماح عوض الله. عن حادثة إلقاء أحد ضباط الشرطة القبض على عدد من المفطرين في نهار رمضان وقدمهم للنيابة، ثم نفى البعض الخبر وجاء في التحقيق: «لكن مصدراً في نيابة القاهرة الجديدة كشف لـ»التحرير» أن الضابط محمد الشاعر رئيس مباحث إدارة القطامية، قام بضبط قرابة 25 مواطناً وتقديمهم إلى النيابة، لافتاً إلى أنه تم إخلاء سبيلهم من سرايا النيابة لعدم وجود جريمة من الأساس، غير أن الضابط كرر ضبط متهمين جدد وعرضهم على النيابة اليوم التالي فصرفتهم النيابة أيضاً. من جهته أكد المستشار سامي زين الدين رئيس محكمة جنايات القاهرة وجوب محاكمة الضابط الذي القى القبض على أشخاص بحجة أنهم مفطرون في نهار رمضان لأنه ضبطهم من دون أي مبرر قانوني يبيح له ذلك. مؤكدا عدم وجود نص قانوني يجرم الإفطار في نهار رمضان، وأن الضابط ارتكب جريمتي إساءة استعمال سلطته وكذلك احتجاز مواطنين بدون وجه حق.. لعدم وجود نص قانوني يجرم الإفطار في نهار رمضان ولا يجوز أن يوجد مثل ذلك النص القانوني، لأنه سيكون مخالفاً للشرع الذي أباح الإفطار ومنح رخصا للناس أن تفطر في حالات معينة ليس من حق أحد التدخل فيها».

قبطي يلتقي ابنتيه داخل مسجد!

والحكاية الثانية أشد غرابة نشرتها في يوم الاثنين أيضا زميلتنا الجميلة في «الوطن» مروة موسى عن الزوج القبطي المسكين في الإسكندرية جوزيف الذي قالت عنه: «تعود تفاصيل القضية عندما غيّرت الزوجة ملّتها من الأرثوذكسية إلى الروم الأرثوذكس، ورفعت دعوى خُلع حصلت من خلالها على حكم بالطلاق، وأقام الأب دعوى لرؤية طفلتيه جوليا، 8 سنوات، وفيولا، 3 سنوات، وحكمت المحكمة لصالحه. يقول جوزيف لـ«الوطن»: «عندما رفعت دعوى لرؤية بنتيّ ذهبت إلى جمعية السلام الخيرية في منطقة المندرة، وحصلت منها على موافقة بالسماح برؤية بنتيّ فيها، وأعطيت الموافقة إلى المحكمة، لكن زوجتي رفضت المكان بحجة أنه بعيد، واستأنفت على الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بالسماح برؤية طفلتيّ داخل مسجد سيدي بشر، مرة واحدة كل يوم جمعة، من الثالثة مساء، ولمدة 3 ساعات.
أصابني الذهول عندما سمعت الحكم، والقاضي رفض الاستماع إلينا عندما حاولنا إقناعه بالسماح بالرؤية داخل كنيسة في المنطقة نفسها، ويستطرد: بعد 6 شهور من عدم رؤية بنتيّ اضطررت للذهاب إلى إمام المسجد للتحدث معه، فأكد احترامه للقانون وتنفيذه حكم المحكمة، وفتح لي المسجد يوم الجمعة للقاء بنتيّ، لكن الموعد يتزامن مع صلاة العصر، وأضطر أنا وبنتاي للبقاء أثناء تأدية صلاة لديانة أخرى. وناشد جوزيف الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووزير العدل، بضرورة تغيير الحكم، أو السماح له برؤية ابنتيه في مكان آخر».

