&&مطلق بن سعود المطيري


هل اجتماع أصحاب المذهبين في مسجد واحد والصلاة خلف إمام واحد يعد اتفاقا غير مسبوق في تاريخ الاختلاف بين المذهبين، ام أن الامر صورة مؤقتة من اشكال التضامن تنتهي بانتهاء مراسم العزاء على الارواح الطاهرة التي لقيت وجه ربها بتفجير عناصر داعش الارهابية؟ فالاختلاف بين المذهبين حقيقة وليس شيئا طارئا والا ما اختلفت المسميات بين مسجد وحسينية، والاعتراف بهذا الاختلاف حق واحترامه واجب تقتضيه حرمة دم المسلم على المسلم وعرضه وماله.

المطلوب في الوقت الصعب أن نحترم اختلافاتنا ونقرها في سلوكنا المعلن ولا ننافقها، والا نجعل من اصول عباداتنا ثمناً للاخطاء السياسية والارهابية، فالارهاب يوحدنا حول وطن واحد وليس حول مذهب واحد، فالصلاة ليست نشيدا وطنيا يلتزم به كل ابناء الوطن ولكنها عبادة يحكم على سلامتها بأركانها وشروطها التي تختلف من مذهب لمذهب، فالتعسف في صناعة مشاهد التضامن يعجل بنهايتها، اما الالتفات نحو اقرار مشاهد الاختلاف والاعتراف بها فهو الشيء الضامن لخلق حالة التوافق والتسامح والرضا بالاختلاف والعيش تحت مقتضياته.

التضامن يكون في الشارع والحي والعمل لا يقدم هذا ويؤخر ذاك، ولا يكون حالة عاطفية انفعالية محدودة بزمنها وظروفها، في العبادة نحن مختلفون ولكن على سلامة الوطن متفقون، نريد تضامنا خاليا من الشوائب والنفاق، فصلاة السني في حسينية يريد بها ان يوصل رسالة سياسية وليس لتأدية صلاة، وكذلك هي حال الشيعي في مسجد السنة، فخلط العبادة بالسياسة شيء يعقد اساسات التوافق ولا ينتجها، هل اذا شاهدنا سنيا يمتنع عن الصلاة في حسينية نعده انسانا ضد التوافق المجتمعي، أو اذا شاهدنا شيعيا لا يرى الصلاة خلف امام سني نقول عنه انه ضد الوطنية.

الرد على ارهاب داعش يكون برفع الاعتبار الوطني عالياً فوق كل الاختلافات وتعزيزه بمظاهر الولاء والتضحيات للوطن، الوطن حق يجمع المذهب مع المذهب ويعطيهم حرية العبادة بالمذهب الذي يرون، الامراض المذهبية داء أصاب الجماعات المتطرفة التي لا ترى وجوداً لها الا بتحريض مذهب على مذهب ليكون لها في تمزيقهما وجودا لا يأخذ اعتبارا لمصلّ في حسينية او مسجد فكلاهما عدو له.

الوقوف صفا واحدا في وجه الارهاب لا يكون الا باحترام الارض الواحدة التي جمعت أكثر من دار للعبادة، ولم تلزمهم بدار للعبادة واحدة هكذا نكون محترمون ومستقرون باختلافاتنا، ولا نكون موحدين نتيجة عصا داعش التي يرفعها بوجوهنا سنة وشيعة، فليذهب السني لمسجده والشيعي لحسينيته داخل حدود هذه الارض المباركة والواحدة.
&