هيفاء الحبابي

هل يمتلك "داعش" جيشا لا يهزم؟ هل الدواعش صناعة استخباراتية؟ هل لنا أن نفهم أن الدواعش بعد العمل الإجرامي الذي ضرب ثلاث قارات في يوم واحد؛ قد فرضوا وجودهم في المنطقة؟

&


أود أن أبدأ بتقديم التعازي لشهداء القارات الثلاث. إن ما حدث في ثاني جمعة من الشهر الفضيل يصعب على أي إنسان استيعابه دون أن يخطر على باله ألف سؤال، تدور جميعها عن داعش!
مَن داعش؟ هل يمتلك التنظيم جيشا لا يهزم، ولا نستطيع حصره؟ هل الدواعش صناعة استخباراتية؟ هل لنا أن نفهم أن الدواعش بعد العمل الإجرامي الذي ضرب ثلاث قارات في يوم واحد؛ قد فرضوا وجودهم في المنطقة؟ أم أنه نوع من استعراض العضلات؟!
جميع هذه الأسئلة وزيادة طرقت باب كثيرين، غير أن أغلبها لم يجد الإجابة، ولمحاولة فهم وتقريب ظاهرة "داعش" وكيفية تناول العالم معها، ينبغي ربطها بظاهرة معروفة للعالم بأسره كثرت الأقاويل عنها والإشاعات أيضا.
لم يكن لمثلث برمودا أي وجود أو سابق تاريخ أو معرفة قبل عام 1945، عندما اختفت 5 طائرات للبحرية الأميركية، يتبعها اختفاء لطائرة الإنقاذ العملاقة التي حاولت البحث عنهم، وإرسال الطائرات قبل اختفائها رسائل تخبر عن تعطل في البوصلة، وتصرفات غريبة في الأجهزة الإلكترونية للطائرات بمجرد اقترابها من منطقة مثلث برمودا، والتي لم تكن معروفة وقتها.


كذلك تنظيم "داعش" الذي بدأ كجماعة التوحيد والجهاد عام 1999، ثم بايع "القاعدة" في 2004 وانفصل عنها بعد 10 سنوات في 2014، فأصبح ما يعرف الآن بـ"داعش"، رغم إلغائه اسمَيْ العراق والشام من مسمى الدولة، فأصبح الدولة الإسلامية فقط، وذلك لاعتقاد مقاتيله أنهم أزالوا الحدود.


العنصر الرئيس الذي تشترك فيه هاتان الظاهرتان هو نظريات تفسيرها، فلو نأخذ مثلا إحدى نظريات تفسير الظواهر الغريبة لمثلث برمودا، وهي أنها تشكلات عجيبة في الطقس! فسنجد أنها نظرية عجيبة حقا، فهي تتوقع أن الطقس في هذه المنطقة مختلف بشكل كبير عن باقي المناطق على الأرض. تعتمد النظرية على زيادة كثافة السحب في هذه المنطقة، والتي تتسبب في كثير من العواصف الشديدة نتيجة تيارات الهواء الدافئ والبارد للمحيط.
تشبه هذه النظرية في سطحيتها إلى حد كبير نظرية نشأة "داعش" التي تقول إنها عناصر لقوات مُرتزقة جمعتها أجهزة استخبارات بهدف تفتيت الدول العربية والإسلامية. وعلى الرغم من سطحية الطرح للظاهرتين إلا أنهما يبقيان الأقوى والأقرب للتصديق، ذلك ليس بسبب قوتهما أو صحتهما، لكن بسبب ضعف باقي الأسباب واقترابها من الخرافة.


فهناك نظرية تقترح أن تكون مدينة "أطلانطس" الأسطورية في موقع مثلث برمودا تحت الماء. تعتمد هذه النظرية على أن هناك كثافة كبيرة لكريستالات الطاقة التي كانت تستخدمها المدينة للحصول على الوقود، والتي تؤدي إلى خلل في أجهزة الطائرات والسفن في منطقة مثلث برمودا! كما أن هناك نظرية عن داعش تقول إن التنظيم خرافة، وهو ليس سوى مجاميع متنقلة من المقاتلين الذين لا يجمع بينهم هدف مشترك سوى أن يكونوا أعضاء في تلك الجماعة التي تمدهم بالأموال السخية. تريد منا هذه النظرية أن نصدق أن دولا كبرى عجزت عن التصدي لمسلحين فوق سيارات ذات دفع رباعي صنعت في اليابان؟!
ففي هاتين الظاهرتين لن يخوننا الخيال إذا ما قيل لنا إن الدواعش مجرد مشاهد من فيلم سينمائي، يراد له أن يكون بديلا عن الواقع.


لأنه عندما لا نتمكن من تفسير حدث برغم ما توصلنا إليه من علم يصبح مكانه في المجهول بين الخوارق، إلا أن نثبت عدم صحته فيكون عندئذ خرافة أو دليلا مزورا، أو أن ندرك مع الزمن ماذا يحدث فيصبح معلوما أو يبقى موضع جدل وشبهات في التاريخ فيصبح أسطورة.


كم تمنيت أن ما نراه اليوم من قتل وبطش وعنف لا يمت إلى الحقيقة بصلة، ليكون خرافة.
&