حل مشاكل الأحوال الشخصية
عند المسيحيين

لكن المسكين جوزيف تلقى في اليوم التالي، أي أمس الثلاثاء خبرا مفرحاً نقله إليه وإلى غيره زميلنا في «الأخبار» جميل جورج في مقال له عن التغييرات الجديدة في قانون الأحوال الشخصية. قال فيه: «في الأول من شهر يوليو/تموز، يبدأ العمل بالنظام الجديد لحل مشاكل الأحوال الشخصية عند المسيحيين، بعد أن تم تقسيم العمل في المجلس الإكليريكي الى ستة مجالس تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثاني. وهو ما جرت دراسته بين قداسة البابا تواضروس الثاني، والمستشار أحمد الزند وزير العدل حتى تأخذ قرارات المجلس الاكليريكي طريقها للتنفيذ وهي استرشاديه لا مجال فيها للتلاعب. القانون الجديد الهدف منه سرعة الإنجاز، وتطبيق الرؤية في الأماكن المسيحية، ويؤخذ ببطلان الزواج إذا تكشف للطرف الآخر إدمانه، أو عدم الرضا بالضغط على الفتاة، أو عدم بلوغ السن القانونية عند الزواج، أو اكتشاف موانع الزوج خلال ثلاثة أشهر من الزواج بشهادة طبية، أو الشذوذ أو الغيبة ٣ سنوات، ويتم البت في القضية خلال ستة أشهر وبحد أقصى سنة، مع مراعاة السرية الكاملة في المعلومات، وقد روعي في التشريع الجديد النص على شريعة كل طائفة في حد ذاتها، والقضاء على أي شائعات الانتقال إلى طائفة أخرى تبيح أي مزايا أخرى».

إباحة زواج المثليين

وإلى المعارك والردود وأولها الصحافة التي تعرض لها زميلنا وصديقنا محمود بكري رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «الأسبوع» التي تصدر كل اثنين. بعد قراءته حكم المحكمة في أمريكا بإباحة زواج المثليين وأشاد الرئيس الأمريكي أوباما بالحكم فقال: «لقد خرج علينا «إله الشر» المدعو باراك أوباما ليتوج هذا الحكم البغيض، ويتغزل في معناه، ويصفه بـ»الخطوة الكبرى» في مسيرة أمريكا، لتحقيق المساواة.. وهي مساواة في الرذيلة والفجور وارتكاب فواحش الأمور، وبعد أن هلل للحكم، وأبدى دعمه ومساندته للشواذ جنسيًا، عبر الاتصال بأحدهم هاتفيًا، وهم يتحلقون أمام باب المحكمة، لحظة إصدارها حكمها، قال: «لقد أصبح من حق الشواذ جنسيًا الزواج كأي أشخاص آخرين».
هكذا قالها بالفم المليان.. لم يشعر بالخجل وهو يقولها.. ولم يتذكر أصله الأفريقي، حيث يعرفون هناك معنى القيم والأخلاق، ولم يدر بخلده أن له جذورًا إسلامية، تعرف معنى الحلال والحرام، وأن اسمه باراك حسين أوباما.. إذ راح يغرد على تويتر وكأن بلاده الجديدة التي جاءت بأهله «عبيدًا» من القارة السوداء، قد حققت نصرًا كاسحًا في معركة للشرف والكرامة».

مصر تشهد الآن
حالة إنقسام عميقة

لكن زميلنا وصديقنا في «الأهرام» نبيل شرف الدين في اليوم نفسه وفي مقال له في «اليوم السابع» كتب لنا عن مجتمع مصر هي أمه وأمي قائلاً عنه: «التسامح غير المفهوم مع السلفيين وأحزابهم فهؤلاء «دواعش كامنة» سينسفون التناغم الاجتماعي، ويعمقون الاستقطاب بهجومهم المستمر ليس على المسيحيين وحدهم، بل تمتد عدوانيتهم لمخالفيهم من المسلمين. فالمجتمع المصري كان لقرونٍ طويلة «متنوعًا ومتسامحًا»، واتسع صدر المصريين لاستقبال الغرباء المضطهدين، كما حدث ليهود أوروبا والأرمن وغيرهما، لكن البلاد شهدت خلال العقود الماضية تحولا جذريًا، فأصبح يضيق حتى بشرائح أصيلة من المصريين، بعيدًا عن اللغو الفارغ حول النسيج الواحد وغيره من الهراء، فما يقال أمام الكاميرات، أو في الخطاب الرسمي منعدم الصلّة بالواقع. ودعونا نعترف بشجاعة أن مصر تشهد الآن حالة إنقسام عميقة، لا يرى المراقبون أفقًا لاحتوائها، بعدما بلغت تداعياتها حدا أصبحت معه صورة المصري البشوش الطيب مجرد «حالة فلكلورية».

