وليد الرجيب

رحبت غالبية دول العالم، بما فيها الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي، بالاتفاق التاريخي بين الدول الكبرى وإيران، حول برنامج إيران النووي وأهميته لدول المنطقة، وهو ما يُخرج منطقة الشرق الأوسط من حالة العداء والفتن والاصطفافات الطائفية، والاتجاه نحو التعاون على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين دولها وشعوبها.

وعلى عكس حالة التفاؤل التي سادت دول العالم والمنطقة، من أن يؤدي ذلك إلى حالة سلام واستقرار بالمنطقة، فقد نشرت بعض المواقع الالكترونية تصريحا نسب إلى عضو مجلس الشورى الإيراني الدكتور ناصر سوداني، بعد اجتماعه يوم الاثنين 13 يوليو 2015، مع شخصيات محسوبة على المعارضة البحرينية «المقيمة في الخارج»، دعا فيه ناصر سوداني إلى ضرورة الاستعداد لما أسماه «مرحلة الكفاح المسلح في البحرين»، وجاء هذا التصريح متزامناً مع الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى.

ورداً على هذه التصريحات الخطيرة، أصدرت القوى الوطنية والتقدمية في البحرين، بيانين لكل من المنبر التقدمي – البحرين، وجمعية العمل الوطني الديموقراطي «وعد»، استنكرتا فيهما التوجه الخطير الذي يتعارض مع ما دأبت عليه قوى المعارضة الوطنية البحرينية، من دعوات نحو الاستمرار في النضال السلمي وعدم جر البلاد لسيناريوات مرفوضة من العنف والعنف المضاد، واعتبرت تصريح عضو مجلس الشورى الإيراني، تدخلاً مرفوضاً في شؤون البحرين، من شأنه أن يسيء لمطالب الشعب البحريني العادلة والمشروعة، وإن مثل هذه التوجهات الخطيرة مدانة وتفرض ضرورة توخي الحذر والحيطة والتعاطي بمسؤولية وطنية، ورفضت القوى الوطنية البحرينية أن تُجر البحرين إلى أي نوع من التدخلات الأمنية أو العسكرية.

وأكدت جمعية «وعد» أهمية الاتفاق النووي، الذي سيعمل على تبريد الأجواء الأمنية والسياسية في المنطقة، ويؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات بين إيران وجيرانها، وذلك على قاعدة حسن الجوار واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ولجم الاستقطابات الطائفية والمذهبية، التي تشكل خطراً على الاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي.

ومن جانب آخر يرى بعض المحللين السياسيين، أن الاتفاق النووي رسم بعض التفاهمات حول السياسة في الشرق الأوسط، بحيث تُطلق يد إيران في بعض المناطق وتُرفع يدها عن مناطق أخرى بالمنطقة، ويدللون على ذلك بتحرير عدن السريع عشية ابرام الاتفاق النووي، بينما يرى البعض الآخر أن هذا الانتصار وطرد الحوثيين من عدن، حدث بسبب تطورات على أرض الواقع ليس لها علاقة بالاتفاق.

أيا كان الأمر إلا أنه بات من المعروف تعدد مراكز القوى والنفوذ في إيران، بما لا يتوافق مع سياسة الحكومة الإيرانية في كثير من الأحيان، وقد يكون تصريح عضو مجلس الشورى، لا يمثل وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكنه بلا شك سيُلقي ظلالاً من الشك والخوف في نفوس شعوب الخليج، ويؤكد تخوفاتها من الاتفاق حول برنامج إيران النووي.

ونأمل أن يصدر بيان أو تصريح من الحكومة الإيرانية، توضح فيه ملابسات تصريحات ناصر سوداني، أو ترفضها بشكل واضح مما يسهم ببناء الثقة المتبادلة بين إيران وجيرانها، وأن تسعى إلى توحيد الخطاب والسياسة، بين جميع المؤسسات الحكومية التنفيذية والتشريعية، بما يؤكد عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.