&مطلق بن سعود المطيري


زادت حصيلة القراءات السياسية للعلاقات السعودية - المصرية في الفترة الاخيرة وكثرت معها الاخطاء، نتيجة صبغ بعض هذه القراءات بالتمنيات وإدخال بها النفس الثأري للقصاص - تجاوزا - من حكم الرئيس السيسي، ويتحمل الجزء الاكبر من هذه الاخفاقات التحليلية بعض وسائل الاعلام المصرية، وخاصة تلك الوسائل التي كانت في السابق محسوبة على الحزب الوطني "حزب الرئيس مبارك " فأعادت نفس اخطائها في ثورة يناير، حيث لم تجد وسيلة للدفاع عن استقلاليتها عن النظام السابق الا بتأييد خصومه، فاجادت بتغيير مواقفها ولم تغير قناعة الناس لذلك زاد صراخها وضاع فكرها..

المملكة دولة لها حدود في سياستها وامامها خياراتها الخاصة بها، ولكن لم تكن القاهرة خارج هذه الحدود او خيارا مستبعدا في السياسة السعودية، وكذلك تتعامل القاهرة بنفس هذا المستوى، فهي شريك في عاصفة الحزم والرياض الداعم الرئيسي السياسي والتنموي للقاهرة، الدفاع عن متانة العلاقة السعودية - المصرية دفاع لا يستلزم الهجوم على المشككين بقوتها وفرادتها، ولكن يتطلب معرفة الدوافع التي تقف وراءها، ولحسن الحظ هذا امر بسيط جدا ويعود ذلك لوضوح مسارات العلاقة والنهج الذي يتبعه البلدان في تنميتها.

من الخطأ اتهام جماعة الاخوان بالوقوف وراء الحملات المناهضة لعلاقة البلدين، فالجماعة لم تخسر السياسة بل خسرت معها خطابا وقدرة على التواصل والاقناع، فمن اخطائها الفادحة أنها ارادت ان تقدم مصر كبش فداء لشرعيتها وتحولت هي لكبش فداء، فهذه عبقرية الشخصية المصرية التي فسرها لنا المفكر جمال حمدان..

القضية بالاساس تعود لبعض الكتاب المصريين الذين يرون في سلفية الدولة السعودية خصما لهم، فعارضوها بكل ما استطاعوا من قوة، فمرة يرون انها هي من تغذي فكر الارهاب، ومرة يرون انها سبب في تدين الشعب المصري وكأن التدين خطأ حضاري يجب ان يصوّب، لو كانت هذه القناعات شيئا خاصا في كاتب لما عظم الامر، بل المشكلة إصرار بعض المحسوبين على الثقافة المصرية بأنها مشروع سعودي مصدر لهم، وتجاوزوا بذلك مئات بل آلاف الأئمة السلفيين المصريين الذين نشروا العلم السلفي بكل بلاد الاسلام، فإحراق الكتب السلفية في القاهرة شيء خاص في مصر، ولكن ان يتحول الاحراق الى مشروع فكري يناهض العلاقة المميزة بين المملكة ومصر فهذا امر لا يجب السكوت عليه اولاً من النخب الفكرية المصرية التي عرفت بأصالة فكرها واستقلاليته، وثانيا على إعلام الدولتين بان لا يجعل من قضايا الاختلافات الفقهية إن وجدت قضية اختلافات سياسية..

مصر لن تتغلب على الإرهاب بل سوف تأكله، فلا حجة له في ارضها سواء كانت دينية او سياسية او حتى عسكرية، فبلد الازهر لا يحتاج لفتاوى داعش، والدبلوماسية المصرية لا تحتاج لمشورات دكاكين السياسة الموزعة على الشوارع الخربة في العالم، وكذلك الرياض، فلهما من الحكمة وتقدير استحقاقات التاريخ والمرحلة ما يغنيهما عن سواهما.
&