منصور أبو العزم

لقد أعلنوها بكل وضوح ودون أدنى لبس.. إنها الحرب ضد الدولة المصرية حتى تسقط، ويعلنون الدولة التى فى خيالهم ونحن بفشلنا نساعدهم على تحقيق أهدافهم..وقد مللنا القول بأن الحرب ضد الإرهاب ليست حرب عضلات ولا مدرعات ولا طائرات أباتشى فقط، وإنما هى فى البداية والنهاية حرب معلومات دون أن نعرف أين يختبئ هؤلاء.. وما هى معداتهم.. والأوكار التى يعملون داخلها سواء سيناء أو أى منطقة أخري، فإن القضاء عليهم سيظل مسألة صعبة.

فاغتيال النائب العام منذ أيام وما حدث فى سيناء أمس يؤكد بكل وضوح أننا دولة لا تتعلم، ويبدو أنها لن تتعلم من التجارب التى تمر بها، لأننا بكل بساطة نستيقظ كل صباح ونصفر العداد على الزيرو، و«ندلت» كل ما مضى دون أن نستخلص الدروس التى تساعدنا فى المستقبل، والدرس الأول فى عمل الأمن الناجح هو المعلومات، والمعلومات، والمعلومات، ويبدو أننا فشلة فى جمع المعلومات وتحليلها والربط بينها واستخلاص نتائج تقودنا فى العمل. ففى الكويت، فجر إرهابى نفسه داخل مسجد شيعى، ولم تمض سوى ساعات، إلا وكانت السلطات الأمنية قد عرفت هوية المنفذ، واسمه، وجنسيته، وكيف دخل الكويت ومتي، ومن ساعده، والسيارة التى استخدمها وصاحبها والفندق الذى بات فيه ليلته، وحصل تبادل معلومات مهم مع الأجهزة السعودية والتنظيم الذى ينتمى إليه الإرهابى السعودى. وفى الإمارات، قتلت سيدة إماراتية سيدة أمريكية داخل أحد «المولات»، وحاولت الهرب عبر المطار مرتدية عباءة سوداء ونقابا، غير أن الكاميرات المزروعة فى كل ركن فى الإمارات العربية رصدتها واعتقلتها السلطات وحكمت عليها. ونحن فى مصر يعقد وزير الداخلية اجتماعات مع مساعديه ويجتمع الرئيس مع الوزير قبل ذكرى 30 يونيو، لبحث الإجراءات الأمنية، ولكن قبل يوم واحد نفاجأ بأكبر عملية إرهابية منذ 30 يونيو 2013، ويروح ضحيتها النائب العام الذى يعد أول نائب عام مصرى يتم اغتياله منذ بدأ الإسلام السياسى فى تكفير وترهيب المجتمع، فى الوقت الذى يفترض فيه أن تتمتع البلاد بأكبر نسبة أمان فى ضوء «الكلام» عن الاستعدادات الأمنية، والاجتماعات وغيرها وأمس ما حدث فى سيناء هو كارثة أخرى أراها أكبر من استشهاد شخص واحد أيا كان موقعه، فالإهمال أسلوب حياة فى مصر، وليس الأمن وحده، ولا أحد فى مصر ـ إلا القليل ـ يؤدى عمله ويتقنه كما يطالبه دينه، أو كما يفعل الناس فى الخارج. إن لم نتعلم جمع المعلومات وتحليلها والعمل من خلالها كقاعدة أساسية للأمن، فإن الاعتماد على القوة والعضلات والمدرعات لن يفيد فى شىء!