علاقة الرئيس برجال
الأعمال مرتبكة ومركبة

أما زميلنا وصديقنا إبراهيم منصور رئيس تحرير جريدة «التحرير» فقد اختار يوم الاثنين ايضاً ليتحدث لنا عن اجتماع الرئيس مع عدد من رجال الأعمال ومجلس أمناء صندوق تحيا مصر قائلا: «كلما يلتقي الرئيس برجال أعمال، خصوصا في لقاءات صندوق «تحيا مصر» – الذي أسسه ليجمع 100 مليار جنيه لصرفها على مشروعات مساندة لجهود الدولة – يخاطبهم «هتدفعوا يعني هتدفعوا»، كما أكد ذلك في الإفطار الذي دعا إليه أول من أمس، عندما قال لهم: «هل ستخرجون من هذا اللقاء في صندوق تحيا مصر من غير ما تدفعوا». ويبدو أن أحدا من رجال الأعمال الحاضرين للإفطار لم يدفع جنيها واحدا.
ومنذ تم تأسيس هذا الصندوق الذي يعتمد فيه رئيس الجمهورية على رجال الأعمال لجمع 100 مليار جنيه.. فقد مني بالفشل، ولم يتم جمع تبرعات اللهم إلا عدة مليارات، ربما لا تتعدى أصابع اليــــد الواحــــدة، رغم وعود كثيرة من رجال أعمال يحاولون الالتحاق بالنظـــام، الذي يتشكل، إلا أنهم يصرفون على استئجار الطائرات الخاصة وتحميلها ببعض من أتباعهم في رحلات الرئيس في الخـــارج، ليبدو أنهم من مؤيديه ومناصريه.. هكذا يفعلون.. لكن عندما يتعلـــق الأمر بدفع الحساب أو التبرعات.. فإنهم لا يسمعون ويضعون أصابعهــم في آذانهم.. كأن ليس لهم علاقة. عموما علاقة الرئيس برجال الأعمال مرتبكة ومركبة.
فهناك حذر متبادل.. فقد تخيلوا في البداية أنه سيعصف بهم، وأنه يستطيع الحصول على حق الدولة من المكاسب التي حققوها خلال السنوات الماضية. فتحالفوا لأجل أن لا يتنازلوا عن أي مكاسب حصلوا عليها بالفساد.. واستطاعوا أن يبتزوا الحكومة ويحصلوا على كل ما يريدونه من خصم في الضرائب وإلغاء ضرائب البورصة. ولا أعرف – ولا يعرف غيري- لماذا يتعامل الرئيس مع رجال الأعمال بتلك الطريقة.. كأنه يشحت منهم لصالح البلد «راجع ما قاله لهم إنه لو معايا 100 مليار لادفعهم للبلد»، ولكنهم ليسوا من هنا. ومع تقديري لبعض من رجال الأعمال الذين يعملون في صمت ومن أجل مصلحة الوطن.. هناك من اكتسبوا وحصلوا على ثرواتهم، التي تقدر بالمليارات من على قفا الشعب، ومن فسادهم مع مبارك وعائلته. فلن تجدي مع هؤلاء مناشدة الرئيس السيسي لهم للتبرع من أجل الوطن والغلابة ومشروعات البلد. وإنما تجدي معهم المحاسبة والسؤال «من أين لك هذا؟». فلنطبق القانون.. وساعتها سيجد الرئيس السيسي أكثر من مئة مليار.. وبالقانون».

