مونتريال - علي حويلي: تتنامى مشاعر الدهشة والصدمة أوساط الكنديين لدى رؤيتهم شباناً وشابات ولدوا على ارضهم وتعلموا في مداراسهم وجامعاتهم، ينقطعون فجأة عن دراستهم ويتخلون عن مستقبلهم وأهلهم ويطيحون حلمهم الكندي الذي زودهم علوماً ومعارف وخبرات، وغرس في نفوسهم قيم الحرية والديموقراطية ووفر لهم ضمانات اجتماعية وصحية وغيرها من المكتسبات التي يعز نظيرها في أوطانهم الأم، فيتنكرون لوطنهم الثاني ويغادرونه بعدما بات في نظرهم «ارض كفر» ويلتحقون بـ «جند الخلافة» في بلاد الشام.

وتشير تقارير جهاز الاستخبارات الكندي (جي آر سي) الى انه منذ العام 2013 غادر البلاد ما لا يقل عن 240 شاباً وشابة (تتراوح اعمارهم بين 17 و20 عاماً) معظمهم من طلاب الجامعات والسيجيب (مرحلة ما قبل الجامعة) للالتحاق بصفوف المنظمات الإرهابية.

ويرتبط هؤلاء، بحسب اعترافات خلية مونتريال المكونة من عشرة طلاب ألقي القبض عليهم أخيراً في المطار، في شكل مباشر أو غير مباشر، بأشخاص متأثرين بعقائد الجهاديين او بمنظمات اصولية او بجمعيات دينية اسلامية ولهم علاقة بمخططات ترمي الى جعل مونتريال ممراً لتوجه الجهاديين الى سورية والعراق.

ويؤكد جوسلان بلنجر مدير مركز الوقاية في بلدية مونتريال وأنشئ خصيصاً لمراقة النشاطات الارهابية، ان «هؤلاء الشباب هم جزء من خلايا نائمة تحركهم جهات منظمة تعتمد في شكل اساسي على شبكات التواصل الاجتماعي (فايسبوك) وعلى مجموعات طلابية في سيجيب» روزمون وميزونوف «توفر لهم المعلومات والاموال وبطاقات السفر وتجنيد المتطوعين».

وكشفت دراسة صدرت أخيراً عن الحكومة الفيديرالية حول اقبال الشباب على ايديولوجية الجهاديين عن الطلب الى الدوائر الامنية تبني مقاربة جديدة تقوم حالياً على الحذر ورصد المعلومات من كل المصادر المتاحة بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي والتعاون مع ذوي المتهمين وتخفيف المداهمات والاعتقالات وعدم نشرها في التقلرير الأمنية وفصل النشاطات الداخلية عن الخارجية.

وتعترف الدراسة بأن الإحاطة بمعرفة الدوافع الكامنة وراء الاتجاهات الاصولية والحركات الراديكالية والتمييز بين ايديولوجية اسلامية معـــتدلة وايديولوجيات متطرفة، هو امر معقد ومقلق ومتشعب، اذ غالباً لا يبوح المجندون الاسلاميون بعقائدهم الا عندما يهربون من «ديار الكفر» ويلتحقون بجند الخلافة الاسلامية «فيحفظون دينهم، وأجرهم في ذلك عند الله عظـــيم. والله يعد المجاهدين بثواب الدنيا والآخرة، ولا يخلف وعده»، وفقاً لما جاء على لسان احد طلاب سيجيب في شريط مصور الشهر الماضي.

ويتحدث الضابط المسؤول عن عمليات شـــرطة الخــيالة الملكية الكندية، جيمس ماليزا، عن سيناريوات مربكة للحكومة الكندية اهمها: متابعة عمليات السفر المتكررة لدواعي الجهاد مع الجماعات الارهابية، وعودة المجندين الى كندا لسبب او لآخر وصعوبة مراقبتهم «تحت الرادار»، وتأثيرهم على شباب آخرين، وتشكيل خلايا نائمة.

وأكثر ما يخشاه ماليزا هو ان احتمال عودة المجندين يشكل بحد ذاته «أكبر مصدر للقلق للأمن الكندي» فهو «يتجاوز قدرتنا على السيطرة وتغطية نشاطات المشتبه بهم ونشر دعوات التطرف والعنف، وجمع التبرعات تحت مظلة جمعيات انسانية، مشيراً الى ان هذه الأخطار لن تتبدد في المستقبل القريب. وكشف عن وثيقة تحت عنوان «المسافرون الخطيرون».- voyageurs a haut risque. تهدف الى معالجة مجمل هذه الارباكات من طريق تعيين نحو 80 موظفاً من شرطة الخيالة الملكية الكندية «ولكن هذه الوثيقة تعترف بأن هذا العدد لا يكفي، وقد يحتاج الى آلاف من مراقبي المسافرين على مدار الساعة. وكندا ليست لديها القدرة على تغطية هذا السيناريو».