مشروع 30 يونيو السياسي

ونبقى في يوم الاثنين ومقال الكاتب فهمي هويدي في «الشروق» عن 30 يونيو/حزيران ومشروعها السياسي ومما جاء فيه: «رغم أن انتفاضة 30 يونيو لم تبح بأسرارها بعد، فإن مشروعها السياسي الذي صار متمثلا في مواجهة الإرهاب ما يستحق المناقشة والمراجعة. الحدث أكبر بكثير مما نظن. ذلك انه يمثل منعطفا بالغ الأهمية وعميق الأثر في تاريخ مصر. وهو ما يتعذر الإحاطة به في الوقت الراهن. ذلك أن الغموض سيظل يكتنف خلفيات وقائع ما جرى في 30 يونيو، والسياسات التي أعقبت ذلك التاريخ، في الأجل المنظور على الأقل. ولست أشك في أن أحداث تلك المرحلة ستظل مادة خصبة للباحثين والمؤرخين، الذين قد تغريهم غوامضها بالمغامرة ومحاولة سبر أغوارها وتقصي حقائقها كما كانت، وقبل أن تعاد صياغتها لكي تتكيف مع الأوضاع المستجدة. وإلى أن يحدث ذلك سيظل الغموض سيد الموقف والمجهول أضعاف المعلوم، لذلك أزعم بأن الجزء الغاطس مما جرى في 30 يونيو لايزال أكبر بكثير مما طفا منه وظهر على سطح الواقع، وأحدث تأثيره وأصداءه داخل مصر خارجها. إن ثمة قائمة طويلة من العناوين ستتطلب جهدا خاصا من الباحثين والمؤرخين للكشف عن حقائقها وتتبع خيوطها. فليس معلوما مثلا نصيب الدولة العميقة ولا الدور الإقليمي في إيصال الأمور إلى ما وصلت إليه في ذلك التاريخ. وليست معروفة وجهة النظر الأخرى في حقائق مرحلة حكم الإخوان التي أفضت إلى عزل أول رئيس مدني في تاريخ مصر، جاء بانتخابات حرة ونزيهة. كما أن العلاقة بين ثورة 25 يناير/كانون الثاني وانتفاضة 30 يونيو تحتاج إلى تحرير، بعدما تبين أن الانتفاضة الأخيرة نالت من ثورة يناير بأكثر مما نالت من الإخوان. كما أن هناك علامات استفهام كثيرة حول دور عناصر النخبة في ما جرى، والتحالفات التي دخلت فيها لتصفية حساباتها، أو للقيام بدور في المجال العام، الأمر الذي دفعها إلى التخلي عن منظومة القيم والمبادئ التي دأبت على التبشير بها. ولا يقل أهمية عما سبق رصد التغير الذي طرأ على مدنية النظام السياسي المصري، وأدى إلى إعادة تشكيله على هيئة جديدة. وكذلك تبيان حدود وطبيعة التغيير الذي طرأ على العقيدة العسكرية للقوات المسلحة في المرحلة الجديدة، ما أدى إلى تحولها من حماية الحدود والتصدي لعدو الخارج إلى حماية النظام ومواجهة تهديدات الداخل.
جدير بالذكر في هذا السياق أن الغموض لم يعد مقصورا على ما جرى في 30 يونيو، لأنه بات يكتنف أيضا بعض فصول تاريخ ما بعد الثورة. أعنى بذلك إعدام ودفن تقريري لجنتي تقصي حقائق أحداث ثورة 2011 وفترة حكم المجلس العسكري عام 2012. والأول أعدته لجنة من كبار القضاة والخبراء رأسها المستشار عادل قورة رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق. والثاني أعدته لجنة مماثلة رأسها المستشار عزت شرباص نائب رئيس محكمة النقض السابق.
إزاء ذلك فلعلي لا أبالغ إذا قلت إن انتفاضة 30 يونيو تثير لدى الباحث في الوقت الراهن أسئلة أكثر مما تقدم من أجوبة. وإذا تعذر علينا أن نتحدث عن الجزء الغاطس من المشهد، فإن ما ظهر منه يظل من الأهمية بمكان، ورغم أن غياب الرؤية يظل سمة أساسية لذلك الجزء الظاهر، إلا أننا نستطيع أن نلمس جهودا واضحة في المجالين الاقتصادي والسياسي، ولأن الأول له أهله وليس لي فيه باع، فبوسع مثلي أن يرى أن ملف الإرهاب أصبح أحد العناوين العريضة للأزمة السياسية، حتى بدا وكأن التصدي للإرهاب بات يمثل جوهر المشروع السياسي الذي خرج من عباءة انتفاضة 30 يونيو، وهو ما يستحق أن نقف عنده ونقلب بعض صفحاته».

كلمة حق بحق الوطن والمواطن

اما زميله عمرو حمزاوي فقال لنا يوم الثلاثاء كلمة حق: «لن يتسامح معنا ضمير الوطن إذا نحن صمتنا عن إدانة جرائم عصابات الإرهاب والعنف التي تنتهك حق كل الناس المقدس في الحياة وتستبيح حرمة كل الدماء وتفرض خرائط الألم والحزن على مجتمع مكلوم. لن يتسامح معنا ضمير الوطن إذا نحن تـــجاهلنا مســـؤوليات تضــامن المواطن والمجتمع والدولة في مواجهة الإرهاب الذي باعتداء الأمس على النائب العام اتجه مجددا إلى ممثلي الدولة من موظفي العموم وأعضاء للسلطة القضائية.
لن يتسامح معنا ضمير الوطن إذا نحن تهاونا في التشديد على أن مواجهة الإرهاب والعنف ينبغي أن تدار بالتزام بسيادة القانون وبمقومات التقاضي العادل وبضمانات حقوق الإنسان، وأن الأدوات العسكرية والأمنية بمفردها غير كافية ﻹبعاد البيئات المجتمعية القابلة أو الحاضنة للعنف عنه وعن ممارساته ولتحصينها إزاء التبرير الفاسد للقتل ولاستباحة حرمة الدماء وللاعتداءات وللدمار.
لن يتسامح معنا ضمير الوطن إذا نحن عجزنا عن إدانة الوضعية الكارثية الراهنة للحقوق وللحريات وتراكم المظالم والانتهاكات التي أصبحت تحاصرنا باختفاء قسري وبحبس احتياطي ألغي حده الزمني النهائي ويواصل إسقاط ضحاياه بأعداد مروعة وبتواتر لحالات موت المسلوبة حريتهم داخل أماكن الاحتجاز، وحالات انتهاك كرامتهم الإنسانية بفعل التعذيب وغيره من الجرائم، أو إذا نحن أخفقنا في الربط بين حتمية مواجهة الإرهاب والعنف والتطرف وبين الحتمية الثانية التي تمثلها مواجهة العصف بسيادة القانون والمطالبة بإيقاف المظالم والانتهاكات التي تهدد أيضا بقسوة حق المواطن المقدس في الحياة وتقضي على السلم الأهلي للمجتمع وتلحق بالدولة ومؤسساتها وأجهزتها الكثير من الأضرار الفادحة الناجمة عن فقدان ثقة الناس في العدل وفي منظومة العدالة الحامية لنا جميعا ــ بدون تورط في تفسيرات ميكانيكية للإرهاب الذي لا تقتصر مسبباته أبدا على حضور الاستبداد والظلم والفساد.
هذه لحظة للحقيقة ولكلمة الحق، فدعونا نتحمل أعباء الاعتراف بالأولى والجهر بالثانية».
&